تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[حبرج]:

صفحة 315 - الجزء 3

  أَي يَقْصِدُونَه ويَزُورُونَه.

  وقال ابن السِّكِّيت: يقول: يَكْثِرُون الاختلافَ إِليه، هذا الأَصلُ ثمّ تَعُورِف استعمالُه في قَصْد مَكَّةَ للنُّسُكِ.

  وفي اللسان: الحَجُّ: [قَصْدُ]⁣(⁣١) التَّوَجُّه إِلى البَيْت بالأَعمالِ المشروعةِ فَرْضاً وسُنَّةً، تقول: حَجَجْتُ البَيتَ أَحُجُّه حَجّاً، إِذا قصَدْتَه، وأَصْلُه من ذلك.

  وقال بعضُ الفُقَهَاءِ: الحَجُّ: القَصْدُ، وأُطْلِق على المَنَاسِكِ لأَنّها تَبَعٌ لقَصْدِ مَكَّةَ، أَو الحَلْق، وأُطْلِق على المَناسكِ لأَنَّ تمامَها به، أَو إِطَالَة الاختلاف إِلى الشّيْءِ، وأُطلقَ عليها لذلك. كذا في شرْح شيخنا.

  وتقول: حَجَّ البَيْتَ يَحُجُّه حَجّاً، وهو حَاجٌّ، ورُبما أَظهروا التَّضعيفَ في ضرورةِ الشِّعر قال الرَّاجز:

  بِكُلِّ شَيْخٍ عامِرٍ أَ وحَاجِجِ

  وج: حُجَّاجٌ، كعُمّارٍ، وزُوَّارٍ، وحَجِيجٌ، قال الأَزهريّ ومثلُه: غازٍ وغَزِيٌّ، وناجٍ ونَجِيٌّ، ونَادٍ ونَدِيٌّ، للقوم يَتَنَاجَوْن، ويَجْتَمِعُون في مَجلسٍ، وللعادِينَ على أَقدامِهم عَدِيٌّ.

  ونقل شيخنا عن شروحِ الكافيةِ والتَّسْهِيل: أَنّ لفظَ حَجِيج اسمُ جَمْعٍ، والمصنّف كثيراً ما يُطْلِقُ الجمْعَ على ما يكون اسمَ جمعٍ أَو اسم جِنْسٍ جَمعيّ؛ لأَن أَهل اللغة كثيراً ما يريدون من الجمعِ ما يدُلّ لفظُه على جمع كهذا، ولو لم يكنْ جَمْعاً عند النُّحاةِ وأَهلِ الصَّرف.

  ويُجمع على حُجّ، بالضّمّ، كبازلٍ وبُزْلٍ، وعائِذٍ وعُوذٍ، وأَنشد أَبو زيدٍ الجرير يهجو الأَخطلَ، ويذكر ما صنعه الجَحَّافُ بنُ حَكِيم السُّلَمِيّ من قتل بني تَغْلِبَ قَومِ الأَخْطَلِ باليُسُر، وهو ماءٌ لبني تَميم⁣(⁣٢):

  قَدْ كَانَ في جِيَفٍ بدِجْلَةَ حُرِّقَتْ ... أَو في الذِينَ على الرَّحُوبِ شُغُولُ

  وكَأَنَّ عافِيَةَ النُّسُورِ عليهمُ ... حُجٌّ بأَسْفَلِ ذِي المَجَازِ نُزُولُ

  يقول: لما كَثُرَت قَتْلَى بني تَغْلِبَ جافَت الأَرْضُ، فحُرِّقُوا؛ لِيزولَ نَتْنُهُم، والرَّحُوب: ماءٌ لبني تَغْلِب، والمشهور روايةُ البَيْتِ: «حِجٌّ» بالكسر وهو اسْمُ الحَاجِّ، وعافِيَةُ النُّسور: هي الغَاشِيَة التي تَغْشَى لُحُومَهم، وذو المَجَاز: من أَسواقِ العَرَبِ.

  ونقل شيخُنا عن ابن السّكّيت: الحجُّ، بالفتح: القَصْدُ، وبالكسر: القَومُ الحُجَّاج.

  قلت: فيستدْرَك على المصنّف ذلك.

  وفي اللسان: الحِجُّ بالكسر: الحُجَّاجُ قَال:

  كأَنَّمَا أَصْواتُهَا بالوَادِي ... أَصواتُ حِجٍّ من عُمَانَ عَادِي

  هكذا أَنشدَه ابنُ دُريد بكسر الحاءِ.

  وهي حَاجَّةٌ من حَوَاجَّ بيتِ الله، بالإِضافَة، إِذا كُنّ قد حَجَجْنَ، وإِنْ لم يَكُنَّ قد حَجَجْنَ قلت: حَوَاجُّ بيْتِ اللهِ، فتنصب البيت؛ لأَنَّك تريدُ التنوينَ في حَوَاجّ إِلّا أَنّه لا ينصرف، كما يُقَال: هذا ضَارِبُ زَيْدٍ أَمْسِ، وضارِبٌ زَيْداً غداً، فتَدُلّ بحذفِ التَّنْوِين على أَنّه قد ضَرَبَه، وبإِثْبَاتِ التَّنْوِين على أَنه لم يَضرِبْه، كذا حقّقه الجوهريّ وغيره.

  والحِجُّ بالكسرِ: الاسْمُ، قال سيبويه: حَجَّهُ يَحُجُّهُ حِجّاً، كما قالوا: ذَكَرَهُ ذِكْراً.

  وقال الأَزْهَرِيّ: الحَجُّ: قَضَاءُ نُسُكِ سَنَةٍ واحِدةٍ، وبعضٌ يكسِر الحاءِ فيقول الحِجُّ والحِجَّةُ، وقُرِيءَ {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}⁣(⁣٣) والفتح أَكثر.

  وقال الزَّجّاجُ - في قوله تعالى: {وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ} يُقْرَأُ بفتح الحاءِ وكسرها، والفَتْحُ الأَصل.

  وروي عن الأَثْرَمِ قال: والحَجُّ والحِجُّ، ليس عند الكسائِيّ بينهما فُرْقانٌ.

  والحِجَّةُ بالكسر المَرَّةُ الواحِدَةُ من الحَجِّ، وهو شَاذٌّ


وجاء في معجم البلدان أن قوم الجحاف بن حكيم أغاروا على بني تغلب بالبشر (بكسر أوله ثم السكون، جبل يمتد من عرض إلى الفرات من أرض الشام من جهة البادية).

(١) زيادة عن اللسان.

(٢) اليسر، في معجم البلدان يُسُر بدون ال التعريف، ماء لبني يربوع بالدهناء.

(٣) سورة آل عمران الآية ٩٧.