تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الجيم مع الدال المهملة

صفحة 405 - الجزء 4

  غَدَا يَرْتَادُ في حَجَرَات غَيْثٍ

  فصَادَفَ نَوْأَه حَتْفٌ مُجِيدُ

  والجُوَادُ، كغُرابٍ: العَطَشُ أَو شِدَّتُه، قال الباهليّ:

  ونَصْرُك خَاذِلٌ عنِّي بَطِيءٌ

  كأَنَّ بكُمْ إِلى خَذْلِي جُوَادَا

  والجَوْدَة: العَطْشَةُ. قال ذو الرُّمَّة:

  تُعاطِيهِ أَحْيَاناً وقَدْ جِيد جَوْدَةً

  رُضَاباً كطَعْمِ الزنْجبيلِ المُعَسَّلِ

  وفي التهذيب⁣(⁣١): جِيدَ الرّجلُ يُجَادُ جُوَاداً وجَوْدَةً فهو مَجُودٌ إِذا عَطِش، أَوْ جِيد فلانٌ إِذا أَشْرَفَ على الهَلَاكِ، كأَنّ الهلاكَ جادَه، قال خِدَاش بن زُهَير:

  تَرَكْتُ الوَاهِبيَّ لَدَى مَكَرٍّ⁣(⁣٢)

  إِذا مَا جَادَه النَّزْفُ استدارَا

  والجُوَاد: النُّعَاس. وجادَه الهَوَى: شاقَهُ، والنُّعَاسُ: غَلَبَه، فهو مَجودٌ، كأَنَّ النَّومَ جادَه أَي مَطَرَه. والمَجُودُ: الذي يُجهَد من النُّعَاس وغيرِه، عن اللِّحْيَانيّ، وبه فُسِّر قول لَبِيد:

  ومَجُودٍ من صُبَابَاتِ الكَرَى

  عَاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ⁣(⁣٣)

  وقيل: معنَى مَجُود أَي شَيِّق. وقال الأَصمعيّ: معناه صُبّ عليه من جَوْدِ المَطَر، وهو الكَثِير منه.

  وجَاوَدَ فلانٌ فُلاناً فَجَادَه، إِذا غَلَبَهُ بالجُودِ، كما يقال: ماجَده، من المجد.

  ومن المَجاز: إِنِّي لأُجَادُ إِليْكَ أَي إِلى لِقائك، أَي أَشْتَاقُ وأُسَاقُ، كأَنّ هَواه جادَه الشّوْقُ، أَي مَطَره. وإِنه ليُجاد إِلى كلّ شيْءٍ يَهُوله⁣(⁣٤).

  والجُودُ، بالضّمّ: الجُوعُ، كالجُوسِ، لغة هُذليّة، يقال جُوداً له وجُوساً له. قال⁣(⁣٥) أَبو خِراش الهُذليّ يرثي زُهَير بن العَجْوَة:

  تَكَادُ يَدَاه تُسْلِمَانِ إِزارَه

  من الجُودِ لمَّا استقبلَتْه الشَّمائلُ

  ويُروَى

  «من القُرّ لمَّا اسْتَدْلقَتْه» ...

  أَي استخرَجَته من حَيث كان. والشمائلُ جمع الشَّمأَل، أَي إِذا هاجَت الشَّمال في الشِّتاءِ، والشمائل أَيضاً؛ الأَريحيَّة، أَي هَزّته شمائلُه.

  وقال: كاد يُعطِي إِزاره، وكَرِه أَن يقول: أَعطَى إِزارَه فيكون قد وصفَه بالأَفْن والجُنون. ويفسَّر الجُود أَيضاً في البيت بالسَّخاءِ، عن الأَصمعيّ.

  والجُود: اسمُ قَلْعَة في جَبَلِ شَطِبٍ، نقله الصاغانيّ.

  وجُودَةُ، بالضمّ: وادٍ باليَمَنِ والصواب: أَنه قَلْتٌ في وادٍ باليمن، كذا صرّحَ به أَبو عُبَيْد.

  والجُودِيُّ، بالضّمّ وتشديد الياءِ: موضِع، وقال الزَّجّاج:

  هو جَبَلٌ بآمِدَ وقيل جَبَلٌ بالجَزِيرةِ قُرْبَ المَوْصِلِ، وقِيل بالشأْم، وقيل بالهِنْد، اسْتوَتْ عليه سَفِينةُ نُوحٍ عليه وعلى نبيِّنا أَفضلُ الصّلاة والسَّلام، وكان ذلك يومَ عاشوراءَ من المحرّم. وقرأَ الأَعمش واسْتَوَتْ على الجُودِي⁣(⁣٦) بإِرسال الياءِ، وذلك جائز للتخفيف. والجُودِيُّ: جَبَلٌ بأَجَأَ، وقال أُميَّة بن [أَبي] الصلت:

  سُبْحَانَه ثُمّ سُبحاناً يعود له

  وقَبْلَنا سبَّحَ الجُوديّ والجُمُدُ

  وأَبُو الجُودِيُّ: تابِعيٌّ لا يُعرف اسمه ولا يُعرف إِلّا بكُنْيتِه، قاله الصاغانيّ. وأَبو الجُودِيّ: كُنْية الحارث بن عُميرٍ الأَسديِّ الشاميّ، سَكَنَ وَاسِطَ، روَى عن سَعيدِ بن المُهاجِر الحِمْصيّ، قاله المِزّيّ، قال الصاغانيّ: هو متأَخّر، شَيخُ شُعْبَةَ بنِ الحَجّاج العَتَكيّ.

  والجَادِيُّ: الزَّعْفَرانُ. قال كُثيِّر عزّةَ:

  يُباشِرْن فأَرَ المِسْك في كلِّ مَهْجَعٍ

  ويُشْرِقُ جادِيٌّ بهن مَفِيدُ⁣(⁣٧)


(١) عبارة التهذيب: وقد جيد فلان من العطش، يُجادُ جواداً وجَوْدةً.

(٢) صدره في التهذيب:

وقرنٍ قد تركت لدى مكرٍ

ورواه الأزهري بدون نسبة، ومثله في اللسان، وقافيته فيه «استدانا» بدل «استدارا».

(٣) ديوانه ٢/ ١٣، وبالأصل «المتبذل» وما أثبت «المبتذل» عن الديوان والتهذيب.

(٤) اللسان والتهذيب: يهواه.

(٥) في التهذيب: «أبو فراس» وفيه رداءه بدل إِزاره.

(٦) سورة هود الآية ٤٤.

(٧) ويروى: في كل مشهد.