تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل اللام مع الحاء المهملة

صفحة 192 - الجزء 4

  أَولادُهَا، جَمْعُ مُلْقَحَة، بفتح القاف. وقد يقال: المَلَاقِيح: الأُمَّهات. ونُهِيَ عن أَولاد المَلاقيح وأَولاد المَضَامين في المُبَايَعة، لأَنّهم كانوا يَتَبَايعُون أَولادَ الشّاءِ في بطون الأُمّهاتِ وأَصلاب الآباءِ. والمَلَاقِيحُ في بُطون الأُمّهات، والمضامِينُ في أَصْلاب الآباءِ. وقال أَبو عُبيدٍ: المَلَاقيح: ما في بُطونها أَي الأُمَّهاتِ من الأَجِنَّة⁣(⁣١). أَو المَلاقَيحُ: ما في ظُهورِ الجمَال الفُحولِ.

  رُوِيَ عن سعيدِ بن المسيِّب أَنّه قال: «لا رِبَا في الحَيَوانِ، وإِنّما نُهِيَ عن⁣(⁣٢) الحيوانِ عن ثَلاث: عن المَضَامين والمَلاقيح وحَبَلِ الحَبَلَةِ». قال سعيد⁣(⁣٣) فالملاقِيح ما في ظُهُورِ الجِمال، والمَضَامِينِ ما في بُطون الإِناث.

  قال المُزَنيّ: وأَنا أَحفَظ أَنّ الشافعيّ يقول: المَضَامِينُ مَا في ظُهور الجِمال، والمَلَاقيح ما في بُطُونِ الإِناث. قال المُزَنيّ: وأَعلَمْت بقولِه عبدَ الملك بنَ هِشَامٍ، فأَنشدني شاهداً له من شِعر العرب:

  إِنَّ المضامينَ التي في الصُّلْبِ

  مَاءَ الفُحُول في الظّهور الحُدْبِ

  ليسَ بمغْنٍ عنك جُهْدَ اللَّزْبَ⁣(⁣٤)

  وأَنشدَ في الملاقيح:

  مَنَّيْتَنِي مَلاقِحاً في الأَبطُنِ

  تُنْتَجُ ما تَلْقَحُ بعْدَ أَزمُنِ⁣(⁣٥)

  قال الأَزهريّ: وهَذَا هو الصّواب. جَمْعُ مَلْقُوحةٍ. قال ابن الأَعرابيّ: إِذَا كَان في بَطْنِ النَّاقةِ حَمْلٌ فهي مِضْمانٌ وضامِنٌ، وهي⁣(⁣٦) مضامِينُ وضَوَامِنُ، والّذي في بطْنها مَلقُوحٌ ومَلقُوحةٌ. ومعنى المَلْقوحِ: المحمولُ، واللّاقح: الحامِلُ.

  وقال أَبو عُبَيْد: واحدةُ الملاقِيحِ مَلْقُوحةٌ، من قولهم لُقِحَت، كالمَحمومِ من حُمّ، والمجنون من جُنّ، وأَنشد الأَصمعيّ:

  وعِدَةِ العامِ وعامٍ قابلِ

  مَلقُوحَةً في بطن نابٍ حائلِ⁣(⁣٧)

  يقول: هي مَلقوحَةٌ فيما يُظهِرُ لي صاحِبُها، وإِنّما أُمُّهَا حائلٌ. قال: فَالملقُوحُ⁣(⁣٨) هي الأَجنّة التي في بطونها، وأَما المَضَامينُ فما في أَصلاب الفُحول، وكانُوا يَبيعُون الجَنينَ في بطْن الناقةِ، ويَبيعون ما يَضْرِبُ الفَحلُ في عامِهِ أَو في أَعوامِ، كذا في لسان العرب.

  وتَلقَّحَتِ النّاقَةُ، إِذا شالَتْ بذَنَبها وأَرَتْ أَنَّها لاقِحٌ لئلَّا يدْنُوَ منها الفَحلُ ولم تَكُنْ كَذلك.

  وتَلقَّحَ زيدٌ: تَجَنَّى عليَّ ما لم أُذْنِبْه. ومن المجاز: تَلقَّحَتْ يَداه، إِذَا أَشارَ بهما في التَّكلُّم، تشبيهاً بالنّاقَة إِذا شالَتْ بذَنَبِها. وأَنشد:

  تَلَقَّحُ أَيْديهمْ كأَنَّ زَبِيبَهم

  زَبِيبُ الفُحُولِ الصِّيدِ وهي تَلَمَّحُ

  أَي أَنهم يُشِيرُون بأَيديهم إِذَا خَطَبُوا. والزَّبِيب: شِبْه الزَّبَد يَظْهَر في صامِغَيِ الخَطِيب إِذَا زَبَّبَ شِدْقَاه.

  وإِلقاح النَّخْلةِ وتَلْقيحُها: لَقْحُهَا وهو دَسُّ شِمْراخِ الفُحّالِ في وِعاءِ الطَّلْع، وقد تقدَّم، وهو مَجاز، فإِنَّ أَصْل اللَّقَاح للإِبل. يقال: لَقَحوا نَخْلَهم وأَلْقحوها. وجاءَنا زمَنُ اللَّقاح، أَي التلقيح. وقد لَقَّحْت النَّخيلَ تَلِقيحاً.

  ومن المجاز أَيضاً: أَلقَحَتِ الرِّيَاحُ الشَّجرَ والسَّحابَ ونحوَ ذلك في كلِّ شَيْءٍ يَحْمِل فهيَ، لَوَاقِحُ، وهي الرِّياح التي تَحمِل النّدَى ثمَّ تَمُجُّه في السَّحابِ، فإِذا اجتمَعَ في السَّحَاب صارَ مَطَراً. وقيل: إِنّما هي مَلاقحُ. فأَمّا قولهم: لواقحُ، فعلَى حَذفِ الزائد، قال الله تعالى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ}⁣(⁣٩) قال ابن جنّي: قياسُه مَلاقِح، لأَنَّ الرِّيح تَلْقَح


(١) في غريب الهروي ١/ ١٢٨ «وهي الأجنة» وزيد فيه: والواحدة منها ملقوحة، وأنشدني الأحمر لملك بن الريب:

إِنا وجدنا طرد الهوامل

خيراً من التأنان والمسائل

وعدة العام وعام قابل

ملقوحة في بطن نابٍ حائل

(٢) الأصل واللسان وفي التهذيب «من».

(٣) بالأصل «أبو سعيد» وصوبناه عن التهذيب واللسان، ونبه بهامش المطبوعة المصرية إِلى رواية اللسان.

(٤) في التهذيب «لسن» بدل ليس، واللسان فكالأصل.

(٥) «منيتني» عن التهذيب وبالأصل «منيتي».

(٦) الأصل واللسان، وفي التهذيب: وهن.

(٧) أشرنا إِلى قول أبي عبيد قريباً، وروينا البيت ومعه بيتاً آخر وهو لمالك بن الريب (عند أبي عبيد: ملك).

(٨) في غريب الهروي: فالملقوحة.

(٩) سورة الحجر الآية ٢٢.