[منح]:
  الشاةِ تُعطِيها غيرَك يَحتَلِبها ثم يَرُدّها عليك.
  وفي الحديث: «هلْ مِن أَحدٍ يَمنَحُ مِنْ إِبلِهِ ناقَةً أَهْلَ بَيتٍ لا دَرَّ لهُمْ».
  وفي الحديث: «ويِرْعَى عليها مِنْحَةً مِنْ لُبْنٍ» أي غنم(١) فيها لبَنٌ، وقد تقع المِنحَةُ على الهِبَة مطلقاً لا قَرْضاً ولا عارِيَّةً، وفي الحديث: «مَنْ مَنَحَه المشركون أَرْضاً فلا أَرْضَ له، لأَنّ من أَعَارَه مُشرِكٌ أَرضاً لِيزرَعها فإِنّ خَرَاجَها على صاحِبها المُشْرِكِ لا يُسقِط الخَراجَ عنه مِنْحَتُه(٢) إِيّاهَا المُسْلِمَ، ولا يكون على المُسْلِم خَرَاجُها.
  وقيل: كلُّ شيْءٍ تَقصِد به قَصْدَ شَيْءٍ فقد مَنَحْتَه إِيّاه، كما تَمْنَح المرأَةُ وَجْهَها المِرآةَ(٣)، كَقول سُوَيْد بن كُراع.
  تمنَحُ المِرآةَ(٤) وَجْهاً واضِحاً
  مِثلَ قَرْنِ الشَّمْسِ في الصَّحْوِ ارتَفَعْ
  قال ثعلب: معناه تُعطِي من حُسْنها المرآةَ(٥).
  وفي الحديث: «مَنْ مَنَحَ مِنْحَةَ وَرِقٍ أَو مَنَحَ لَبَناً كان كَعِتْقِ رَقَبَة» وفي النهاية: «كان كعِدْلِ رَقَبة»(٦) قال أَحمد بن حِنبل: مِنْحَةُ الوَرِقِ القَرْضُ: وقال أَبو عُبيد: المِنْحة عند العرب على مَعنَيين: أَحدهما أَن يُعطِيَ الرَّجلُ صاحبَه المالَ هِبَةً أَو صِلَةً فيَكونَ له، وأَمّا المِنحة الأُخرَى فأَن يَمْنَحَ الرَّجلُ أَخاه نَاقَةً أَو شاةً يَحلُبها زَماناً وأَيّاماً ثم يَردُّها، وهو تأْويل قوله في الحديث الآخَر: «المِنْحَة مَردُودَةٌ والعارِيَّةُ مُؤَدَّاةٌ».
  والمِنحة أَيضاً تكون في الأَرض، وقد تقدّم.
  واسْتَمْنَحَه: طَلبَ مِنْحتَه، أي عَطِيَّتَه. وقال أَبو عُبيد: استَرْفَدَه.
  والمَنِيحُ، كأَمِيرٍ: قِدْحٌ بلا نَصِيبٍ، قال اللِّحْيَانيّ: هو الثالِث من القِداحِ الغُفْلِ التي لَيْسَت لها فُرُضٌ ولا أَنصِباءُ.
  ولا عليها غُرْم، وإِنما يُثقَّل بها القِدَاحُ الأَربعةِ التي ليس لها غُنْم ولا غُرْم، أَوّلها المُصدَّر، ثم المُضعَّف، ثم المَنِيح، ثم السَّفِيح. وقيل: المَنِيح: قِدْحٌ يُستعارُ تَيَمُّناً بفَوْزِهِ. قال ابن مُقْبل:
  إِذا امْتَنَحَتْه من مَعَدٍّ عِصَابَةٌ
  غَدَا رَبُّه قَبْلَ المُفِيضِينَ يَقْدَحُ
  يقول: إِذا استعارُوا هذا القِدْحَ غَدَا صاحِبُه يَقْدَحُ النَّارَ لتَيقُّنِه(٧) بفَوزِه. وهذا هو المَنيحُ المستعارُ. وأَمّا قَوله:
  فَمَهْلاً يا قُضَاعُ فلا تَكونِي
  مَنِيحاً في قِدَاحِ يَدَيْ مُجِيلِ
  فإِنّه أَراد بالمَنِيح الذي لا غُنْمَ له ولا غُرْمَ عليه.
  وأَما حديث جابِر: «كُنتُ مَنِيحَ أَصحابِي يَوْمَ بَدْرٍ»، فمعناه أي(٨) لم أَكُنْ ممن يُضْرَب له بسَهْمٍ مع المجاهدين لِصغَرِي، فكنت بمنزلةِ السَّهْم اللَّغْوِ الذي لا فَوزَ له ولا خُسْرَ عليه. أَو المَنيح قِدْحٌ له سَهْمٌ. ونصّ الصّحاح: المَنِيح. سَهْمٌ من سِهَامِ المَيسِر مّما لا نَصِيبَ له، إِلّا أَنْ يُمْنَح صاحبُه شيئاً.
  والمَنِيحُ: فَرَسُ القُرَيْم(٩) أَخي بني تَيْم. والمَنِيح(١٠) أَيضاً: فَرسُ قَيس بن مَسعُود الشَّيْبَانيّ. والمَنِيحَة بهاءٍ فَرسُ دِثارِ بن فَقْعَسٍ الأسَديّ.
  وأَمنَحَتِ النّاقَةُ: دَنَا نَتَاجُهَا، وهي مُمْنِحٌ كمُحْسِن، وذكَره الأَزْهَرِيّ عن الكِسَائيّ وقال: قال شَمِرٌ: لا أَعْرِف أَمْنحَتْ بهذا المعنَى. قال أَبو منصور: وهذا صحيحٌ بهذا المعنَى ولا يَضُرُّه، إِنْكارُ شَمِرٍ إِيّاه.
  ومن المجاز المَنُوح والمُمِانِحُ مثْل المُجالِح، وهي نَاقَةٌ يَبْقَى لبَنُهَا، أي تدِرّ في الشِّتَاءِ بَعْدَ ذَهَابِ الأَلبَان من غيرها.
  ونُوقٌ مَمَانِحُ، وقد مانحَتْ مِنَاحاً ومُمَانَحةً. ومنه أَيضاً
(١) كذا والصواب أي غنماً، بالنصب بعد أي.
(٢) في النهاية واللسان «منحتها» والصواب ما أثبتناه.
(٣) بالأصل «المرأة» والصواب ما أثبتناه عن التهذيب.
(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله كان كعدل، الذي في النهاية واللسان: كان له» كعدل رقبة. وفي التهذيب فكالأصل.
(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: يحتلبها زمناً أو أياماً.
(٦) هنا نقص بالأصل نبه عليه بهامش المطبوعة المصرية: «عبارة اللسان بعد قوله القداح: كراهية التهمة: اللحياني: المنيح: أحد القداح ...».
(٧) التهذيب واللسان والأساس لثقته.
(٨) الأصل واللسان وفي التهذيب: «أني» وبهامش المطبوعة المصرية «قوله فمعناه أي كذا في اللسان أيضاً، ولفظ أي لا حاجة إِليه».
(٩) في القاموس: القُوَيم بالواو، وفي إِحدى نسخ القاموس القريم كالأصل. وبهامش القاموس المطبوع: «قوله القويم بالواو في عاصم، وفي المتون والشارح: القريم بالراء فليحرر اه».
(١٠) بالأصل والمنيحة، وما أثبت عن التكملة.