تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[برد]:

صفحة 348 - الجزء 4

  قال ثعلب: البَرْدُ هُنَا: الرِّيقُ. والنُّقَاخ: الماءُ العَذْبُ.

  والبَرَدُ بِالتَّحْرِيك: حَبُّ الغَمَام. وعبَّرَه اللَّيثُ فقال: مَطَرٌ جامدٌ. والبَرَدُ. ع، وضَبطَه البَكريّ بكسر الرّاءِ⁣(⁣١) وقال: هو جَبَلٌ في أَرضِ غَطفانَ يَلِي الجَنَابَ.

  وسَحَابٌ بَرِدٌ، ككَتِفٍ وأَبْرَدُ: ذو قرٍّ وبَرْد. وسَحابَةٌ بَرِدَةٌ، على النّسب، ولم يقولوا بَرْدَاءَ.

  وقد بُرِدَ القَومُ، كعُنِيَ: أَصابَهم البَرد. والأَرضُ مُبْرَدَة، وهذه عن الزّجّاج، ومَبرُودةٌ: أَصابها البَردُ.

  والبُرْدُ، بالضّمّ: ثَوبٌ مُخطَّط، وخَصَّ بعضُهُم به الوَشْيَ، قاله ابن سيده. ج أَبْرَادٌ وأَبْرُدٌ وبُرُودٌ وبُرَدٌ، كصُرَد، عن ابن الأَعرابيّ، وبِرَادٌ كبُرْمَة وبِرَام، أَو كقُرْطٍ وقِرَاطٍ، قاله ابن سيده في شرح قول يزيد بن المفرِّغ.

  طَوَالَ الدّهْرِ نَشْتَمِل البِرَادَا⁣(⁣٢)

  والبُرْدُ - نَظراً إِلى أَنّه اسمُ جِنْس جمْعيّ -: أَكْسِيَةٌ يُلتَحَفُ بها، الواحدة بهاءٍ. وقِيل: إِذا جُعِلَ الصُّوفُ شُقَّةً وله هُدْبٌ فهي بُرْدَة. قال شَمِرٌ: رأَيت أَعرابِيًّا وعليه شِبْهُ مِنْديل من صُوف قد اتّزَرَ به، فقلْت: ما تُسمِّيه؟ فقال: بُرْدَة. وقال اللَّيث: البُرْدُ معروف، من بُرُودِ العَصْبِ والوَشْي. قال: وأَما البُرْدَة فكساءٌ مربَّع أَسْودُ فيه صِغَرٌ⁣(⁣٣) تَلْبَسه الأَعرابُ.

  والبَرَّادَةُ، كَجَبَّانةِ، إِناءٌ يُبردُ الماءَ، بُني على أَبْرَد. وقال اللَّيْث: البَرّادة كُوَّارَة⁣(⁣٤) يُبرَّدُ عليها الماءُ. قلت: ومنه قولهم: باتَتْ كِيزانُهم على البَرَّادَة. وقال الأَزهريّ: لا أَدرِي هي من كلام العرب أَم كلام المُولَّدين.

  وفي الحديث «إِنَّ البِطِّيخ يَقْطَعُ: الإِبْرِدَة»، وهي بالكسر، أَي للهمزة والراءِ: بَرْدٌ في الجَوْفِ ورُطُوبَة غالبتانِ، منهما يَفْتُر عن الجِمَاع، وهمْزتها زائدة. ويقال رَجُلٌ به إِبْرِدَةٌ، وهو تقطير البَوْلِ ولا يَنْبَسِط إِلى النّساءِ.

  ووفي حديث ابن مسعود: «كل داءٍ أَصلُه البَرْدة»، بفتح فَسكون، ويُحرَّك: التُّخَمة وإِنما سُمِّيَت التُّخَمة بَردَةً لأَنّ التُّخَمَة تُبْرِد المعدةَ فلا تَستمرِئ الطَّعَامَ ولا تُنْضِجه.

  ويقال: ابتَرَدَ الماءَ، إِذا صَبَّه عَلَيْه، أَي على رأْسه بارداً. قال:

  إِذا وَجَدْتُ أُوارَ الحُبِّ في كَبِدِي

  أَقْبَلْتُ نَحْوَ سِقَاءِ القَوْم أَبترِدُ

  هذا⁣(⁣٥) بَردْتُ ببَرْدِ الماءِ ظاهِرَه

  فمَنْ لحَرٍّ على الأَحْشاءِ يتّقِدُ؟

  أَو ابترَدَه، إِذ شَرِبه ليُبَرِّد كَبِدَه به. قال الرّاجِز.

  فطالما حَلأْتُماها لا تَرِدْ⁣(⁣٦)

  فخَلِّيَاها والسِّجَالَ تَبْتَرِدْ

  مِن حَرّ أَيّامٍ ومِن لَيلٍ وَمِدْ

  وتَبَرَّدَ فيه، أَي الماءِ: استَنْقعَ. وابترَدَ: اغتَسلَ بالماءِ البارد، كتَبرَّدَ.

  وفي الحديث: «مَن صلَّى البَرْدَيْن دَخلَ الجَنّةَ»، وفي حديث ابن الزُّبير: «كان يَسِير بنا الأَبْرَدَين»، الأَبردَانِ هما الغَدَاةُ والعَشِيّ، أَو العَصْرَانِ كالبَرْدَيْنِ، بفتح فسكون.

  والأَبْردَانِ أَيضاً: الظِّلّ والفَيْءُ، سُمِّيَا بذلك لبَرْدِهما. قال الشّمّاخ بن ضِرَار:

  إِذَا الأَرْطَى تَوسّدَ أَبْرَدَيْه

  خُدُودُ جَوازِئٍ بالرَّملِ عِينِ

  وأَبْردَ الرّجلُ: دَخلَ في آخِرِ النَّهارِ. ويقال: جِئناك مُبْرِدينَ، إِذا جاؤُوا وقد باخ الحَرُّ. وقال محمّد بن كعْب: الإِبْراد: أن تَزِيغ الشَّمْسُ. قال: والرَّكْب في السَّفر يقولون إِذا زاغَت الشَّمْسُ: قدْ أَبرَدْتم فرَوَّحُوا. قال ابنُ أَحمرَ.

  في مَوْكِبٍ زَجِلِ الهَواجِرِ مُبْرِدِ

  قال الأَزهَريّ: لا أَعرِف محمّد بن كعْب هذا، غير أَنَّ الذي قاله صحيحٌ من كلام العرب، وذلك أَنّهم يَنزِلُون


(١) وضبطه نصر أيضاً بكسر الراء كما في معجم البلدان.

(٢) صدره في اللسان:

معاذ الله ربّاً أن ترانا

(٣) الأصل واللسان يريد أنه صغير، وفي التهذيب: صُفْرة.

(٤) بالأصل: «كوازة» وما أثبت عن القاموس والتهذيب.

(٥) اللسان: هبني.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فطالما، الذي في اللسان: لطالما» وفي الصحاح فكاللسان.