تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[سنطح]:

صفحة 99 - الجزء 4

  ممّا في الكُتُب الأُول. وقيل: إِنما قيل للصائم: سائحٌ لأَنّ الّذِي يَسِيح متعبِّداً يَسيح⁣(⁣١) ولا زاد معه، إِنّما يَطْعم إِذا وَجَدَ الزَّادَ، والصائمُ لا يَطْعَم أَيضاً، فلِشَبَهِه به سُمِّيَ سائحاً. وسُئَل ابن عبَّاس وابنُ مسعُودٍ عن السَّائِحين، فقالا⁣(⁣٢): هم الصّائمون.

  والمسيَّح كمُعظَّم: المُخَطَّط من الجرادِ، الواحدة مُسَيّحَة. قال الأَصمعيّ. إِذا صار في الجراد خُطوطٌ سُودٌ وصُفْرٌ وبِيضٌ فهو المُسَيَّح، فإِذا بَدَا حَجْمُ جَنَاحِه فذلك الكُتْفَانُ لأَنّه حينئذ يُكَتِّف المشْيَ. قال: فإِذَا ظَهرَتْ أَجْنحتُه وصار أَحمر إِلى الغُبْرَةِ فهو الغَوْغاءُ، الواحِدةُ غوْغَاءَةٌ، وذلك حين يَموجُ بعضُه في بعْض ولا يتوجَّهُ جِهةً واحِدَةً. قال الأَزهريّ هذا في رواية عمْرو بن بَحْرٍ.

  والمُسيَّح أَيضاً: المُخَطَّطُ من البُرُودِ. قال ابن شُميلٍ: المُسيَّحُ من العباءِ: الّذي فيه جُدَدٌ: واحدةٌ بيضاءُ، وأُخْرَى سَوْدَاءُ ليست بشَديدةِ السَّوادِ، وكلُّ عَبَاءَة سَيْحٌ ومُسَيَّحَةٌ؛ وما لم يكن جُددٌ فإِنّما هو كِساءٌ وليس بعَباءٍ.

  ومن المَجَاز: في التّهذيب: المُسيَّح من الطَّريق⁣(⁣٣): المُبَيَّن شَرَكُه، محرَّكةً، هكذا هو مضبوطٌ في النُّسخ، وضبطه شيخُنَا بضمَّتين، ولْيُنْظَرْ، أَي طُرُقُه الصِّغارُ، وإِنما سَيَّحَه كثْرَةُ شركِه، شُبِّهَ بالعَباءِ المُسيَّح.

  ومن المجاز: المُسيَّحُ: الحِمَارُ الوَحْشيّ لجُدَّتِه الّتي تَفْصِلُ بين البَطْنِ والجَنْب. وفي الأَساس: والعَيْرُ مُسَيَّحُ العجِيزَةِ، للبَيَاضِ على عَجِيزته⁣(⁣٤). قال ذو الرُّمّة:

  تُهاوِي بيَ الظَّلْمَاءَ حَرْفٌ كأَنّها

  مُسَيَّحُ أَطرافِ العَجِيزَةِ أَصْحَرُ⁣(⁣٥)

  يَعنِي حِماراً وَحْشيًّا شَبَّهَ النَّاقَة به.

  ومن المجاز: سيْحَانُ كرَيْحَان: نهْرٌ بالشّامِ بالعواصِم من أَرضِ المَصِيصةِ، ونَهرٌ آخَرُ بالبَصْرَةِ، ويقال: فيه ساحِينٌ.

  وسَيْحَانُ: اسمُ وادٍ أَو: ة بالبَلْقاءِ من الشّام، بها قَبْرُ سيّدنا مُوسَى الكَلِيمِ عليه وعلى نبِيّنا أَفضلُ الصّلاة والسَّلام، وقد تَشرَّفْتُ بزيارته.

  وسَيْحُونُ: نَهرٌ بما وراءَ النهْر وراءَ جيْحُون، ونَهرٌ بالهند مشهورٌ.

  ومن المجاز: المِسْياحُ بالكسر: مَنْ يَسيحُ بالنَمِيمةِ والشَّرِّ في الأَرض والإِفسادِ بين النّاس.

  وفي حديث عليّ ¥: «أُولئك أُمّةُ الهُدَى، لَيْسُوا بالمسايِيحِ ولا بالمَذايِيع البُذُرِ»⁣(⁣٦) يعني الّذِين يَسِيحون في الأَرض بالنَّمِيمةِ والشَّرِّ والإِفسادِ بين النّاس. والمَذاييعُ: الّذين يُذيعُون الفَوَاحِشَ. قال شَمِرٌ: المَسَايِيحُ ليس من السِّيَاحَة، ولكنّه من التَّسييحِ، والتَّسيِيحُ في الثَّوْبِ أَن تكون فيه خُطوطٌ مُخْتَلِفةٌ ليس⁣(⁣٧) من نَحْوٍ وَاحدٍ.

  وانْساحَ بالُه: اتَّسعَ، وقال:

  أُمَنِّي ضَمِيرَ النَّفْسِ إِيّاكِ بعدَ ما

  يُرَاجِعُني بَثِّي فَيَنْساحُ بالُها

  وانْساحَ الثَّوْبُ وغيرُه: تَشقَّقَ، وكذلك الصُّبْح.

  وفي حديث الغار؛ «فانْساحَتِ الصَّخرةُ»: أَي انْدَفَعَتْ وانشقَّتْ⁣(⁣٨). ومنه ساحةُ الدَّارِ. ويُرْوَى بالخاءِ والصّاد.

  وانْساحَ بَطْنُه: كَبُرَ واتَّسَعَ ودَنَا من السِّمَن. وفي التّهذيب عن ابن الأَعْرَابيّ: يقال للأَتانِ: قد انْساحَ بَطْنُها وانْدَالَ، انْسِيَاحاً⁣(⁣٩)، إِذا ضَخُمَ ودَنَا من الأَرضِ.

  وأَسَاحَ فُلانٌ نَهْراً، إِذا أَجْرَاهُ، قال الفَرَزْدَق:

  وكَمْ للمُسْلِمِينَ أَسَحْتُ بَحْري

  بإِذنِ اللهِ مِن نَهرٍ ونَهْرِ

  وأَساحَ الفَرسُ بذَنَبِه، إِذا أَرْخاه. وغَلِطَ الجوهَرِيّ فذكره بالشِّين في أَشاح. ووجدْت في هامش الصّحاح ما نَصُّه: قال الأَزهريّ⁣(⁣١٠): الصّواب أَساحَ الفَرَسُ بذَنَبه، إِذا


(١) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يذهب في الأرض ولا زاد معه.

(٢) بالأصل: «فقال» خطأ.

(٣) في القاموس والتهذيب: «الطرق» وفي اللسان فكالأصل.

(٤) في الاساس: عجزه.

(٥) بالأصل واللسان والتكملة «أسحمُ» وما أثبت «أصحرُ» من الأساس والديوان ص ٢٢٨. وجميعها صحيح.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله البذر جمع بذور، يقال: بذرت الكلام بين الناس كما نبذر الحبوب، أي أفشيته وفرقته ا هـ نهاية».

(٧) اللسان: ليست.

(٨) النهاية واللسان: واتّسعت.

(٩) في التهذيب: سياحاً.

(١٠) التهذيب مادة «شاح» ٥/ ١٤٧.