تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[لحح]:

صفحة 188 - الجزء 4

  بادٍ نَوَاحِيه شَطون اللُّجْحِ

  قال الأَزهريّ: والقصيدة على الحاءِ، قال: وأَصله اللُّحج، الحاءُ قبل الجيم فقَلَب.

  واللَّجَحُ، بالتحريك: اللَّخَصُ في العَيْنِ، أَو الغَمِصُ، بالغين محرَّكَةً. وعَيْرُ العَيْنِ - بفتح العين المهملة وسكون المثنّاة التّحتيّة، وفي بعض النُّسخ بضمّ العين وسكون الموحّدة وهو خطأٌ - الّذِي يَنْبُتُ الحاجِبُ على حَرْفِه، وهو كِفَّتها، كلُحْجِها، والجمع من كلِّ ذلك ألجاحٌ.

  [لحح]: أَلَحَّ في السُّؤال مثل أَلْحَفَ بمعنًى واحدٍ.

  وأَلَحَّ السَّحابُ: دامَ مَطَرُه، قال امرؤُ القيس:

  دِيَارٌ لسَلْمَى عافِيَاتٌ بِذي خَالِ

  أَلحَّ عليها كلُّ أَسحَمَ هَطَّالِ

  وسَحابٌ مِلْحاحٌ: دائمٌ، وأَلَحَّ السَّحَابُ بالمكان: أقامَ به، مثْل أَلَثَّ⁣(⁣١).

  ومن المجاز: أَلحَّ الجَملُ: حَرَنَ ولَزِمَ مكانَه فلم يَبْرَح كما يَبْرَحُ الفَرَسُ، وأَنشد:

  كَمَا أَلحَّتْ على رُكْبَانها الخُورُ

  وكذا أَلحَّت النّاقَةُ. وقال الأَصمعيّ: حَرَنَ الدّابَّةُ، وأَلَحَّ الجَملُ، وخَلأَت النّاقَةٌ. وأَجاز غَيْرُ الأَصمعيّ أَلَحَّت الناقَة: خَلأَتْ.

  وفي حديث الحُدَيْبِيَة: «فركبَ ناقَتَه فزَجَرَها المُسلِمُون فأَلحَّت»، أَي لزِمَت مكانَهَا؛ من أَلَحَّ بالشيْءِ⁣(⁣٢)، إِذا لزِمَه وأَصَرَّ عليه. وأَلحَّت المَطِيُّ: كَلَّتْ فأَبطَأَتْ وكلُّ بَطِيءٍ مِلْحاحٌ، ودابّةٌ مُلِحٌّ، إِذا بَرَكَ ثَبَتَ ولم يَنْعِثْ.

  ومن المجاز: أَلَحَّ القَتَبُ: عَقَرَ ظَهْرهَا، قال البَعيث المُجاشعيّ:

  أَلَدُّ إِذا لاقَيْتُ قَوماً بخُطّةٍ

  أَلَحَّ على أَكْتَافِهِمْ قَتَبٌ عُقَرْ

  قال ابنَ بَرِّيّ: وَصَفَ نفْسَه بالحِذْق في المخاصَمةِ وأَنّه إِذا عَلِقَ بخَصْمٍ لم يَنفصِلْ منه حتّى يُؤَثِّرَ كما يُؤَثِّرُ القَتَبُ في ظَهْرِ الدَّابّة.

  وهو، أَي القَتَب، ملْحَاحٌ يَلزَق بظَهْرِ البَعير فيَعْقرُه، وكذلك هو من الرِّحَال والسُّرُوجِ، وهو مَجاز.

  ولَحْلَحُوا: لم يَبرَحُوا مَكَانَهُمْ، كتلَحْلَحُوا. قال ابن مُقْبِل:

  بِحَيٍّ إِذا قِيلَ: اظْعَنُوا قدْ أُتِيتُمُ

  أَقامُوا على أَثْقَالِهمْ وتَلَحْلحُوا⁣(⁣٣)

  يريد أَنهم شُجعانٌ لَا يَزُولون عن مَوْضعِهم الّذي هم فيه إِذا قيل لهم أُتِيتم، ثِقَةً منهم بأَنْفسهم. ويقول الأَعرابيُّ، إِذا سُئِل: ما فَعَل القَومُ: تَلَحْلَحُوا، أَي ثَبَتوا، ويقال تَلَحْلَحُوا، أَي تَفرَّقوا. وأَنشد الفَرَّاءُ لامرأَةٍ دَعَتْ علَى زَوْجِها بعدَ كِبَرِه:

  تَقول وَرْياً كُلَّما تَنَحْنحَا

  شَيخاً إِذا قلّبتَه تَلَحْلَحَا

  أَرادت: تَحلْحلا فقَلبت، أرادَتْ أَنَّ أَعضَاءَه قد تَفرَّقَت من الكِبَر.

  وفي الحديث «أَنَّ ناقة رسولِ الله ÷ تَلَحْلَحت عندَ بَيتِ أَبي أَيُّوبَ ووَضَعَتْ جِرَانَها»، أَي أَقامَت وثَبتَتْ.

  ولَحِحَتْ عَيْنُه كسَمِعَ: لَصِقَتْ بالرَّمَصِ وقيل: لَحَحُها: لُزُوقُ أَجفانِها لكَثْرَةِ الدُّمُوعِ، وهو أَحَدُ الأَحرُف الَتي أُخْرِجَت على الأَصل من هذا الضَّرْب، مُنبِّهة على أَصلِهَا ودَلِيلاً على أَوّلِيَّة حالِها. والإِدغامُ لُغَة. وقال الأَزهريّ عن ابن السِّكيِّت قال: كلُّ ما كان على فَعِلَتْ ساكنة التاءِ من ذَوَات التَّضعيف فهو مُدْغم، نحو صَمَّت المرأَةُ وأَشبْاهها، إِلّا أَحْرُفاً جاءَت نوادِرَ في إِظهار التَّضْعيف، وهي لحِحَتْ عَينُه، إِذا التصَقَت، ومَشِشَت الدَّابَّةُ، وصَكِكَتْ وضَبِبَ البَلَدُ: إِذَا كَثُرَ ضبَابُه، وأَلِلَ السِّقَاءُ إِذا تَغيَّرتْ رِيحه، وقَطِطَ شَعرُه.

  ولَحَّتْ عينُه كَلَخَّت: كُثرَ⁣(⁣٤) دُموعُها وغلُظَت أَجفانُها.


(١) أنشد في الصحاح بيت البعيث المجاشعي الآتي، كشاهد.

(٢) في اللسان: على الشيء.

(٣) رواية صدره في الصحاح:

أناس إِذا قيل انفروا قد أتيتم

وروايته في التهذيب:

لحيّ إِذا قيل ارحلوا قد أُتيتموا

(٤) في اللسان: كثرت.