تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الحاء المهملة

صفحة 224 - الجزء 4

  وأَنْبَحْتُه: جَعلْته يَنْبَحُ. قال عَبْدُ بنُ حَبِيبٍ الهذَليّ:

  فأَنْبَحْنَا الكِلابَ فَورَّكَتْنَا

  خِلَالَ الدّارِ دَامِيَةَ العُجُوبِ

  وأَنْبَحْته واستَنْبحتُه بمعنًى. يقال استَنبح الكَلْبَ، إِذَا كانَ في مَضَلّةٍ فأَخْرَجَ صَوْتَه على مِثلِ نُباحِ الكَلْب، ليسمعَه الكَلْبُ فيتوهَّمَه كَلْباً فيَنبَح، فيَستدِلّ بنُبَاحِه فيهتدِيَ.

  قال الأَخطل يهجو جريراً:

  قَومٌ إِذا استنْبَحَ الأَقْوَامُ كَلْبَهُمُ

  قالوا لأُمِّهِم بُولِي على النّارِ⁣(⁣١)

  ومن المجاز: سمِعْتُ نُبوحَ الحَيّ، النُّبُوحُ، بالضّمّ: ضَجَّة القَوْمِ وأَصوَاتُ كِلابِهِم. زاد في الأَساس: وغيرِهَا.

  قال أَبو ذُؤَيب:

  بأَطْيَبَ من مُقبَّلِها إِذَا ما

  دَنَا العَيُّوقُ واكتَتَمَ النُّبُوحُ

  والنُّبُوح: الجَمَاعَةُ الكَثِيرةُ من الناس. قال الجوهريّ: ثمّ وُضِعَ مَوضِعَ الكثْرةِ والعِزِّ. قال الأَخطلُ:

  إِنَّ العرَارَة والنُّبُوحَ لِدَارِمٍ

  والعِزَّ عندَ تكامُلِ الأَحسابِ

  وهذا البيتُ أَورده ابن سيده وغيرُه:

  إِنَّ العَرَارَةَ والنُّبُّوحَ لِدَارم

  والمُستخفَّ أَخوهُم الأَثقالا⁣(⁣٢)

  وقال ابن بَرّيّ: عن البيت الذي أورده الجوهَرِيّ: إِنّه للطِّرِمّاح قال: وليس للأَخطل كما ذكره الجوهَريّ، وصواب إِنشاده «والنُّبوحَ لطَيِّئ» وقبله:

  يا أَيُّها الرّجلُ المفاخِرُ طَيِّئاً

  أَغْرَبْتَ نفْسَك أَيّما إِغْرَابِ

  قال: وأَمّا بَيت الأَخطلِ فهو ما أَوردَه ابن سيده، وبعده:

  المانِعين الماءَ حتَّى يَشْرَبُوا

  عَفَوَاتِه ويُقسَّمُوه سِجَالا

  مَدَح الأَخطلُ بني دَارِم بكثرةِ عَدَدهم وحَمْلِ الأُمورِ الثّقال التي يَعجِز غَيرُهم عن حَمْلها، كذا في اللسان.

  والنَّبَّاح ككَتَّان: والدُ عامرٍ مُؤذِّنِ عليّ بن أَبي طالبٍ ¥(⁣٣) وكرّمَ وَجْهَه. والنّبّاحُ: صَدَفٌ بيضٌ صِغَارٌ.

  وعبارة التهذيب: منَاقِفُ صِغَارٌ بِيضٌ مَكّيّة، أي يُجاءُ بها مِن مكة تُجعَل في القَلائدِ والوُشُحِ وتُدفَع بها العَيْن، واحدته بِهاءٍ، وأَبو النّبَّاح محمّدُ بنُ صالحٍ، محدّثُ.

  والنُّبَّاحُ كرُمّان⁣(⁣٤): الهُدهُدُ الكثيرُ القَرْقَرةِ، عن ابن الأَعرابيّ. وقد نَبَحَ الهُدْهُدُ يَنْبَح نُبَاحاً، إِذا أَسَنَّ فغَلُظ صَوْتُه، وهو مَجاز.

  وقال أَبو خَيْرةٍ: النُّبَاح كغُرَابٍ: صَوْتُ الأَسْوَدِ يَنبَح نُباحَ الجَرْوِ.

  وقال أَبو عَمرٍو: النَّبْحَاءُ: الظَّبْيَةُ الصَّيَّاحَةُ. وعن ابن الأَعْرَابيّ: النّبَّاح: الظَّبيُ الكَثيرُ الصِّياحِ.

  وذُو نُبَاحٍ، بالضمّ، حَزْمٌ مِن الشَّرَبَّة قُرْبَ تَيْمَنَ، وهي هَضْبَة من ديارِ فَزَارَةَ.

  * ومما يستدرك عليه:

  كلْبٌ نابحٌ ونَبَّاحُ. قال:

  ما لَكَ لا تَنْبَحُ يا كَلْبَ الدَّوْمْ

  قَد كُنتَ نَبَّاحاً فمَالكَ اليَوْمْ

  قال ابن سيده: هؤلاءِ قومٌ انتظروا قَوماً فانتظرُوا نَباحَ الكَلْبِ ليُنذِرَ بهم. وكِلابٌ نَوَابحُ ونُبَّحٌ ونُبُوحٌ. وكَلبٌ نُبَاحِيٌّ: ضَخمُ الصَّوْت، عن اللِّحْيَانيّ. ورجل مَنبوحٌ يُضْرَبُ له مثَلُ الكَلْب ويُشبَّه بِه، ومنه حديث عمّار ¥ فيمن تناوَل من عائشة ^: «اسْكُتْ


(١) الرواية المشهورة «الأَضياف» بدل «الأقوام».

(٢) ويروى المستخف بالرفع والنصب. فمن نصبه عطفه على اسم إِن، وأخوهم خبر إِن، والأثقال مفعول بالمستخف ... وقد يجوز أن ينصب بإِضمار فعل دل عليه المستخف تقديره إِن الذي استخف الاثقال أخوهم ويجوز أن يرتفع أخوهم بالمستخف والأثقال منصوبة به ويكون العائد على الألف واللام الضمير الذي أضيف إِليه الأخ ويكون الخبر محذوفاً تقديره إِن الذي استخف أخوهم الأثقال هم. فحذف الخبر لدلالة الكلام عليه.

وأما من رفع المستخف فإِنه رفعه بالعطف على موضع إِن ويكون الكلام في رفع الأخ من الوجهين المذكورين فيمن نصب المستخف.

(٣) في القاموس: «والشديد الصوت» بعد كلمة عنه.

(٤) ضبطت في التهذيب واللسان بفتح النون ضبط قلم.