تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ندح]:

صفحة 227 - الجزء 4

  المصنفين⁣(⁣١). والنَّحَاحَة: السَّخاءُ، والبُخْل، ضدُّ. ومن ذلك النَّحَانِحَةُ بمعنى البُخَلاءِ اللِّئام. قيل: جمْع⁣(⁣٢) نَحْنَح، كجَعفَر، وقيل من الجموع التي لا واحدَ لها.

  ورَجلٌ شَحِيحٌ نَحِيحٌ، أَي بخيل، إِتْبَاعٌ، كأَنّه إِذا سُئل اعتَلّ كَراهَةً للعطاءٍ فردَّدَ نَفَسه لذلك. قال شيخنا: ودَعوى الإِتباع بناءً على أَنَّ هذه المادّة لم تَردْ بمعنَى البُخْل، وأَمّا على ما حكَاه المصنّف من وُرود النَّحَاحة بمعنى البُخْل فصَوّبوا أَنّه تأْكيدٌ بالمُرادف.

  ونُحَيْح بن عَبدِ الله، كزُبَير، من بني مُجَاشِع بن دَارِمٍ، جاهليٌّ، وقيّدَه الشاطبيّ بالجيم بعد النّون، وقال: هو نُجَيحُ بن ثُعَالَةَ⁣(⁣٣) بن حَرَامِ بن مجاشعِ، كذا في التبصير للحافظ ابن حجر.

  وقولهم: ما أَنا بنَحْنَحِ النَّفْسِ عَنْ كذا، كنَفْنَفٍ، أَي ما أَنا بَطَيِّبِ النَّفْسِ عَنْه.

  * ومما يستدرك عليه:

  النَّحْنَحَة: صَوتُ الجَرْع من الحَلْق، يقال منه: تَنَحْنَحَ الرَّجلُ، عن كُراع. قال ابن سيده: ولسْتُ منه على ثِقة، وأُراهَا بالخَاءِ. قال: وقال بعض اللُّغويين: النَّحْنَحَةُ: أَن يكرِّرَ قَولَ: نَحْ نَحْ، مُسْتَرْوِحاً، كما أَن المَقْرُور إِذا تَنَفَّسَ في أَصابعه مُستدْفِئاً فقال: كَهْ كَهْ، اشتُقَّ منه المصدر ثمّ الفِعْل، فقيل كَهْكَهَ كَهْكَهَةً، فاشتُّقوا من الصَّوْت. كذا في اللسان.

  [ندح]: النَّدْحُ، بالفتح ويُضَمّ: الكَثرة. قال العَجّاج:

  صِيدٌ تَسَامَى وُرَّماً رِقابُهَا

  بِنَدْحِ وَهْمٍ قَطِمٍ قَبقَابُهَا

  والنَّدْح والنُّدْح: السَّعَةُ والفُسْحَة. والنَّدْحُ: ما اتَّسَعَ من الأَرضِ كالنَّدْحَة والنُّدْحَة. تقول: إِنّكَ لفي نَدْحَةٍ من الأَمر، والمَنْدُوحةِ منه، أَي سَعَةٌ. وقالوا: لي عن هذا الأَمرِ مَندوحَةٌ، أَي مُتَّسَعٌ. والمُنْتَدَحِ. يقال: لي عنه منْدُوحَةٌ ومُنتَدَحٌ، أَي سَعةٌ.

  وفي حديث عِمْرانَ بن الحُصَين. «إِنّ في المعَارِيضِ لمَنْدوحَةً عن الكَذِب».

  قال الجوهَرِيّ: ولا تقُلْ ممدوحة، يعني أَنَّ في التَّعْريض بالقَوْل من الاتِّساع ما يُغنِي الرَّجُلَ عن الاضطرار إِلى الكذب المَحْضِ. وقال ابن عُصْفُور في المُمْتِع: حُكِيَ عن أَبي عُبيدٍ أَنه قال في مندوحةٍ، من قولك: ما لي عنه مَندُوحَةٌ، أَي مُتَّسع: إِنّها مشتقَّةٌ من اندَاحَ، وذلك فاسدٌ، لأنَّ انداحَ انفعَلَ، ونونَه زائدة، ومندوحةٌ مفعولةٌ، ونُونُه أَصليّة، إِذا لو كانت زائدةً لكانت مَنْفُعْلَة، وهو بناءٌ لم يَثبتْ في كِلامهم، فهو على هذا مشتقٌّ من النَّدْح، وهو سَنَدُ الجَبَلِ وجانِبُه وطَرَفُه، وهو إِلى السَّعَة، وقال غيره: المَندُوحَة بفتح الميمِ، وضمُّها لَحْنٌ. وفي كتاب لحنِ العَوَامّ للزُّبيدِيّ: يقال: له عن هذا مَنْدُوحَةٌ ومُنْتَدَحٌ، أَي مُتَّسَع، وهو النَّدْح أَيضاً، من انتدَحَتِ الغَنَمُ في مَرَابِضها. وقال أَبو عبيدٍ: المندوحة الفُسْحَة والسَّعَة، ومنه اندَاحَ بَطْنُه، أَي انتفخَ، واندَحَى لغةٌ فيه.

  وهو غَلطٌ مِن أَبي عُبَيْد، لأَنّ نونَه أَصليّة، ونون انداح زائدة، واشتقاقه من الدَّوْح⁣(⁣٤) وهو السَّعَة. ج أَي جمع النَّدْحِ والنُّدْح أَنْداحٌ. وجَمْع المندُوحَة مَنَادِيحُ، قال السُّهَيْليّ: وقد تُحْذَف الياءُ ضرورةً. قال شيخُنَا: ومِثْلُه جائز في السَّعَة، كما في منهاجِ البلغاءِ لحازمٍ، وكتاب الضرَّائر لابن عصفور.

  والنِّدْحُ، بالكَسْر: الثِّقْل، والشَّيْءُ ترَاهُ منْ بَعِيدٍ.

  ونَدَحَه كمنَعه: وَسَّعَه، كنَدَّحَه تَنديحاً. وهذَا من الأَساس، ومنه

  قَول أُمِّ سَلمةَ لعائشةَ ® حِينَ أَرادت الخُروجَ إِلى البصرة: قَدْ جَمَعَ القُرْآنُ ذَيْلَكِ فَلَا تَنْدَحِيهِ. أَي لا تُوَسِّعيه

  ولا تُفَرِّقيه بخُروجِك إِلى البصرة، والهاءُ للذّيل، ويُرْوَى: لا تَبْدَحيه. بالباءِ، أَي لا تَفْتَحِيه، من البَدْح وهو العَلانيَة، أَرادتْ قولَه تعالى. {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ}⁣(⁣٥) وقال الأَزهريّ: من قاله بالباءِ ذهَبَ إِلى البَدَاح، وهو ما اتَّسَعَ من الأَرْض ومن قاله بالنُّون ذهَبَ به إِلى النَّدْح وهو السَّعة.

  وبنُو مُنَادِحٍ، بالضَّمّ: بَطْنٌ صغِير من جُهَينَةَ القبيلةِ المشهورة.


(١) وردت في التكملة بمعانٍ ثلاثة.

(٢) بالأصل «جمعها» وبهامش المطبوعة المصرية: «قولها جمعها كذا بالنسخ والصواب جمع كما هو ظاهر.»

(٣) عن التكملة، وبالأصل «بقالة».

(٤) واندحى من الدُّحْو، فبينهما - أي الدوح والدحو - فُرقان كبير.

(٥) سورة الأحزاب الآية ٣٣.