تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[دفأ]:

صفحة 153 - الجزء 1

  صوفٍ وغيرِه، وقد ادَّفَيْتُ واستَدْفَيْتُ، أَي لبست ما يُدْفِئُني، وحكى اللِّحيانيُّ أَنه سمع أَبا الدِّينارِ يُحدِّث عن أَعرابيَّةٍ أَنها قالت: الصِّلَاءَ والدِّفَاءَ، نصبتْ على الإِغْرَاءِ أَو الأَمْرِ والدَّفْآنُ: المُسْتَدْفِئُ كالدَّفِئِ على فَعِل وهي دَفْأَى⁣(⁣١) كسَكْرَى، والجمع دِفَاءٌ، ووجدت في بعض المجاميع ما نصُّه: الدَّفْآنُ وأُنْثَاه خاصٌّ بالإِنسان، وككريم خاصُّ بغيرِه من زمانٍ أَو مكانٍ، وككَتِفٍ مُشتَرك بينهما، وفي اللسان: ما كان الرَّجُلُ دَفْآنَ ولقَدْ دَفِئَ، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:

  يَبِيتُ أَبُو لَيْلَى دَفِيئاً وَضَيْفُهُ ... مِنَ القُرِّ يُضْحِي مُسْتَخِفَّا خَصَائِلُهْ

  وحكى ابنُ الأَعرابيّ: أَرضٌ دَفِئَةٌ مقصوراً، وحكَى غيرُه دَفِيئَة كخطِيئَة، ودَفُؤَتْ ليلَتُنَا، ويومٌ دفِيءٌ، على فَعِيل، وليلةٌ دَفِيئَة، وكذلك الثَّوْبُ والبيتُ، كذا في العُباب.

  ويقال: أَرضٌ مَدْفأَة أَي ذاتُ دِفْءٍ، والجمع مَدَافِئُ، قال ساعدةُ يصف غزالاً:

  يَقْرُو أَبَارِقَهُ ويَدْنُو تَارَةً ... بِمَدافِئ مِنْهُ بِهِنَّ الحُلَّبُ

  وفي شُروح الفَصيح: دَفُؤَ يومُنا ودَفُؤَتْ ليلَتُنا، فهو دَفْآنُ، وهي دَفْأَى، بالقَصْر، ورجل دَفِئٌ ككتِف، وامرأَةٌ دَفِئَةٌ⁣(⁣٢)، ومثله في الأَساس.

  ومن المجاز إِبلٌ مُدْفَأَةٌ ومُدْفِئَةٌ ومُدَفَّأَة ومُدَفِّئَة بالضمّ في الكُلّ: كَثيرةُ الأَوْبارِ والشُّحوم يُدْفِئُها أَوْبارُها، وزاد في اللسان مُدفاة بالضم غير مهموزٍ⁣(⁣٣) أَي كثيرةٌ يُدْفِئُ بعضُها بعضاً بأَنفاسها، كذا في الصحاح، وفي العباب: والمُدْفِئَة: الإِبل الكثيرةُ لأَنَّ بعضَها يُدْفِئُ بعْضاً بأَنفاسها⁣(⁣٤)، وقد تُشَدَّد، والمُدْفَأَةُ: الإِبلُ الكثيرةُ الأَوبار والشُّحومِ، عن الأَصمعيِّ، وأَنشد للشمَّاخ:

  أَعائِشَ مَا لِأَهْلِكِ لَا أَرَاهُمْ ... يُضيعُونَ الهِجَانَ مع المُضِيعِ

  وَكَيْفَ يَضِيعُ صَاحِبُ مُدْفَآتٍ ... عَلَى أَثْبَاجِهِنَّ مِنَ الصَّقيعِ

  والدَّفَئِيُّ كعربِيّ هو الدَّثَئِيُّ قاله الأَصمعي، وهو المطرُ يأْتي بعد اشتدادِ الحرِّ، وقال ثعلبٌ: وقتُه إِذا قاءَت الأَرضُ الكَمْأَةَ، وفي الصّحاح والعباب: الدَّفَئِيُّ: المطر الذي يكون بعد الرَّبيع قبل الصَّيْف حين تَذهب الكَمْأَةُ فلا يبقَى في الأَرض منها شيءٌ وقال أَبو زيدِ: الدَّفَئِيَّة بهاءٍ مِثال العَجَمِيَّة: المِيرَة تُحْمَل قُبُلَ الصَّيْفِ وهي المِيرَةُ الثالثة، لأَن أَوَّلَ المِيرَةِ⁣(⁣٥) الرَّبَعِيَّة ثم الصَّيْفِيّة، وكذلك النَّتَاج، قال: وأَوَّل الدَّفَئِيِّ وُقوعُ الجَبْهَةِ، وآخِرُه الصَّرْفَةُ.

  وفي التنزيل العزيز: {لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ}⁣(⁣٦) قال الفرَّاءُ الدِّفْءُ بالكسر هكذا كُتِب في المصاحف بالدَّال والفاء وإِن كُتِب بالواو في الرفع، والياءِ في الخَفْضِ، والأَلف في النصب كان صَوَاباً، وذلك على ترك الهمز ونقل إِعراب الهمز إِلى الحرف الذي قبلها، هو نِتَاجُ الإِبلِ وأَوْبَارُها وأَلبانها والانتفاعُ بها وعبارة الصحاح والعباب: وما يُنْتَفَع به منها⁣(⁣٧)، وروي عن ابن عباسٍ في تفسير الآية قال: نَسْلُ كلِّ دابَّةِ، وفي حديث وفْدِ هَمْدَان: «وَلَنَا مِنْ دِفْئِهِمْ وَصِرَامِهِمْ ما سَلَّمُوا بِالمِيثاقِ والأَمَانَةِ» أَي إِبلِهِم وغَنمِهم، سَمَّى نِتاجَ الإِبل وما يُنتَفع بها دِفْأً لأَنه يُتَّخَذ من أَوبارِها وأَصوافها ما يُستَدْفَأُ به.

  والدِّفْءُ: العطِيَّةُ، والدِّفءُ من الحائط: كِنُّه يقال: اقْعُدْ في دِفْءِ هذا الحائطِ أَي كِنّه، والدِّفْءُ ما أَدْفَأَ من الأَصواف والأَوْبارِ من الإِبل والغنم. وقال المُؤَرِّجُ: أَدْفَأَهُ أَي الرجل إِدفاءً إِذا أَعطاهُ عَطاءٌ كثيراً وهو مجاز.

  وأَدفأَ القومُ: اجتمعوا.

  والدَّفَأُ مُحركةً: الحَنَأُ⁣(⁣٨) بالحاء المهملة والنون، يقال فُلانٌ فيه دَفَأٌ، أَي انْحِنَاءٌ، وفي حديث الدجّال: «فيه دَفَأٌ» حكاه الهرويُّ مهموزاً مقصوراً. وهو أَدْفَأُ بغير همزٍ، أَي فيه


(١) القاموس: الدفأى.

(٢) ليست في الأساس.

(٣) لم ترد هذه الزيادة في اللسان.

(٤) في الجمهرة؛ هي التي تدفيء أربابها بألبانها. وفي المقاييس: ذكرت العبارة للإبل المدفَأَة.

(٥) بالأصل المير، وما أثبتناه عن اللسان.

(٦) سورة النحل الآية: ٥.

(٧) أي من أوبارها وأشعارها وأصوافها، أراد ما يلبسون منها ويتبنون كذا في اللسان.

(٨) في القاموس: الجنأ.