[خسأ]:
  الكلامِ فيه أَخطأْنَ، بالأَلف، فردَّه إِلى الثلاثيّ، لأَنه الأَصل، فجعل خَطِئْن بمعنى أَخطَأْنَ ولا تقل أَخْطَيْتُ بإِبدال الهمزة ياءً، ومنهم من يقول إِنهم لُغَيَّةٌ رَديئة أَو لُثْغة قال الصاغاني: وبعضهم يقوله.
  قلت: لأَن بعض الصرفيين يُجَوِّزون تسهيل الهمزة، وقد أَوردها ابن القُوطِيَّة وابنُ القطَّاع في المعتلّ استقلالاً بعد ذكرها في المهموز، كذا في شرح شيخنا.
  والخَطِيئَة: الذَّنْبُ وقد جُوِّز في همزتها الإِبدال، لأَن كلّ ياء ساكنة قبلها كسرةٌ، أَو واوٍ ساكنة قبلها ضَمَّةٌ وهما زائدتان للمد لا للإِلحاق ولا هما من نَفْس الكلمة، فإِنك تَقلِب الهمزَة بعد الواو واواً، وبعد الياء ياء، فتُدْغِم فتقول في مَقْروءٍ مَقْرُوٌّ وفي خَبِئٍ خَبِيٌّ بتشديد الواو والياء أَو ما تُعُمِّد منه، كالخِطْءِ بالكَسْرِ قال الله تعالى: {إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً}(١) أَي إِثماً، وكذلك الخَطَأ محركة، تَسْمِية بالمصدر وقيل الخَطَأُ محركةً: ما لم يُتَعَمَّدْ منه، وفي المُحكم: خَطِئْتُ أَخْطَأُ خطأً والاسم الخَطَاءُ بالمد، وأَخطَأْتُ إِخطَاءً والاسم الخَطَأُ مقصوراً ج خَطَايَا على القياس وحكى أَبو زيد خَطَائِئ على فعائل، ومنهم من ضَبطها كَغَوَاشِي، وبعض شَدَّدَ ياءَها، قال شيخنا: وكلُّ ذلك لم يصحّ إِلا إِن أُريد من وزن الغَواشي الإِعلامُ بأَنها من المنقوص. وفي اللسان روى ثعلبٌ أَن ابنَ الأَعرابيّ أَنشده:
  ولا يَسْبِقُ المِضْمَارَ في كُلِّ مَوْطِنٍ ... مِنَ الخَيْلِ عِنْدَ الجِدِّ إِلَّا عِرَابُهَا
  لِكُلِّ امْرِئ مَا قَدَّمَتْ نَفْسُه لَهُ ... خَطَاءَتُها إِنْ أَخْطَأَتْ وَصَوَابُها
  وقال الليث: الخطيئة فَعِيلَة، وجمعها كان ينبغي أَن يكون خَطَائِئ بهمزتين فاستثقلوا التقاءَ همزتين، فخفّفوا الآخِرة منهما، كما يُخفَّف جائِئ على هذا القياس، وكرهوا أَن تكون علَّتُه [مثل](٢) عِلَّةِ جائئ، لأَن تلك الهمزةَ زائدةٌ، وهذه أَصليّة، ففَرُّوا بِخطايا إِلى يَتامَى، ووجدوا له في الأَسماء الصحيحة نظيراً، مثل طاهرٍ وطاهرة وطَهَارَى، وفي العباب: وجَمْعُ خَطِيئَة خطايا وكان الأَصل خطائئ على فعائل، فلما اجتمعت الهمزتان قُلِبت الثانية ياء، لأَن قبلها كسرة، ثم استثقلت والجمعُ ثقيلٌ، وهو معتلُّ مع ذلك، فقُلِبت الياء أَلفاً ثم قُلِبت الهمزة الأُولى ياءً، لخفائها بين الأَلفين.
  وتقول: خَطَّأَه تَخْطِئَةً وتَخْطِيئاً إِذا قال له: أَخَطأْتَ ويقال: إِن أَخطَأْتُ فَخَطِّئْني، وإِن أَصَبْتُ فَصَوِّبْني وخَطِئَ الرجل يَخْطَأُ كَفرِح يفرَح خِطْأً وخِطْأَةً بكسرهما: أَذنب، وفي العناية: خَطِئَ خَطَأً: تعَمَّد الذنب، ومثله في الأَساس.
  والخَطِيئَة أَيضاً: النَّبْذُ اليَسيرُ مِن كلِّ شيءٍ يقال على النخلة: خَطِيئَةٌ من رُطَبٍ، وبأَرضِ بني فُلان خَطِيئَةٌ من وَحْشٍ، أَي نَبْذٌ منه أَخْطَأَتْ أَمْكِنَتَها فظَلَّت في غير مواضِعها المُعتادة وقال ابن عرفة: خَطِئَ في دِينه وأَخطأَ إِذا سَلَكَ سَبِيل خَطَإٍ عامداً أو غَيْرَه وقال الأُموي: المُخطِئُ: من أَراد الصواب فصار إِلى غيره أَو الخاطئُ مُتَعَمِّدُهُ أَي لِمَا لا ينبغي، وفي حديث الكُسوف: «فأَخْطَأ بِدِرْعٍ حَتَّى أُدْرِكَ بِرِدَائِه» أَي غلط، قال الأَزهريّ: يقال لمن أَراد شيئاً وفعل غيره: أَخطأَ، كما يقال لمن قَصدَ ذلك، كأَنه في استعماله غَلِط فأَخذَ دِرْعَ بعضِ نسائه، وفي المحكم: ويقال: أَخطأَ في الحِساب وخَطِئَ في الدِّين، وهو قولُ الأَصمعيّ، وفي المصباح: قال أَبو عُبيد [ة]: خَطِئَ خِطْأً من باب عَلِم، وأَخْطَأَ بمعنى واحد لمن يُذْنِب على غير عمدٍ، وقال المُنذِريُّ: سمعت أَبا الهَيْثَم يقول: خَطِئْتُ، لما صنَعْتَه(٣) عَمْداً، وهو الذنب، وأَخطأْت لما صَنَعْتَه خَطَأً غير عَمْدٍ، وفي مُشكل القرآن لابن قُتيبة في سورة الأَنبياء في الحديث: «إِنه لَيْسَ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدْ أَخْطَأَ أَوْ هَمَّ بِخَطِيئَةٍ غيرَ يَحْيَى بن زَكَرِيَّا، لأَنه كان حَصْوراً لا يأْتِي النساءَ ولا يُرِيدُهُنَّ».
  وفي المَثل: مَع الخَواطِئِ سَهْمٌ صَائِبٌ. يُضْرَب لِمَنْ يُكْثِرُ الخَطَأَ ويُصِيبُ أَحياناً. وقال أَبو عبيد: يُضْرَب للبخيل يُعطِي أَحياناً على بُخْله. والخَوَاطِئُ هي التي تُخْطِئُ القِرْطَاسَ، قال الهيثم: ومنه مَثلُ العَامَّة: «رُبَّ رَمْيَة مِنْ غَيْرِ رَامٍ».
(١) الاسراء الآية ٣١.
(٢) زيادة عن اللسان.
(٣) اللسان: صنعه.