تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[أبج]:

صفحة 285 - الجزء 3

  وحَرَّقَ الحَرُّ أَجاجاً شَاعلَا⁣(⁣١)

  وقال ذُو الرُّمَّة:

  بِأَجَّةٍ نَشَّ عنها الماءُ والرُّطُبُ

  ويقال: ماءٌ أُجَاجٌ بالضّمّ، أَي مِلْحٌ، وقيل: مُرٌّ، وقيل: شَديدُ المَرارةِ، وقيل: الأُجاجُ: الشَّديدُ الحَرارةِ⁣(⁣٢) وكذلك الجَمْعُ، قال الله ø: {وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ}⁣(⁣٣) وهو الشّديدُ المُلُوحَةِ والمَرَارَةِ، مثل ماءِ البحر، وفي حديث عليّ «عَذْبُها أُجَاجٌ». وهو الماءُ المِلْحُ الشديدُ المُلُوحَةِ، كذا نُقلَ عن ابن عباس في تفسيرِه، وفي حديث الأَحنف: «نَزَلْنا سَبِخَةً نَشّاشَةً، طَرَفٌ لها بالفَلاةِ وطَرَفٌ لها بالبَحْرِ الأُجَاجِ».

  ونَقَلَ شيخُنَا عن بعضِ أَئمّة الاشتقاق الأُجَاجُ بالضّمّ، من الأَجِيجِ، وهو تَلَهُّبُ النّارِ، فكلّ ما يَحْرِقُ الفَمَ مِن مالِحٍ ومُرٍّ أَو حارٍّ فهو أُجَاجٌ.

  وعن الحسن: هو ما لا يُنْتَفَعُ به في شُرْبٍ أَو زَرْعٍ أَو غيرِهِما.

  وقد أَجَّ الماءُ يَؤُجُّ أُجُوجاً، بالضّمّ في مصدره ومضارعه، أَي فهو من باب كتَبَ، ومثلُه في الصّحاح واللّسان وأَججْتُه، بالتخفيف⁣(⁣٤).

  وَيَأْجَجُ، كيَسْمَعُ، أَي بالفتح على القياس، حكاه سيبويه، ويَنْصُرُ ويَضْرِبُ الأَخِير حكاه السّيرافيّ عن أَصحاب الحديث، ونقله الفَرّاءُ عن المُفَضَّلِ: ع بمَكة، شَرّفها الله تعالى.

  واليَأْجُوجُ باللّام مُشتقٌّ من⁣(⁣٥) أَجَّ يَئِجُّ هكذا وهكذا إِذا هَرْوَلَ وعَدَا.

  وَيَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ: قَبِيلتانِ⁣(⁣٦) من خَلْقِ الله تعالى، وجاءَ في الحديث: «أَن الخَلْقَ عَشَرَةُ أَجزاءٍ، تسعةٌ منها يَأْجُوجُ ومَأْجُوجُ» وهما اسْمَان أَعْجَمِيَّان، جاءَت القراءَةُ فيهما بهَمْزٍ وغير هَمْز، ومَنْ لا يَهْمِزُهُمَا ويجعل الأَلِفَيْنِ زَائِدَتَيْن يقول: إِنّهُما من يَجَجَ ومَجَجَ، وهما غير مصروفينِ، قال رُؤْبَةُ:

  لَوْ أَن يَأْجُوج وَمَأْجُوجَ مَعَا ... وعادَ عَادٍ واسْتَجَاشُوا تُبَّعَا⁣(⁣٧)

  ومن هَمَزَهُمَا قال: إِنّهما من أَجَّتِ النَّارُ، ومن الماءِ الأُجَاجِ، وهو الشّديدُ المُلُوحَةِ⁣(⁣٨) المُحْرِقُ من مَلْوحَتهِ، ويكون التَّقديرُ في يَأْجُوجَ يَفْعُول، وفي مَأْجُوجَ مَفْعُول، كأَنَّه من أَجِيجِ النّارِ.

  قالوا: ويجوز أَن يكون يَاجُوج فاعولا، وكذلك ماجُوج، وهذا لو كان الاسمان عَرَبِيَّيْن لكان هذا اشتقاقَهما فأَمّا الأَعْجَمِيّةُ فلا تُشْتَقُّ من العَرَبيّة.

  وقَرَأَ أَبو العَجَّاجِ رُؤْبَةُ بنُ العَجّاجِ: آجُوجَ ومَاجُوجَ بقلب الياءِ همزاً.

  وقرأَ أَبُو مُعَاذٍ: يَمْجُوجَ بقلب الأَلفِ الثّانيةِ ميماً.

  والأَجُوجُ كَصَبُورٍ: المُضِيءُ النَّيِّر، عن أَبي عمرٍو، وأَنشد لأَبي ذُؤَيْب يَصف بَرْقاً:

  يُضِيءُ سَناه رَاتِقاً مُتَكَشِّفاً ... أَغَرَّ كمِصْباحِ اليَهُودِ أَجُوجُ

  قال ابنُ بَرِّيّ: يصفُ سَحاباً مُتَتابعاً، والهاءُ في سَناه تعود على السّحاب، وذلك أَنّ البَرْقَةَ إِذا بَرَقَت انكَشَفَ السّحابُ، وراتِقاً: حالٌ من الهاءِ في سناه، ورواه الأَصمعيّ «راتق متكشّفٌ» بالرفع، فجعل الرّاتِقَ البَرْقَ، كذا في اللسان.

  وأَجَجَ، كَمَنَعَ: حَمَلَ على العَدُوِّ، هكذا في سائر النّسخ التي بأَيْدِينا⁣(⁣٩)، وهو قولُ أَبي عمرٍو، وتَمامُه: وجَأَجَ، إِذا وَقَفَ جُبْناً، وأَنكر شيخُنَا ذلك، وقال: أَيُّ مُوجِبٍ للفتح مع عدم حرف الحلق فيه؟ وصَوّبَ التشديد، ونَسِيَ القاعدة الصّرفية أَنّه لا يُشْتَرَطُ أَن اللفْظَ إِذا كان من باب مَنَعَ لا بُد


(١) ديوانه: وحرّق الصيف.

(٢) عن اللسان وبالأصل «شديد الحرارة».

(٣) سورة الفرقان الآية ٥٣، وفاطر: ١٢.

(٤) ضبط القاموس: أجّحْتُه بالتشديد ضبط قلم.

(٥) في القاموس: «مَنْ» وعبارة الشارح توحي تصرفه بالعبارة.

(٦) في التهذيب: قبيلان.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في التكملة: وقد سقط بين المشطورين مشطور وهو:

والناس أحلافاً علينا شيعاً

(٨) الأصل واللسان، وزيد في التهذيب: «والمرارة، مثل ماء البحر».

(٩) وفي التهذيب واللسان «أجَّج» بالتشديد، ضبط قلم.