تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صرح]:

صفحة 119 - الجزء 4

  بجِدّان. وجِلْدَانٍ»⁣(⁣١)، أَي أَبْدَى الرَّجلُ أَقْصَى ما يُريده. والتّصريح: انْكِشَافُ الأَمرِ، وفي نُسخة: الحَقِّ، يقال: انْصَرَح الحَقُّ، وصَرَّحَ، إِذَا بانَ. ومن ذلك المَثَل «عندَ التَّصْريحِ تَسْتَرِيح». وهو في مجمع الأَمثال للمَيْدانيّ، لازِمٌ ومُتَعدٍّ. والتَّصْرِيح في الخَمْرِ: ذَهَابُ زَبَدِهَا وقد صَرَّحَت، إِذا انْجَلَى زَبَدُهَا فخَلَصَتْ. قال الأَعشى.

  كُمَيتاً تَكشَّفُ عن حُمْرةٍ

  إِذا صَرَّحتْ بعدَ إِزْبادِهَا

  يقول⁣(⁣٢): قد صَرَّحَتْ بَعْدَ تهدارٍ وإِزْبادٍ. وتَصَرَّحَ الزَّبَدُ عنها: انْجَلَى فَخَلَصَ. وتقول: صَرَّحَتْ كَحْلُ، أَي أَجْدَبَتْ وصارتْ صَريحةً، أَي خالِصَةً في الشِّدَّة. وكذلك تقول: صَرَّحَت السَّنَةُ، إِذا ظَهَرَتْ جَدوُبَتُهَا. قال سَلَامَةُ بن جَنْدَل:

  قَوْمٌ إِذا صَرَّحتْ كَحْلٌ، بيوتُهمُ

  مَأْوَى الضُّيُوفِ ومَأْوَى كلِّ قُرْضوبِ

  وصَرَّحَ الرَّامي تَصْرِيحاً، إِذا رَمَى ولمْ يُصِب الهدَفَ.

  والمِصْراح بالكسر: النّاقَةُ لا تُرْغِي؛ كذا في التّهذيب.

  وفي المحكم وغيره: ناقَةٌ مِصْراحٌ: قليلةُ الرّغْوَةِ خالصةُ اللَّبن.

  والصُّراحِيَّة، بالضّمّ وتشديد المثناة التَّحتيَّة: آنِيَةٌ للخَمْر، قال ابن دُرَيْد: ولا أَدرِي ما صِحَّتُه.

  والصُّرَاحيَة بالتّخفيف مع الضّم: الخَمْرُ نفْسها الخالِصةُ، أَي من غيرِ مَزْجٍ، وكذلك من الكلماتِ الخالصة. وكَذِبٌ صُرَاحيَةٌ، كالصُّرَاحِ، بالضّمّ. وكَذِبٌ صُرَاحِيٌّ، كالصِّراحِ، بالكسرِ أَيضاً، أَي بَيِّنٌ يَعرِفه النّاسُ.

  ويومٌ مُصَرِّحٌ، كمُحَدِّثِ، أَي بلا سَحابٍ⁣(⁣٣)، وهو في شعر الطِّرِمّاح، في قوله يَصف ذِئباً:

  إِذا امْتَلَّ يَهْوِي قُلْت ظِلُّ طَخَاءَةٍ

  ذَرَى الرِّيحُ في أَعْقَابِ يَومٍ مُصرِّحِ

  امْتَلَّ: عَدَا. وطَخَاءَةٌ: سَحَابَةٌ خفيفةٌ. أَي ذَرَاهُ الرِّيحُ في يَوْمٍ مُصْحٍ. شَبَّهَ الذِّئبَ في عَدْوِه في الأَرْض بسحابةٍ خفيفةٍ في ناحيةٍ من نواحِي السَّماءِ.

  وصَرَّحَ النَّهَارُ: ذَهَبَ سَحَابُه وأَضاءَتْ شَمْسُه؛ كما في الأَساس.

  وانْصَرَحَ الحَقُّ: بانَ وانْكَشفَ.

  وصَارَحَ بما في نفسِه: أَبْداه وأَظْهَرَه، كصَرَّح مُشدَّداً ومُخفّفاً. وأنشد أَبو زِياد:

  وإِني لأَكْنُو عَنْ قَذُور بغَيرِهَا

  وأُعرِبُ أَحْياناً بها فأُصارِحُ

  أَمُنْحَدِراً تَرْمِي بك العِيْسُ غُرْبَةً

  ومُصْعِدةً بَرْحٌ لعَيْنَيك بارِحُ

  والصَّريح، كجَرِيحٍ: فَحْلٌ من خَيل العرب، وهو فَرَسُ عَبْدِ يَغُوثَ بنِ حَرْبٍ، وآخَرُ لبني نَهْشَلٍ، وآخر للَخْمٍ.

  وبلا لام: اسمُ فَحْل مُنْجِبٍ. وقال أَوْسُ بنُ غَلْفَاءَ الهُجَيْميّ:

  ومِرْكَضةٌ صَرِيحيٌّ أَبُوها

  يُهانُ لها الغُلامةُ والغُلامُ

  وقال طُفَيل:

  عَنَاجِيحُ فيهنّ الصّريحُ ولاحِقٌ

  مَغاوِيرُ فيها للأَرِيبِ مُعَقَّبُ⁣(⁣٤)

  ويُرْوَى: مِنْ آلِ الصَّرِيح وأَعْوَج، غَلَبَت الصِّفة على هذا الفَحْلِ فصارَت له اسماً.

  وصُرّاحٌ كرُمّانٍ: طائرٌ كالجُنْدَب⁣(⁣٥)، وحُكْمُه أَنه يُؤْكَل.


(١) قوله صرحت بجدان ... الضمير في صرحت للقصة، وروي بإِعجام الدال واهمالها. انظر ياقوت والميداني ..

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله يقول مقتضاه أنه تفسير لما في البيت، والذي في اللسان: تقول الخ ذاكراً له قبل البيت».

(٣) في التهذيب: لا سحاب فيه ولا ريح.

(٤) روي في اللسان شاهداً على قوله: والصريح: فحل من خيل العرب معروف.

والبيت يروى للأعشى في قصيدته:

تصابيت أم بانت بعقلك زينب.

ويروي الشطر الأول:

عناجيج من آل الصريح ولاحقٍ

وروي:

من آل الوجيه ولاحق

(٥) الجندب بفتح الدال وضمها، وثمة لغة ثالثة: وهي كسر أوله وفتح ثالثه. قال ابن دريد والصراح عربي الجمهرة ٢/ ١٣٥ وانظر التكملة.