تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ضحح]:

صفحة 133 - الجزء 4

  * ومما يستدرك عليه:

  الضَّوَابحُ، وهو في شِعر أَبي طَالِب:

  فإِنّي والضَّوابحِ كلَّ يَوْمٍ

  جمع ضابحٍ، يريد القَسَمَ بمن رَفَعَ صَوْتَه بالقرَاءَةِ، وهو جمْعٌ شاذٌّ في صفة الآدَميّ، كفَوَارسَ.

  وضَبَحَ يَضْبَحُ ضُبَاحاً: نَبَحَ.

  وفي حديث أَبي هُرَيْرَة: «تَعِسَ عبدُ الدّينار والدِّرْهِم، الّذي إِنْ أُعْطِيَ مَدَحَ وضَبَحَ، وإِنْ مُنِع قَبَحَ وكَلَحَ».

  قال ابن قُتيبة: معنى ضَبَح: صَاحَ وخَاصَمَ عن مُعْطِيه، وهذا كما يقال: فلانٌ يَنْبَح دُونَك، ذَهَبَ إِلى الاستعارة.

  وعن أَبي حَنيفةَ: الضَّبْح والضَّبْيُ: الشَّيُّ.

  والمَضَابحُ والمَضَابِي: المَقَالِي.

  وضُبَيْحٌ ومَضْبوحٌ: اسمانِ.

  [ضحح]: ضَحْضَحَ السَّرَابُ، بالسين المهملة، هكذا في الأُمهّات، وفي بعض النُّسخ بالشِّين المعجمة: تَرَقْرَقَ، كتَضَحْضَحَ.

  ومن المجاز: الضِّحُّ، بالكسر: الشَّمْسُ. وقيل: هو ضَوْءُها إِذا اسْتَمْكَن من الأَرْضِ.

  وفي الحديث: «لا يَقْعُدَنّ أَحدُكم بين الضِّحّ والظِّلّ فإِنه مَقْعَدُ الشَّيْطَانِ»، أَي نِصْفُه في الشَّمْسِ ونِصْفُه في الظِّلّ. قال ذو الرُّمَّة يَصفُ الحِرْباءَ:

  غدا أَكْهَبَ الأَعْلَى وراحَ كأَنَّه

  مِنَ الضِّحِّ واسْتقبالِه الشَّمْس أَخْضَرُ

  أَي واستقباله عَيْنَ الشَّمْس. وفي التّهذيب: قال أَبو الهيثم: الضِّحّ: نَقِيضُ الظِّلّ، وهو نُورُ الشَّمْسِ الّذي في السَّماءِ على وَجْهِ الأَرْضِ، والشَّمْس هو النُّور الّذي في السَّمَاءِ يَطْلُع ويغْرُب، وأَمّا ضَوْؤه على الأَرْض فضِحُّ.

  وروى الأَزهريّ عن أَبي الهَيثم أَنه قال: الضِّحّ كان في الأَصل الوِضْح، فحُذِفت الواو، وزِيدَتْ حاءٌ مع الحاءِ الأَصليّة، فقِيل: الضِّحّ. قال الأَزهريّ: والصّواب أَن أَصله الضِّحْيُ، من ضَحِيَت الشّمسُ⁣(⁣١). والضِّحّ: البرَازُ الظّاهرُ من الأَرض للشّمس. والضِّحّ أَيضاً: ما أَصابَتْه الشَّمْسُ.

  ولا جمْعَ لكلِّ شيْءٍ من ذلك؛ كما نقله الفِهْريّ في شَرْح الفصيح. ومنه من المجاز: جاءَ فُلانٌ بالضِّحِّ والرِّيحِ إِذا جاءَ بالمال الكثيرِ ولا تَقُلْ: بالضِّيحِ والرِّيح، في هذا المعنى، فإِنه ليس بشيْءٍ وقد نسبه الجوهريّ إِلى العامّة.

  وبه جَزمَ ثَعلب في الفصيح إِلّا أَبا زيدٍ، فإِنه قد حكاه بالتّخفيف، ونقله محمّدُ بنُ أَبان. وقال ابن التّيّانيّ عن كُراع: الضِّيحُ أَيضاً: الشَّمسُ، وهو ضَوْؤُهَا، ويقال: ما بَرَزَ للشَّمْس، وأَنشد:

  والشَّمْسُ في اللُّجَّةِ ذاتِ الضِّيحِ

  وقال أَبو مِسْحل في نوادِرِه: استُعْمِل فُلانٌ على الضِّيح والرِّيحِ أَي جاءَ بما طَلَعتْ عليه الشَّمْسُ وما جَرَتْ عليه الرِّيحُ.

  وفي حديث أَبي خَيْثَمة: «يكونُ رَسُولُ الله ÷ في الضِّحِّ والرِّيح، وأَنا في الظِّلّ؟» أَي يكون بارِزاً لحرِّ الشَّمس وهُبوبِ الرِّياح. قال الهَرويّ: أَراد كَثْرة الخَيْلِ والجَيْش.

  وفي الحديث: «لوْ مات كَعْبٌ عن الضِّحِّ والرِّيح لَوَرِثَه الزُّبيرُ».

  أَراد لو مات عمَّا طَلَعَتْ عليه الشَّمْسُ وجَرَتُ عليه الرِّيحُ، كَنَى بهما عن كَثرةِ المالِ وكان النّبيّ ÷ قد آخَى بين الزُّبَير وكَعْب بنِ مالكٍ.

  قال ابنُ الأَثير: ويُرْوَى: «عن الضِّيح والرِّيح».

  والضَّحْضَاح: الماءُ اليَسير يكون في القَدِير وغيرِه، والضَّحْلُ مثْلُه، كالضَّحْضَحِ. وأَنشد شَمِرٌ لساعِدة:

  واسْتَدْبَروا كُلَّ ضَحْضَاحٍ مُدَفِّئَةٍ

  والمُحْصَنَاتِ وأَوْزَاعاً من الصِّرَمِ⁣(⁣٢)

  أَو هو الماءُ إِلى الكَعْبَيْنِ، أَو إِلى أَنْصَافِ السُّوقِ، أَو هو ما لا غَرَقَ فيه ولا له غَمْرٌ والضَّحْضَاح: الكثِير، بلُغَةِ هُذَيْلٍ، لا يَعرفها غيرُهم؛ قاله خالدُ بن كُلثوم، يقال: عنده إِبلٌ ضَحْضاحٌ، قال الأَصمعيّ: غَنَمٌ ضَحْضَاحٌ، وإِبلٌ ضَحْضاحٌ: كثيرةٌ⁣(⁣٣). وقال الأَصمعيّ: هي المُنْتشرَة على وَجْهِ الأَرْض، ومنه قوله:


(١) قال: والضحي: استثقلوا الياء مع سكون فثقلوها قالوا: ضحّ، ومثله العبد القن وأصله القني من القنية. (انظر التهذيب).

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله واستدبروا الخ تبع الشارح صاحب اللسان في إِنشاده شاهداً على أن الضحضاح بمعنى الماء القليل، والذي في الأساس في مادة وزع: استدبروا: استاقوا والضحضاح: الابل الكثيرة، فكان على الشارح أن يستشهد به على قوله الآتي: عنده إِبل ضحضاح».

(٣) هو قول ابن الأعرابي رواه الأصمعي عنه كما في التهذيب.