تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[صرخ]:

صفحة 287 - الجزء 4

  ونحوُه. وقد صَخّت تَصُخّ، تقول: ضَرَبت الصَّخْرَةَ بحَجَرٍ فسمِعْتُ لَهَا صَخَّةً.

  وفي حديث ابن الزُّبير وبناءِ الكعبة «فخافَ النّاسُ أَن يُصِيبَهم صَاخَّةٌ من السَّمَاءِ»، الصَّاخَّة: صَيْحَةٌ تَصُخّ الأُذنَ، أَي تُصِمّ لشِدّتها. قاله ابن سيده. ومنه سُمِّيَت القِيامةُ الصَّاخّة، وبه فسّر أَبو عبيدة قوله تعالى: {فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ}⁣(⁣١) فإِمّا أن يكون اسمَ الفاعل من صَخّ يَصُخّ، وإِمّا أَن يكون المصدرَ. وقال أَبو إِسحاق: الصّاخّة هي الصَّيحَة الّتي تكون فيها القِيامة تَصُخّ الأَسماعَ أَي تُصِمّها فلا تَسْمع إِلّا ما تُدْعَى به للإِحياءِ. وتقول: صَخَّ الصَّوْتُ الأُذنَ يَصُخُّها صَخًّا. وفي نُسخة من التهذيب أَصَخّ إِصْخاخاً.

  وفي الأَساس: الصَّاخَّة: الدَّاهِيَة الشديدةُ، ومنه سُمِّيَت القِيَامَة.

  ويقال: كأَنّه في أُذنه صاخَّة، أَي طَعنة.

  وصَخّ الغُرَابُ يَصُخّ إِذا طَعَن بمنقاره في دبَرَةِ البَعِير، وصَخَّ صَخِيخاً، وهو صَوتُه إِذا فَزعَ⁣(⁣٢).

  وصَخَّ لحَديثه: أَصاخَ له.

  ومن المَجازِ: صَخَّنِي فلانٌ بعَظِيمة: رمَاني بها وبَهَتَنِي.

  [صرخ]: الصَّرْخَة: الصَّيْحَة الشَّدِيدةُ عِند الفَزَعِ أَو المُصيبة.

  والصُّرَاخُ، كغُرَاب: الصَّوْتُ مُطلقاً أَو شَدِيدُه⁣(⁣٣) ما كانَ، صَرَخَ يَصْرُخُ صُرَاخاً.

  ومن أَمثالهم «كانَت كصَرْخَةِ الحُبْلَى» للأَمر يَفْجَؤُك.

  والصَّارِخ: المُغِيثُ، والمُستَغيث، ضِدٌّ، قال ابنُ القَطّاع، وحكاه يَعقوبُ في كتاب الأَضداد عن الجَماهير.

  وقيل الصَّارِخ: المستغيثُ والمُصْرِخ المُغِيث. قال الأَزهريّ: ولم أَسمع لغير الأَصمعيّ في الصارخ أن يكون بمعنى المُغِيث. قال: والنّاسُ كُلُّهم على أَنَّ الصارخَ المُستغِيثُ والمصْرِخَ المُغِيثُ، كالصَّرْيخ فيهما، أَي في المغيث والمستغيث، فهو من الأَضداد أَيضاً. قال أَبو الهيثم: الصَّريخ: الصَّارِخ، وهو المُغيث، مثْل قَدير وقادِر.

  والمُصْرِخ، كمُحْسِن، وضُبِط في بعْض النُّسخ بالتشديد: المُغِيث والمُعِين، أَحدهما تصحيف عن الآخر، قال الله تعالى في كتابه العزيز: {ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ}⁣(⁣٤) قال أَبو الهَيْثَم: معناه ما أَنا بمُغِيثِكُم⁣(⁣٥).

  وفي التهذيب: الصَّريخ. قد يكون فَعِيلاً بمعنَى مُفْعِل مثل نَذير بِمعنى مُنذِر، وسَمِيع بمعنى مُسمِع. وقال شيخنا نقلاً عن أَرباب المعانِي: الصُّراخ: الصِّياحُ، ثم تُجُوِّز به عن الاستغاثة، إِذ لا يَخلو منه غالباً، ثم صار حقيقةً عُرفيّةً فيه. وفي الكشَّاف: لا صَرِيخ، أَي لا مُغِيث، أَو لا إِغاثة، يقال: أَتاهم الصَّرِيخُ، أَي الإِغاثةُ.

  واصْطَرَخُوا واسْتصْرَخُوا وتَصَارَخُوا بمعنَى صَرَخُوا.

  والصَّارِخَة: الإِغاثة، مصدرٌ على فَاعِلة وأَنشد:

  فكانُوا مُهلِكي الأَبناءِ لو لا

  تَدَارَكَهمْ بصارِخةٍ شَفِيقُ

  ويقال: الصَّارخةُ صَوْتُ الاستِغَاثَة. ومنه قولهم: سَمِعْتُ صارِخَةَ القَوْم. وقال اللَّيث: الصَّارِخَةُ بمعنَى الصَّرِيخ: المُغِيث.

  ومن المجاز في الحديث، أَنّ النّبيّ ÷ «كَانَ يَقُومُ من النَّومِ⁣(⁣٦) إِذَا سَمِعَ صَوْتَ الصَّارِخ» أَي الدِّيك، لأَنّه كثير الصِّياحِ باللَّيلْ؛ وقيل: هو حقيقةٌ فيه. وقد جَوَّزوا الوَجهين.

  وعن ابن الأَعرابيّ: الصَّرَّاخ كَكَتَّان: الطّاوُوس.

  والنَّبّاحُ: الهُدْهُدُ.

  والصَّرْخَة: الأَذَانُ، مَأْخُوذٌ من الصَّيْحَة الشّديدة.

  وصُرْخٌ، كقُفْلٍ: جَبَلٌ بالشَّأْم.

  * ومما يستدرك عليه:

  المُسْتَصْرِخ، وهو المُسْتغِيث، وَرَوَى شَمِرٌ عن أَبي


(١) سورة عبس الآية ٣٣.

(٢) في الأساس: إِذا قُرع.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «في نسخة المتن المطبوع: وتصرخ: تكلفه. وقد استدركه الشارح بعد».

(٤) سورة إِبراهيم الآية ٢٢.

(٥) زيد في التهذيب: وما أنتم بمغيثيّ.

(٦) النهاية واللسان: من الليل.