تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نضح]:

صفحة 234 - الجزء 4

  ومن المجاز: نَضَحَ الغَضَا: تَفطَّرَ بالورق والنّباتِ. وعَمَّ بعضُهم به الشَّجَرَ فقال: نَضحَ الشَّجَرُ نَضْحاً: تَفَطَّر ليَخْرُجُ وَرقُه، قاله الأَصْمعيّ. قال أَبو طالب بن عبد المطّلب:

  بُورِكَ الميِّتُ الغرِيبُ كما بُو

  رِكَ نَضْحُ الرُّمّانِ والزَّيْتونُ

  وفي اللسان: فأَمّا قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر، فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو أَقدَمَ فجمَع نَضْحَ الشَّجَرِ على نُضوحٍ، لأَنّ بعضَ المصادر قد يُجمع كالمرَض والشُّغلُ والعَقْلِ [قالوا: أَمراضٌ وأَشغالٌ وعُقُولٌ]⁣(⁣١).

  ونَضَح الزَّرْعُ غَلُظَت جُثّتُه، وذلك إِذا ابتَدأَ الدَّقيقُ في حبِّهِ، أَي حبِّ سُنْبله وهو رطْبٌ، كأَنْضَحَ، لُغتان، قال ابن سيده.

  ونَضَحَ بالبَوْل على فَخِذَيْهِ: أَصابَهُمَا به، وكذلك نَضَحَ بالغُبَار.

  وفي حديث قَتادَة: «النَّضْح من النَّضْح» يريد من أَصابه نَضْحٌ من البَوْل وهو الشيءُ اليسيرُ منه فعلَيه أَن يَنضحَه بالماءِ، وليس عليه غَسْلُه. قال الزَّمَخشريّ: هو أَن يَصيبَه من البَوْل رَشاشٌ كرُؤُوس الإِبر. وقال الأَصمعيّ نضحْت عليه الماءَ نَضْحاً، وأَصابَه نَضْحٌ من كذا.

  ونَضَحَ الجُلَّةَ، بضمّ الجيم وتشديد اللّام، يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بالماءِ لِيَتَلازبَ تَمْرُهَا ويَلزَم بَعضُه بعضاً. أَو نَضَحَها، إِذا نَثَرَ ما فيها. وقولُ الشاعر:

  يَنضِحُ بِالبوْلِ والغُبَارِ على

  فخْذَيْهِ نَضْحَ العِيدِيّةِ الجُلَلَا

  يفسَّرُ بكلّ واحدٍ من هاتين.

  ومن المجاز: نَضَحَ عَنْه: ذَبَّ ودَفَع كمَضَحَ، عن شُجاع، ونَضَحَ الرَّجلَ: رَدَّ عنه، عن كَراع. ونَضَحَ الرَّجلُ عن نَفْسِه، إِذا دفَعَ⁣(⁣٢) عنها بحُجّة. وهو يَنضَح عنْ فُلانٍ كناضَحَ عنه مُناضحةً ونِضَاحاً. وهو يُناضِحُ عن قَوْمه وينافِح. وأَنشد:

  ولوْ بُلِي في مَحْفِلٍ نِضَاحِي⁣(⁣٣)

  أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه.

  ونضَحَت القِرْبَةُ والخابيَةُ والجَرَّةُ تَنْضَحُ كتَمنَع، هذا هو القياس، وقد مرَّ عن أَبي حَيّان ما يُؤيِّده نَضْحاً وتَنضَاحاً، بالفتح فيهما، إِذا كَانَتْ رَقيقَةً فخَرَجَ الماءُ ورَشَحَتْ، عن ابن السِّكّيت. وكذلك الجَبلُ الذي يَتحلَّبُ الماءُ بين صُخورِه. ومَزَادةٌ نَضُوحٌ: تَنضَحُ الماءَ.

  ونَضَحَت العَيْنُ تَنْضَح نَضْحاً: فَارَتْ بالدَّمْع، والنَّضْح يَدْعُوه الهَمَلَانُ، وهو أَن تَمتلِئ العَيْنُ دمْعاً ثُمّ تنتَضِح⁣(⁣٤) همَلاناً لا ينقَطع، كانتَضَحَتْ وتَنَضَّحَتْ انتِضاحاً وتَنَضُّحاً.

  وانْتَضَحَ الرَّجلُ واستَنْضَحَ، إِذا نضَحَ ماءً، أَي شيئاً منه على فَرْجِه، أَي مذاكِيره ومُؤتَزرِه بَعْدَ الفراغ من الوُضوءِ ليَنْفِيَ بذلك عنه الوَسْواس، كانتَفضَ، كما في حديثٍ آخَرَ، ومعناهما واحدٌ. وانتضاحُ الماءِ على الفَرْج من إِحدَى الخِلالِ العَشرة من السُنة التي وردتْ في الحديث، خَرّجَه الجماهيرُ. وفي حديث عطاءٍ وسُئل عن نَضَح الوُضوءِ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند الوُضُوءِ⁣(⁣٥) كالنَّشَر.

  وقَوسٌ نَضُوحٌ ونُضَحِيَّة كجُهَنيّة: طَرُوحٌ نَضَّاحَةٌ بالنَّبْلِ، أَي شديدةُ الدَّفْع والحفْزِ للسَّهم، حكاه أَبو حنيفةَ، وأَنشد لأَبي النَّجم:

  أَنْحَى شِمَالاً هَمَزَى نَضُوحَا⁣(⁣٦)

  أَي مَدّ شِمالَه في القَوْس وهَمَزَى، يَعنِي شديدة.

  والنَّضُوح من أَسماءِ القَوْس. والنَّضُوحُ كصَبُورٍ: الوَجُورُ في أَيِّ مَوْضعٍ مِنَ الفَمِ كانَ. ونصُّ عبارةِ اللسان: في أَيِّ الفمِ كان.

  ومن المجاز: النَّضُوح الطِّيبُ⁣(⁣٨)، وقد انتَضَحَ به، والنَّضْحُ: [منه]⁣(⁣٧) ما كان رَقِيقاً كالماءِ، والجمْع نُضُوحٌ وأَنضِحَةٌ. والنَّضْخُ: ما كان منه غليظاً كالخَلُوقِ والغَالِيَة، وسيأْتي.

  وفي حديث الإِحرام: «ثم أَصبَح مُحْرِماً يَنْضح


(١) زيادة عن اللسان.

(٢) في المطبوعة الكويتية: «دافع».

(٣) في التهذيب واللسان: «بلا» وقد ضبطت بُلي عن التكملة.

(٤) في التهذيب واللسان: تنفضح.

(٥) في النهاية واللسان: التوضؤ.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله أنحى، ويروى: نحى كذا في التكملة».

(٨) في القاموس: طِيبٌ.

(٧) زيادة عن اللسان.