تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل القاف مع الحاء المهملة

صفحة 170 - الجزء 4

  الأَصمعيّ: قلْت لأَعرابيّ: ما النّاقَةُ القِرْوَاح؟ قال: التي كأَنّها تَمْشِي على أَرْمَاح. والقِرْوَاح: النَّخْلَة الطويلةُ الجَرْداءُ المَلْسَاءُ، أَي التي انْحَرد كَرَبُها وطالَتْ، ج قَرَاوِيحُ، وأَمّا في قولِ سُوَيدِ بن الصَّامِت الأَنصارِيّ:

  أَدِينُ ومَادَيْنِي عَليكُمْ بمَغْرَمٍ

  ولكنْ على الشُّمِّ الجِلَادِ القَرَاوِحِ⁣(⁣١)

  وكان حَقُّه القَرَاوِيح، فاضطُرّ فحَذفَ.

  وعن أَبي عَمرٍو: القِرْوَاحُ: الجَمل يَعافُ الشُّرْبَ مع الكِبَار، فإِذا جاءَ الدَّهْداهُ، وهي الصِّغَارُ، شَرِبَ مَعَهَا، وفي نسخة: معهنّ.

  والقِرْوَاح أَيضاً: البارزُ الّذِي لا يَستُرُه من السَّماءِ شيْءٍ، وقيلَ هو الأَرْضُ البارزةُ للشَّمْس، قال عَبيدٌ:

  فمَنْ بنَجْوَته كمَنْ بعَقْوَتِه

  والمُسْتَكِنُّ كمَنْ يَمْشِي بقِرْوَاحِ

  والقُرَاحِيّ بالضّمّ: من لَزِمَ القَرْيةَ ولا يَخرُج إِلى البادَيَة.

  قال جَرير:

  يُدَافِع عَنكمْ كُلَّ يَومِ عَظيمةٍ

  وأَنْتَ قُرَاحِيٌّ بِسِيفِ الكَوَاظِمِ

  وقيل قُرَاحِيّ: منسوبٌ إِلى قُرَاحٍ وهو اسمُ مَوضِع، قال الأَزهَريّ: هي قريةٌ على شَاطِئ البَحْر، نَسَبَه إِلَيْهَا.

  والقارِحُ: الأَسَدُ، كالقَرْحَانِ، والقارِحِ: القَوْسُ البائنةُ عَنْ وَتَرِهَا. وقَرَحَت النّاقَةُ: استَبَانَ حَمْلُها. قال ابن الأَعْرَابيّ: هي قارحٌ أَيّامَ يَقْرَعُهَا الفَحْلُ، فإِذَا اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فهي خَلِفَةٌ، ثم لَا تزال خَلِفَةً حتّى تَدْخُل في حَدّ التَّعشير.

  وعن اللّيث: ناقةٌ قارِحٌ، وقد قَرَحَتْ قُرُوحاً بالضّمّ، إِذا لم يَظُنّوا بها حَمْلاً ولم تُبَشِّر⁣(⁣٢) بذنبها حتى يَستَبِينَ الحَمْلُ في بَطْنهَا. وقال أَبو عُبَيْد: إِذا تَمَّ حَمْلُ النَّاقَةِ ولم تُلْقِه فَهي حينَ يَستَبِينُ الحَمْلُ بها قارِحٌ. وقال غيرُه: فَرَسٌ قَارِحٌ: أَقامَتْ أَربعين يوماً مِن حَمْلها أَو أَكثَرَ حتى شَعَّرَ⁣(⁣٣) والقَارِح: الناقةُ أَوّلَ ما تَحمِل، والجَمْع قَوَارِحُ وقُرَّحٌ، وقد قَرَحَت تَقْرَحُ قُرُوحاً وقِرَاحاً. وقيل القُرُوحُ أَوّلَ ما تَشولُ بذَنَبِهَا، وقيلَ إِذا تمَّ حَملُهَا فهي قَارِحٌ، وقيلَ هي الّتي لا تُشْعِرُ بلَقَاحِهَا حتَّى يَسْتَبِين حَمْلُهَا. وعبارةُ الكُلّ متقاربةٌ.

  والقَرِيحة: أَوّلُ ماءٍ يُستَنبَط، أَي يُخْرَج من البِئر حين تُحْفَر⁣(⁣٤) كالقُرْحِ، بالضّمّ. قال ابن هَرْمةَ:

  فَإِنّك كالقَريحةِ حين تُمْهَى

  شَروبُ الْمَاءِ ثم تَعودُ مَأْجَا⁣(⁣٥)

  المأْج: المِلْح، ورواه أَبو عبيد «بالقريحةِ»، وهو خطأٌ. كذا في اللسان.

  ومنه قولهم: لفلانٍ قَرِيحَةٌ جَيّدة، يراد استنباطُ العِلْم بجَودةِ الطّبع. قال شيخُنا: وهي قُوّة تستنبطُ بها المعقولات، وهو مجازٌ صرَّحَ به غيرُ واحد. وقال أَوس:

  على حِينَ أَنْ جدَّ الذَّكَاءُ وأَدرَكَتْ

  قَريحَةُ حِسْيٍ مِنْ شَرِيحٍ مُغَمِّمِ

  يقول: حينَ جَدَّ ذَكائي، أَي كبِرْت وأَسننْت، وأَدْرَك من ابني قريحةُ حسْيٍ، يعني شَعرَ ابنِه شُرَيحِ بن أَوْس، شَبَّهه بما لا يَنْقَطِع ولا يُغَضغَض، مُغَمِّم، أَي مُغْرِق.

  وقَريحَة الشّباب: أَوّلُه، وقيل هي أَوّلُ كُلِّ شَيْءٌ وباكُورَتُه، وهو مجاز. والقَرِيحَة مِنك: طَبْعُك الذي جُبِلْتَ عليه لأَنّه أَوّل خلقتك⁣(⁣٦) ووقع في كلام بعضهم أَنّها الخاطر والذِّهْن.

  والقُرْحُ، بالضَّم: أَوّلُ الشَّيْءِ. وهو في قُرْح سنِّه أَي أَوَّلها. قال ابن الأَعْرَابيّ: قلت لأَعرابيّ كمْ أَتَى عليك؟ فقال: أَنا في قُرْحِ الثلاثين. يقال: فلانٌ في قُرْحِ


(١) قاله مخاطباً لقومه: إِنما آخذ بدين على أن أؤديه من مالي وما يرزق الله من ثمره، ولا أَكلفكم قضاءه عني.

والشم: الطوال من النخل وغيرها. والجلاد: الصوابر على الحر والعطش وعلى البرد.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله ولم تبشر، قال في اللسان: وبشرت الناقة باللقاح وهو حين يعلم ذلك عند أول ما تلقح».

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله حتى شعر، عبارة اللسان: شعر ولدها، وهي الصواب، وشعر بتشديد».

(٤) عن اللسان والتهذيب وبالأصل «يحضر».

(٥) رواه الأَزهري في التهذيب: ماجا بغير همزة.

(٦) بالأصل: «الذي جُبل عليه لأنه أول خلقته» تبع في ذلك عبارة اللسان وقريحة الإِنسان: طبيعته. وقد نبه بهامش المطبوعة المصرية إِلى ما أثبتناه.