تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فلدح]:

صفحة 160 - الجزء 4

  بَادُوا فلم تَكُ أَولاهُمْ كآخِرِهِمْ

  وهَلْ يُثَمَّرُ أَفلاحٌ بأَفْلاحِ

  أَي قَلَّمَا يُعْقِبُ السَّلفُ الصالحُ إِلّا الخَلَفَ الصّالِحَ.

  وفي الحديث «كلُّ قَومٍ على مَفْلَحةٍ من أَنفُسِهِم»⁣(⁣١) وهي مَفعَلَة من الفَلَاح، وهو مِثْل قوله تعالى {كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ}⁣(⁣٢).

  والفَلَحَة، محرّكةً: مَوْضِعُ الفَلَح وهو الشَّقُّ في الشَّفَة السُّفلَى.

  وفي حديث كعْبٍ: «المرأَةُ إِذا غابَ عنها زَوْجُهَا تَفَلَّحَتْ وتنكَّبَتِ الزِّينة» أَي تَشقَّقتْ وتَقَشَّفَت. قال ابن الأَثير: قال الخَطّابيّ: أَراه تَقَلَّحَت، بالقاف، من القَلَح وهو الصُّفرة الّتي تَعلو الأَسنانَ.

  وكان عنترةُ العَبْسِيّ يُلَقّب الفَلحاءَ، لفَلَحَة كانت به، وإِنّما ذَهبوا إِلى تأْنِيث الشَّفة، قال شُرَيحُ بنُ بُجَيرِ بنِ أَسْعَدَ التَّغلبيّ:

  ولوْ أَنّ قَوْمِي قَوْمُ سَوْءِ أَذلّةٌ

  لأَخْرَجَني عَوْفُ بنُ عَوْفٍ وعِصْيَدُ

  وعَنْتَرَةُ الفلْحَاءُ جاءَ مُلأَمّاً

  كأَنّهُ فِنْدٌ مِنْ عَمَايةَ أَسودُ

  أَنَّثَ الصِّفَة لتأْنيثِ الاسم.

  قال الشَّيخ ابن بَرّيّ: كان شُرَيْح قال هذه القَصِيدةَ بسبَب حرْبٍ كانت بينه وبين بني مُرّةَ بنِ فَزارة وَعَبْس.

  والفِنْدُ القِطْعة العظيمة الشَّخْصِ من الجَبل. وعَمَايةُ: جَبلٌ عظيمٌ. والمُلأَمُّ: الذي قد لبِسَ لأُمَته وهي الدِّرْعُ. قال: وذَكَرَ النحويّون أَن تأْنيثَ الفَلحاءِ إِتباعٌ لتأنيث لفْظ عنترَةَ.

  قال ابن منظور: ورأَيْتُ في بعض حواشي نُسخ الأُصول الّتي نَقلْت منها ما صُورته: في الجمهرة لابن دريدٍ. عِصْيدٌ لقبُ حِصْنِ بن حُذَيفةَ أَو عُيينةَ بنِ حِصْن⁣(⁣٣).

  ورجلٌ مُتفلِّحُ الشَّفَةِ واليَدينِ والقَدَمَينِ: أَصابَه فيها تَشقُّقٌ من البَردِ.

  والفَيْلحَانيُّ⁣(⁣٤): تِينٌ أَسودُ يَلِي الطُّبَّارَ في الكِبَر، وهو يَتقلَّع إِذا بَلغَ، شديدُ السّوادِ، حكاه أَبو حنيفة. قال: وهو جَيِّدُ الزبيبِ، يعني بالزَّبيب يابسَه.

  [فلدح]: الفَلَنْدَحُ: الغَلِيظُ الثَّقِيلُ، ولم يَذكره صاحبِ اللسان. والفَلَنْدَح: والدُ حَضْرَمِيّ الُمشَجِّعِيّ، على صيغة اسم الفاعل، من شَجَّع تشجيعاً، الشّاعر⁣(⁣٥).

  [فلطح]: فَلْطَحَ القُرْصَ: بَسَطَه وَعَرَّضَه. وكلُّ شَيْءٍ عرَّضتَه فقد فَلْطَحتَه. وعن أَبي الفرَج⁣(⁣٦) فَرْطَح القُرْصَ وفَلْطَحه، وأَنشد لرجل من بَلحارث بنِ كعْبٍ، يَصف حَيّةً:

  جُعِلَتْ لَهَازِمُه عِزِينَ ورأْسُه

  كالقُرْص فُلْطِحَ من طَحِينِ شَعِيرِ

  وقد تقدّم هذا البيتُ بعينه في فرطح بالرّاءِ، وذكَرَه الأَزهريّ باللام.

  وعن ابن الأَعْرَابيّ: رَغيفٌ مُفلْطَح. واسِعٌ، وفي حديث القِيَامَةِ «عليهِ حَسكَةٌ مُفَلْطَحَةٌ لها شَوْكَةٌ عَقِيفَة».

  المُفَلْطَح: الذي فيه عِرَضٌ واتِّسَاع.

  ورَأْس فِلْطَاحٌ، بالكسر، ومُفَلْطَح، أَي عَريضٌ. ذكَرَ ابن بَرّيّ في ترجمة فرطح قال: هذا الحَرفُ أَعنِي قولَه مُفَلْطَح، الصحيح فيه عند المحقِّقين من أهل اللغة أَنّه مُفلْطح، باللام.

  وفي الخبر أن الحسن البصريّ مرَّ على باب ابنِ هُبَيْرةَ وعليه القُرّاء، فسلَّمَ ثمّ قال: مالِي أَراكم جُلوساً، قد أَحفَيتُم شَوَارِبَكم، وحَلَقتم رُؤُوسَكم، وقَصَّرْتم أَكمامَكم، وفَلطحْتُم نِعالكم⁣(⁣٧)، فضحتم القُرَّاءَ فَضَحَكم الله.

  وفي حديث ابن مسعود: «إِذا ضَنّوا عليه⁣(⁣٨) بالمُفَلْطَحَة»،


(١) قال الخطابي: معناه أنهم راضون بعلمهم يغتبطون به عند أنفسهم.

(٢) سورة «المؤمنون» الآية ٥٣.

(٣) اقتصر ابن دريد في الجمهرة ٣/ ٣٥٤ على حصن بن حذيفة. وفي التكملة (عصد): لقب حصن بن حذيفة أو حذيفة بن بدر. وأنشد ابن دريد بيت عنترة:

فهلا وفي الغفراء عمرو بن جابر

بذمته وابن اللقيطة عصيد

وعصيد بوزن حِذْيَم: المأبون.

(٤) عن اللسان، وبالأصل «والفليحاني».

(٥) انظر المؤتلف والمختلف للآمدي ص ٨٥. [وبنسخة من القاموس: المَسْجَعِيّ].

(٦) في اللسان: ابن الفرج.

(٧) بهامش المطبوعة المصرية: «في اللسان بعد نعالكم: أما والله لو زهدتم فيما عند الملوك لرغبوا فيما عندكم ولكنكم رغبتم فيما عندهم فزهدوا فيما عندكم فضحتم ... الخ».

(٨) اللسان: عليك.