فصل الصاد المهملة مع الحاء المهملة
  الصَّبَاح. ومنه قولُ عَنْتَرةَ يَصف خَيْلاً:
  وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفَارَ عَوابِساً
  تَهْدِي أَوائلَهنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ(١)
  أَي أَتَيْنَ الجِفَارَ صَبَاحاً، يعني خَيْلاً عليها فُرْسانُها.
  ويقال: صَبَّحْتُ القَوْمَ، إِذا سَقَيْتهم الصَّبُوحَ. انتهت عبارةُ التّهذيب. وقد تقدّم المَعنيانِ الأَخيرَانِ في أَوّل المَادّة، ولم يزل دأَب المصنِّف في تَقطيعِ الكلامِ المُوجِب لسِهَام المَلامِ، عَفا عَنّا وعنه المَلِك العَلّام، فإِنه لو ذَكر هذه عند أَخَواتِها كان أَمْثَلَ لطرِيقَتِه الّتي اختارها.
  ومن المَجَاز: يقال للرّجل يُنبَّهُ من سِنَة الغَفْلَةِ: أَصْبحْ يا رَجلُ، أَي انْتَبِهْ من غَفْلِتك، وأَبْصِرْ رُشْدَك وما يُصْلِحُك. وقال رؤْبة.
  أَصْبِحْ فَمَا مِنْ بَشَرٍ مَأْرُوشِ(٢)
  أَي بَشَرٍ مَعيبٍ. ويُقَال للنّائم: أَصْبِحْ، أَي اسْتيقِظْ. وأَصْبَحُوا(٣): استَيْقَظُوا في جَوْف اللَّيْل؛ كذا في الأَساس.
  ومن المجاز أَيضاً: الحَقُّ الصَّابحُ، وهو البَيِّنُ الظَّاهِرُ الّذِي لا غُبَارَ عليه.
  وكذَا قَوْلُهم صَبَحَني فُلانٌ الحَقَّ، ومَحَضَنِيه.
  وصَبْحَةُ، بالفتح: قَلْعَةٌ بدِيارِ بَكْرٍ، بين آمِدَ وَميَّافَارِقِين.
  * ومما يستدرك عليه:
  قولهم: صَبَّحَك اللهُ بخيرٍ، إِذا دَعَا له. وأَتَيْتُه أُصْبُوحَةَ كلِّ يومٍ، وأُمْسِيَّةَ كلِّ يومٍ.
  وأَصْبَحَ القَوْمُ: دَنَا وَقْتُ دُخولِهم في الصَّبَاح. وبه فُسِّر قولُ الشّمّاخ(٤).
  والصَّبُوح: كلُّ ما أُكِلَ أَو شُرِبَ غُدْوةً، وهو خِلافُ الغَبوقِ. وحكَى الأَزهريّ عن اللّيث: الصَّبُوحُ: الخَمْرُ، وأَنشد:
  ولَقَدْ غَدَوْتُ عَلىَ(٥) الصَّبُوحِ معي
  شَرْبٌ كِرامٌ مِن بَني رُهْمِ
  والصّبَائح في قَوْلِ أَبي لَيْلَى الأَعْرابيّ(٦): جَمْعُ صَبُوحٍ، بمعنى لَبَنِ الغَدَاةِ.
  وصَبَحتُ فُلاناً: أَي ناوَلْتُه صَبُوحاً من لَبَنٍ أَو خَمْرٍ. ومنه قول طَرَفة:
  متى تَأْتِنِي أَصْبَحْكَ كأْساً رَوِيّةً
  أَي أَسقِكَ.
  وفي المَثَل: «أَعَنْ صَبُوحٍ تُرَقِّقُ». لمَن يُجَمْجِم ولا يُصَرِّحُ. وقد يُضْرَبُ أَيضاً لمن يُورِي عن الخَطْبِ العَظيمِ بكِنايةٍ عنه، ولمن يُوجِب عليك ما لا يَجِبُ بكلامٍ يُلطِّفه. ورُوِيَ عن الشَّعْبِيّ أَن رَجلاً سأَله عن رَجل قَبَّلَ أُمَّ امرأَتِه، فقال له الشَّعْبيّ: «أعَنْ صَبُوحٍ تُرقِّق، حَرُمَت عليه امرأَتُه» ظنّ الشَّعْبيّ أَنه كَنَى بتقبيله إِيّاهَا عن جِماعِها.
  ورجُلٌ صَبْحَانُ، وامرأَةٌ صَبْحَى: شَرِبَا الصَّبُوحَ، مثل سَكْرانَ وسَكْرَى. وفي مجمع الأَمثال: ونَاقَة صَبْحَى: حُلِبَ لَبنُها، ذكرَه في الصّاد. انتهىَ.
  وصَبُوحُ النّاقَةِ وصُبْحَتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحاً.
  وصَبَحَ القَوْمَ شَراًّ: جاءَهُم به صَبَاحاً. وصَبَحَتْهم الخَيْلُ وصَبَّحَتْهم: جاءَتْهُم صُبْحاً.
  ويا صَبَاحَاه: يقولها المُنْذِر.
  وصَبَحَ الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً: سَقَاهَا غُدْوَةً.
  والصّابِحُ: الّذِي يَصْبَحُ إِبلَه الماءَ، أَي يَسْقِيها صَبَاحاً. ومنه قول أَبي زُبَيْد:
  حِينَ لاحَتْ للصَّابِحِ الجَوْزاءُ
(١) لم أقف عليه في الديوان، وهو في التهذيب واللسان.
(٢) قبله كما في مجموع أشعار العرب ٣/ ٧٧ والتكملة.
فقلْ لذاك المزعج المحنوش
(٣) عبارة الأساس: «وقد أصبح القوم: إِذا استيقظوا ...»
(٤) يعني قوله:
وتشكو بعينٍ ما أكل ركابها
وقيل المنادي: أَصبح القوم أدلجي
(٥) في التهذيب: «إِلى» بدل «على».
(٦) أصله أن رجلاً من العرب نزل برجل من العرب عشاء فغبقه لبناً، فلما روي علق يحدث أم مثواه بحديث يرققه، وقال في خلال كلامه: إِذا كان غداً اصطبحنا وفعلنا كذا، ففطن له المنزول عليه، وقال: أعن صبوح ترقق؟