تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[جضد]:

صفحة 392 - الجزء 4

  مَعنيان كلاهما مَنْفِيٌّ عمن يُمْدَح، أَحدهما: أَن يقال رَجلٌ جَعْدٌ إِذا كان قَصيراً مُتردِّدَ الخَلْق. والثّاني: أن يقال رَجُلٌ جَعْدٌ، إِذا كان بَخيلاً لَئيماً لا يَبِضُّ حَجَرُه. وإِذا قالوا رَجلٌ جَعْدُ السُّبوطة فمَدْحٌ، إِلَّا أَن يكون قَطَطاً مُفَلْفَلاً كشَعرِ الزّنْجِ والنُّوبَة فهو حينئذ ذَمٌّ.

  وفي حديث المُلاعَنَة «إِن جاءَت به جَعْداً» قال ابن الَأثير: الجَعْد في صِفات الرِّجال يكون مَدْحاً وذَمًّا، ولم يذْكر ما أَرادَهُ النّبيّ ÷ هل جاءَت به على صِفة المدْح أَو الذّمّ. كجَعْدِ اليَدَيْن وجَعْدِ الَأنامِلِ، وهو البَخيلُ.

  قال الَأصمعيّ: زَعَمُوا أَنَّ الجعْدَ السَّخيُّ. قال: ولا أَعرِف ذلك، والجَعْدُ البَخيلُ، وهو معروف، قال كُثيِّر في السّخاءِ يمدح بعضَ الخلفاءِ:

  إِلى الَأبيضِ الجَعْدِ ابنِ عاتِكةَ الّذي

  له فَضْلُ مُلْكٍ في البَرِيّة غالِبُ

  قال الَأزهريّ: وفي شِعر الَأنصار ذِكْرُ الجَعْدِ، وُضِعَ مَوضِعَ المدْح أَبياتٌ كثيرة، وهم من أَكثر الشُّعراءِ مَدْحاً بالجَعْد.

  ومن المَجاز: رَجلٌ جَعْدُ القَفَا، إِذا كَانَ لَئيم الحَسَبِ⁣(⁣١). وفي المصباح:⁣(⁣٢) يَرِد الجَعْدُ بمَعنَى الجَوادِ والكَريمِ والبَخيل واللَّئيم، ويُقَابِل السَّبْط، ويُوصف بقَططٍ كجَبَلٍ وكتِفٍ في الكُلّ.

  ومن المَجَاز رَجلٌ جَعْدُ الَأصابعِ، إِذا كان قَصيرهَا وجَعْد الجَنَان⁣(⁣٣)، للبَخيل.

  والجُعُودة في الخَدّ: ضدُّ الأَسَالةِ، وهو ذَمٌّ أَيضاً.

  يقال خَدٌّ جَعْدٌ، أَي غَيرُ أَسِيل.

  وبَعِيرٌ جَعْدٌ: كَثِيرُ الوَبَرِ وقد يُكنَى البَعيرُ بِأَبي الجَعْدِ.

  وزَبَدٌ جَعْدٌ: مُتراكِبٌ مُجتمعٌ، وذلك إِذا صار بعضُه فوق بعْضٍ على خَطْمِ البَعير أَو النَّاقَة، يقال جَعْدُ اللُّغام، بالضّمّ، إِذا كَان مُتَرَاكم الزَّبَدِ، قال ذو الرُّمّة:

  تَنْجُو إِذا جَعَلَت تَدْمَى أَخِشَّتُها

  واعْتمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخَرَاطيمُ⁣(⁣٤)

  وأَبو جَعْدَةَ وأَبو جَعَادَةَ، بفتْح فيهما ويُضمّ في الَأخير أَيضاً: كُنْيَةُ الذِّئب، وفي بعض النُّسخ «كُنْيتَا الذِّئب»، وليس له بنْتٌ تُسمَّى بذلك، قال الكُمَيْت يَصفه:

  ومُستَطْعِم يُكنَى بغَير بَناتِهِ

  جَعلْتُ له حظًّا من الزّادِ أَوْفَرَا

  وقال عَبِيد بن الأَبرص:

  وقالوا: هي الخَمْرُ تُكنَى الطِّلا

  كما الذِّئبُ يُكنَى أَبا جَعْدَةِ

  أَي كُنَيْتُه حسنةٌ وعمَلهُ منْكرٌ. أَبو عُبيد يقول: الذَّئب وإِنْ كُنِيَ أَبا جَعْدةَ ونُوِّه بهذه الكُنْية فإِنّ فعْلَه غَيرُ حسن، وكذلك الطِّلا⁣(⁣٥) وإِن كَان خاثِراً فإِنَّ فِعْلَهُ فِعْلُ الخَمرِ لإِسكارِه شاربَه، أَو كلامٌ هذا معناه. وقيل: كُنِيَ بهما لبُخْله من قولهم: فُلانٌ جَعْدُ اليَديْن، إِذا كان بَخيلاً. نقلَه شيخنا.

  وبَنُو جَعْدَةَ: حَيٌّ من قَيس، وهو أَبو حَيّ من العرب، وهو جَعْدَةُ بن كَعْب بن رَبيعةَ بن عامر بن صَعصعةَ منهم النّابغةُ الجَعْديُّ الشاعرُ المشهور، وسيأْتي ذِكْر النَّوابغِ في الغين إِن شاءَ الله تعالى.

  ومن المَجاز وَجْهٌ جَعْدٌ، أَي مُستدِيرٌ قَلِيلُ المِلْح⁣(⁣٦)، كذا في الُأصول وهو الصّواب، وفي بعض النَّسخ «اللَّحْم» بدل المِلْح.

  والجَعْدَة: الرِّخْلُ، بكسر الراءِ وسكون الخاءِ المعجمة، وكَكَتِفٍ: الأُنثَى من وَلَدِ الضَّأْن، نقله الصّاغَانيّ. قيل: وبها كُنِيَ الذِّئب، لأَنّه يَقْصِدها لضَعْفِها وطِيبها. كذا في مجمع الأَمثال.


(١) الأساس وشاهده قوله: ...

إِني أراك رجلا كداكا

جعد القفا قصيرة رجلاكا

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله وفي المصباح الخ، لا وجود لذلك في المصباح الذي بيدي».

(٣) الأساس: وجعد البنان: للبخيل.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله تنجو: أي تُسرع السير، والنجاء السرعة، وأخشتها جمع خِشاش وهي حلقة تكون في أنف البعير، كذا في اللسان».

(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: الطِّلاء.

(٦) في القاموس المطبوع: «قليل اللحم» وبهامشه عن نسخة أخرى: «قليل الملح».