تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ضبح]:

صفحة 131 - الجزء 4

  والمُصَايَحة والتَّصَايُحُ: أَنْ يَصيحَ القَوْمُ بعضُهم ببعْضٍ وقد صايَحَه وصايَح به: نَادَاه⁣(⁣١).

  وصِحْ لي بفُلانٍ: ادْعُه لِي. ومن المجاز: صَاحتِ النَّخْلَةُ: طالَتْ. ويقال: بأَرْضِ فُلانٍ شَجَرٌ صَاحَ. ومن المجاز: صَاحَ العُنقودُ يَصِيحُ: إِذا اسْتَتَمَّ خُرُوجُه من كُمَّتِه - وفي بعض النُّسخ أَكِمَّتِه⁣(⁣٢)، وهي الأَكمام - وطال، وهو في ذلك غَضٌّ. وقول رُؤْبة:

  كالكَرْمِ إِذا نَادَى من الكافورِ

  إِنما أَراد صَاح؛ فيما زعم أَبو حَنيفة⁣(⁣٣).

  وصِيحَ بهم، إِذا فَزِعوا. وصِيحَ: فيهم إِذا هَلَكوا. وقال امرُؤ القيس:

  دَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَرَاتِه

  ولَكِنْ حَدِيثٌ مَا حَدِيثُ الرَّوَاحلِ

  وقولُ الله ø {فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ}⁣(⁣٤) يعني العَذَاب. والصَّيْحَةُ أَيضاً: الغَارَةُ إِذَا فُوجِئَ الحَيُّ بها.

  والصّائِحةُ: صَيْحَةُ المَنَاحَةِ، يقال: ما يَنتظِرون إِلّا مثلَ صَيْحَة الحُبْلَى، أَي شَراًّ سُيعاجِلهم.

  ومن المَجَاز: عن ابن السّكّيت: يقال: غَضِبَ من غيرِ صَيْحٍ ولا نَفْرٍ، بفتح فسكون فيهما، أَي من غيرِ شيْءٍ صِيحَ به، قال:

  كَذُوبٌ مَحُولٌ يَجْعَلُ الله جُنَّةً

  لأَيْمانِهِ مِنْ غَيرِ صَيْحٍ ولا نَفْرِ

  أَي من غيرِ قَليلٍ ولا كَثِرٍ. ويقال أَيضاً: لَقيتُه قَبْلَ كلِّ صَيْحٍ وَنَفْرٍ. الصَّيْحُ: الصِّياحُ. والنَّفْرُ: التَّفَرُّقُ، وكذلك⁣(⁣٥) إِذا لَقِيتَه قبلَ طُلوعِ الفَجْرِ؛ كذا في أَمْثَال الميدانيّ.

  وتَصيَّحَ الشَّيْءُ: تَكسَّرَ، والبَقلُ، مثْلُ تَصوَّحَ، وقد تقدّم وصَيَّحَتْه الشَّمْسُ وصَوَّحَتْه ولَوَّحَتْه: إِذا أَذْوَتْه وآذَتْه، كما في النّوادر.

  ومن المجاز: تَصَايَحَ غِمْدُ⁣(⁣٦) السَّيْفِ، إِذا تَشقَّقَ، كما تقول: تَداعَى البُنْيَانُ.

  ومن المَجاز: غَسلَتْ رأْسَها بالصَّيَّاح. الصَّيَّاح، ككَتّان: عِطْرٌ أَو غِسْلٌ، بالكسر، من الخَلُوق ونَحْوِه، كقولِهم: عَجَّتْ له رِيحَة⁣(⁣٧). والصَّيَّاح: عَلَمٌ. وبِهَاءٍ نَخْلٌ باليَمَامةِ.

  والصَّيْحَانيّ: ضَرْبٌ من تَمْرِ المدينةِ، على ساكنها أَفضلُ الصّلاة والسّلام. قال الأَزهريّ: هو أَسودُ صُلْبُ المَمْضَغَةِ، نُسِبَ إِلى صَيْحَانَ، اسمٍ لكَبْشٍ كان يُرْبَط إِليها، أَي إِلى تِلْك النَّخْلةِ، فأَثْمَرَتْ تَمْراً صَيْحَانيّاً⁣(⁣٨) فنُسِبَ إِلى صَيْحَانَ؛ أَو اسمُ الكَبْشِ الصَّيّاحُ، ككتّان، وهو مِن تَغْييرات النَّسَبِ كصَنْعَانِيّ في صَنْعاءَ.

(فصل الضّاد) المعجمة مع الحاءِ المهملة

  [ضبح]: ضَبَحَ الخَيْلُ كمَنَعَ، هكذا في سائر النسخ، والأَوْلَى: ضَبَحَت الخَيْلُ، في عَدْوِهَا تَضْبَحُ ضَبْحاً، بفتح فسكون، وضُبَاحاً بالضّمّ: أَسْمَعَتْ من أَفْوَاهِها صَوْتاً ليس بصَهِيلٍ ولا حَمْحَمةٍ. وقيل: تَضْبَح: تَنْحِمُ، وهو صَوْتُ أَنْفَاسِها إِذا عَدَوْنَ، قال عَنْتَرةُ:

  والخَيْلُ تَعْلَمُ حينَ تَضْ

  بَحُ في حِيَاضِ المَوْتِ ضَبْحَا

  والضُّبَاحُ: الصَّهِيلُ.

  أَو ضَبَحَتْ، إِذا عَدَتْ عَدْواً دونَ التَّقْرِيبِ. وفي التنزيل: {وَالْعادِياتِ ضَبْحاً}⁣(⁣٩) كان ابن عبّاسٍ يقول: هي الخَيْل تَضْبَحُ. وهذا القَوْلُ قَدَّمَه الجَوْهَرِيُّ في الصّحاحِ، ونَقَلَه عن أَبي عُبيدَةَ، قال: ضَبَحَت الخَيْلُ ضَبْحاً: مثل


(١) عبارة الأساس: وصاح به، وصيح به، وصايحه: ناداه.

(٢) وهي رواية القاموس واللسان.

(٣) زيد في اللسان: فلم يستقم له، فإِن كان إِنما فرّ إِلى نادى من صاح، لأنه لو قال: صاح من الكافور لكان الجزء مطوياً، فأراد رؤبة أن يسلمه من الطي فقال: نادى، فتم الجزء.

(٤) سورة المؤمنون الآية ٤١.

(٥) في مجمع الأمثال: وذلك.

(٦) في الأساس: وتصاريح جفن السيف.

(٧) في الأساس: رائحة.

(٨) بهامش المطبوعة المصرية: «كذا في اللسان، والأولى إِسقاطه» وكلمة: صيحانيا موجودة في التهذيب.

(٩) الآية الأولى من سورة العاديات.