تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[الدال]

صفحة 327 - الجزء 4

بَابُ الدّال

  [الدَّال] المهملة حَرفٌ من الحروف المَجهورة، ومن الحروف النِّطْعِيّة، وهي والطّاءُ والتّاءُ، في حَيِّزٍ واحدٍ. قال شيخنا نقْلاً عن أَئمّة اللُّغةِ والتصريف: إِنّها أُبدِلتْ باطّرادٍ من تاءِ الافتعال وفُروعِه، وإِذا كانت الفاءُ زاياً كازدادَ وازدارَ وازدجَرَ وازدَحمَ ونحوها، أَو ذالاً معجمةً كاذَّ كرَواذَّخَرَ، أَو دالاً مهملة مثلها كادَّرَأَ، وادْفعَ، وهذا من قبِيل بدل الإِدغام.

  وقد أُبدِلَت بغير اطّرادٍ مع الجيم نحو: اجْدَمَعُوا لغة في اجتمعوا، قاله جماعة، ونقلُه ابنُ أُمِّ قاسمٍ.

  وزاد ابن القَطّاع أَنّها تُبدَلُ من تاءِ الضّمير الواقِعَة بعد الدّال، كَجَلَدُّ، في جَلدْتُ، وبعد الزّاي، قالوا في جُزْتُ جُزْدُ. قال: وكذا أَبدلوها من تاءِ تَوْلَج، فقالوا فيه دَوْلَج، وهو غيرُ مَقيسٍ. ووردَتْ أَيضاً بدلاً من الطَّاءِ شُذوذاً، قالوا في مرطاً: مرداً، ذكره شُرّاحُ الّتسهيلِ.

فصل الهمزة مع الدال المهملة

  [أبد]: الأَبَدُ، محرَّكَةً: الدَّهْرُ مُطلقاً، وقِيل: هو الدَّهرُ الطَّويلُ الّذي ليس بمحدودٍ. ج آبَادٌ وأُبُودٌ، ونقلَ الشِّهاب عن الرَّاغب أَنّ «آباد» مُوَلَّد ليس من كلام العرب.

  والأَبَدُ: الدَّائم. يقال أَبِدٌ وأَبِيدٌ، أَي دائمٌ.

  والأَبَدُ: القَدِيمُ الأَزَلُّي. وقالوا في المثَل: «طَالَ الأَبَدُ على لُبَد» يُضْرَبُ لكلّ ما قَدُمَ. قال الرَّاغب في المفردات: الأَبَدُ، بالتحريك، عبارةٌ عن مُدّة الزّمانِ الممتَدّ الّذي لا يَتجزّأُ كما يتجزَّأُ الزَّمَان، وذلك أَنّه يقال: زَمانُ كذا، ولا يقال أَبدُ كذا. وكان حقُّه أَن لا يُثنَّى ولا يُجْمَع، إِذْ لا يُتَصوّر حُصولُ أَبدٍ آخرَ يُضَمّ إِليه فيُثنَّى [به]⁣(⁣١)، ولكن قدْ قيل: آبادٌ، وذلك على حَسبِ تَخصيصِه ببعْضِ⁣(⁣٢) ما يَتناولُه، كتَخصِيص اسم الجِنْسِ في بعْضِه ثمّ يُثنى ويُجمع، على أَنّه ذكَرَ بعضُ النّاس أَن «آباد» مُولّد وليس من كلام العرب العَرْباءِ.

  والأَبَدُ: الوَلَد الّذي أَتَتْ عليه سَنَةٌ.

  وقولهم: لا آتِيهِ أَبَدَ الأَبَدِيَّةِ وأَبَدَ الآبِدِينَ، بالمدّ، وأَبَدَ الأَبَدِينَ، كأَرَضِينَ - وهذه عن الصّاغانيّ، وليس على النَّسب، لأَنّه لو كان كذلك لكانُوا خُلَقَاءَ أَن يقولوا الأَبَديِّينَ. قال ابن سِيده: ولم نَسمعه. قال: وعندي أَنّه جمْع الأَبَدِ، بالواو والنون على التَّشنيع والتَّعظيم، كما قالوا أَرَضونَ وأَبَدَ الأَبَدِ، محرّكةً، وأَبَدَ الأَبِيدِ، وأَبَدَ الآبادِ -، وفي شرْح شيخنا: قالوا: وقد يصافُ المُفرد لجمْعه للمبالغَة، كأَنّه ثابتٌ في غيره بالنِّسبة إِليه، كأَبَدِ الآبادِ وأَزَلِ الآزالِ، كذا نقلَ من خطّ السَّيف الأَبهريّ. وفي شرْح الخلاطيّ أَنَّ ذِكْر الآبادِ تأْكيد، كذا بخطّ الشِّهَاب -. وأَبَدَ الدَّهْرِ، وأَبيدَ الأَبِيدِ، بمعنًى، أَي هذه التَّراكيبُ كلُّهَا بمعنى تأَكيدِ دَوامِ الأَمرِ الّذي أَتَى به.

  وفي حديث الحَجِّ «قال سُرَاقةُ بن مالكٍ: أَرَأَيْت مُتْعَتنا هذه أَلِعامِنَا [هذا]⁣(⁣٣) أَمْ للأَبَدِ، فقال: بل هي للأَبَد» وفي رواية «أَمْ لأَبَدٍ؟ فقال بل هي لأَبد أَبدٍ» وفي أُخرَى «بلْ لأَبدِ الأَبَدِ» أَي هي لآخرِ الدّهر.


(١) زيادة عن المفردات.

(٢) في المفردات: في بعض.

(٣) زيادة عن اللسان.