تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[يوح]:

صفحة 253 - الجزء 4

  دائماً، أَو لوُضوحه، أَو نحو ذلك مما يُبديه النّظَرُ وتَقتضِيه قواعِدُ العربيّة. ونَصْبُه بإِضمارِ فعْل، وكأَنك قلت: أَلْزمَه الله وَيْحاً، كذا في الصّحاح واللّسان. وفي الفائق للزّمخشريّ، أَي أَتَرحَّمه تَرحُّماً. وزاد في الصّحاح: وأَما قولهم: فَتعساً لهم، وبُعْداً لثَمود، وما أَشبه ذلك فهو منصوبٌ أَبَداً لأَنّه لا تَصِحُّ إِضافتُه بغير لامٍ، لأَنّك لو قلْتَ فتعسَهم أَو بُعْدَهم لم يَصلُح، فلذلك افترقَاً.

  ولك أَن تقول: وَيْحَ زيدٍ ووَيْحَه، ووَيْلَ زَيْدٍ ووَيْلَه.

  بالإِضافَة، نَصْبُهما به، أَي بإِضمار الفِعْل أَيضاً، كذا في الصّحاح، وربما جُعِل مع «ما» كلمةً واحدةً.

  وقيل: وَيْحمَا زيدٍ بمعْنَاهُ، أي هي مثلُ وَيْح كلمة ترحُّم قال حُميدُ بنُ ثورٍ:

  أَلَا هيَّمَا مِمّا لَقِيتُ وهَيَّمَا

  ووَيْحٌ لمن لم يَدْرِ مَا هُنّ وَيْحَمَا

  ووجدْت في هامش الصّحاح ما نصُّه: لم أَجِدْه في شعْره. أَو أَصلُه أَي أَصْلُ وَيْح ويّ، وكذلك ويّس ووَيْل وُصلَّت بحاءٍ مَرَّةً فقيل: وَيْح وبلام مرَّة فقيل وَيْل وستأْتي، وبباءٍ مرّةً فقيل وَيْب، وقد تقدّم، وبسِينِ مرّة فقيل وَيْس، كما سيأْتي، وسيأْتي الكلام عليها في محلِّهَا. وكذا ويّك، ووَيْه وويْح. قال سيبويه: سأَلتُ الخليلَ عنها فزعم أَنّ كلّ مَن نَدِم فأظهر نَدَامَتَه قال: وَيْ، ومعناها التَّنديمُ والتَّنبيه.

  قال ابن كَيْسَان: إِذا قالوا وَيْلٌ له ووَيْحٌ له، ووَيْسٌ له، فالكلام فيهنّ الرَّفعُ على الابتداءِ، واللام في موضعَ الخبرِ، فإِن حُذِفَتْ اللامُ لم يكن إِلّا النصب كقوله: وَيْحَه ووَيْسَه.

فصل الياءِ التحتية مع الحاءِ المهملة

  [يوح]: يُوحٌ ويُوحَى، بضمِّهما من أَسماءِ الشَّمْس.

  قال شيخنا: كَتْبه بالحمرةِ مُؤْذِنٌ بأَنَّ الجوهريّ لم يذْكرهُ، وليس كذلك، فإِنه قد ذكرَه في الموحّدة، وأورد الخلاف هناك⁣(⁣١) فأغنى عن إِعادته هنا، انتهى.

  قلْت: ووجدْت في هامش الصّحاح منقولاً من خطِّ الإِمام أَبي سهل ما نصُّه: يُوحُ ويُوحَى من أَسماءِ الشمس، وذكرَ ذلك أَبو عليّ الفارسيّ في الحلبيَّات عن المبرد، انتهى.

  قلت: هذه العبارة تتمّة من كلام ابن بَرِّيّ، فإِنه قال: لم يذْكر الجوهريّ في فصل الياءِ شيئاً، وقد جاءَ منه يُوحُ اسمٌ للشَّمس. قال وكان ابن الأَنباريّ يقول هو بوحُ، بالباءِ، وهو تصحيف. وذكره أَبو عليّ الفارسيّ في الحلبيّات عن المبرّد بالياءِ المعجمة باثنتين، وكذلك ذكره أَبو العلاءِ المعرّيّ في شعره فقال:

  ويُوشَع ردَّ يُوحَى بَعضَ يَوم

  وأَنْتَ مَتَى سَفَرْتَ رَدَدْتَ يُوحَا

  قال: ولمّا دَخَلَ بَغدادَ اعتُرض عليه في هذا البَيتِ فقيل له: صحَّفتَه، وإِنّما هو بوحُ بالبَاءِ، واحتجُّوا عليه بما ذكره ابنُ السِّكِّيت في أَلفاظه، فقال لهم: هذه النُّسخ التي بأَيديكم غيَّرها شُيوخُكم، ولكن أَخرجوا النُّسخَ العَتِيقة فأَخرَجُوها فوجدوها بالتّحتيّة كما ذكرَه أَبو العلاءِ. وقال ابن خالَويه: هو يُوحُ، بالياءِ المعجمة باثنتين وصحَّفه ابن الأَنباريّ فقال: بُوحُ، بالموحدة. وجرَى بين ابنِ الأَنباريّ وبين أبي عُمَر الزاهدِ كلّ شيْءٍ حتَّى قالت الشّعراءُ فيهما، ثم أخرجا⁣(⁣٢) كتاب الشَّمس والقَمر لأَبي حاتم السِّجستانيّ فإِذا هو يوح بالياءِ المعجمة باثنتين، وأَما البوح بالبَاءِ فهو النَّفْسُ لا غيرُ.

  وقال ابن سيده: يُوحُ: الشَّمْسُ، عَنْ كُرَاع، لا يدخله الصَّرف ولا الأَلف واللام، والذي حكاه يعقوبُ بوحُ، انتهى.

  وفي حديث الحسن بن عليّ: «هل طَلَعَتْ يُوحِ»، يعني الشَّمس. وهو من أَسمائها، كبَراحِ وهما مبنيّان على الكسر. قال ابن الأَثير: وقد يقال فيه يُوحَي، على مثال فُعْلَى.

  ومن سَجعات الأَساس: جعلَكَ اللهُ أَعْمَرَ من نُوح، وأَنْوَرَ من يُوح.

  ونقل شيخنا عن السَّفاقسيّ في إِعراب الفاتحة: قيل:


(١) بالأصل «هنا» خطأ.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله أخرجا، الذي في اللسان أخرجنا».