[حتد]:
  السِّكّينِ والسَّيْفِ والسِّنَانِ والسَّهْمِ، وقيل: الحَدُّ مِن كُلِّ ذلكَ: مَا رَقَّ منْ شَفْرَتِه، والجمْع حُدودٌ.
  والحدُّ منْكَ: بَأْسُكَ ونَفَاذُكَ في نَجْدَتِك، يقال: إِنه لَذُو حَدٍّ، وهو مَجازٌ.
  والحَدُّ من الخَمْرِ والشَّرَابِ: سَوْرَتُه وصَلابَتُه. قال الأَعشى:
  وكأْسٍ كعَيْنِ الدِّيكِ بَاكَرْتُ حَدَّهَا
  بِفْتِيَانِ صِدْقٍ والنَّواقِيسُ تُضْرَبُ
  والحَدُّ: الدَّفْعُ والمَنْعُ، وحَدَّ الرَّجُلَ عن الأَمْر يَحُدُّه حَدًّا: مَنَعَهُ وحَبَسَهُ، تقول: حَدَدْتُ فُلاناً عن الشّرِّ أَي مَنَعْتُه، ومنه قولُ النابغة:
  إِلَّا سُلَيْمَانَ إِذْ قَالَ الإِلهُ لَهُ
  قُمْ في البَرِيَّةِ فاحْدُدْهَا عَنِ الفَنَدِ(١)
  كالحَدَدِ، محرَّكَةً، يقال: دُونَ ما سَأَلْتَ عنه حَدَدٌ، أَي مَنَعٌ. ولا حَدَدَ عنه، أَي لا مَنْعَ ولا دَفْعَ، قال زيدُ بنُ عَمْرو بن نُفَيْلٍ.
  لَا تَعْبُدُنَّ إِلهاً غَيْرَ خَالِقِكمْ
  وإِنْ دُعِيتُم فقُولُوا دُونَه حَدَدُ
  وهذا أَمْرٌ حَدَدٌ أي مَنِيعٌ حرامٌ لا يَحِلُّ ارْتكابُه.
  والحَدُّ: تَأْدِيبُ المذْنِب، كالسارِق والزَّانِي وغيرِهما بما يَمْنَعُه عن المُعَاوَدَةِ ويَمْنَعُ أَيضاً غَيْرَه عن إِتْيَانِ الذَّنْبِ، وجَمْعُه حُدُودٌ. وحَدَدْتُ الرَّجُلَ: أَقَمْتُ عَلَيْهِ الحَدَّ. وفي التهذيب: فَحُدُودُ اللهِ ø ضَرْبَانِ: ضَرْبٌ منها حُدُودٌ حدَّها للنَّاسِ في مَطَاعِمِهم ومَشارِبهم ومَنَاكِحِهِم وغيرها ممّا أَحَلّ وحَرَّم(٢)، وأَمَرَ بالانتِهَاءِ عمّا نَهَى عنه منها ونَهَى عن تَعَدِّيهَا، والضَّرْب الثانِي: عُقوباتٌ جُعِلَتْ لمنْ رَكِبَ ما نَهَى عنْه، كحَدّ السّارِق وهو قَطْعُ يَمِينِه في رُبْع دِينارٍ فصاعداً، وكحَدِّ الزَّانِي البِكْر، وهو جَلْدُ مائةٍ وتَغْرِيبُ عامٍ، وكحَدِّ المُحْصَنِ إِذَا زَنَى وهو الرَّجْمُ، وكحَدِّ القاذِف وهو ثَمَانُونَ جَلْدَةً، سُمِّيَتْ حُدوداً لأَنَّهَا تَحُدُّ أَي تَمْنَع مِن إِتيانِ ما جُعِلَتْ عُقوباتٍ فيها، وسُمِّيَت الأُولى حُدُوداً، لأَنها نِهاياتٌ نَهَى اللهُ عن تَعدِّيها.
  والحَدُّ: ما يَعْتَرِي الإِنْسانَ من الغَضَبِ والنَّزَقِ، كالحِدَّةِ بالكسر، وقد حَدَدْتُ عليه أَحِدُّ، بالكسر، حِدَّةً وحَدَّا، عن الكسائيّ.
  وفي الحديث «الحِدَّةُ تَعتَرِي خِيارَ أُمَّتي»، الحِدَّةُ، كالنشاطِ والسُّرْعَةِ في الأُمورِ والمضَاءِ فيها، مأْخوذٌ من حَدِّ السَّيْفِ، والمُرَاد بالحِدَّة هنا المَضَاءُ في الدِّين والصَّلابةُ والمَقْصِد إِلى الخَيْرِ، ويقال: هو من أَحدِّ الرحال(٣)، وله حَدٌّ وحِدَّةٌ، واحْتَدَّ عليه، وهو مجازٌ.
  والحَدُّ: تَمْيِيزُ الشَّيْءِ عَن الشَّيْءِ وقد حَدَدْتُ الدَّارَ أَحُدُّهَا حَدًّا، والتَّحْدِيدُ مثلُه، وحَدَّ الشيءَ من غَيْرِه يَحُدُّه حَدًّا وحَدَّدَه: مَيَّزَه، وحَدُّ كُلِّ شيْءٍ مُنتهاه، لأَنّه يَرُدُّه ويَمنَعه عن التّمادِي، والجَمْع الحُدُودُ، وفي حاشيةِ البَدْرِ القَرَافِيّ: لو قال: تَمْيِيزُ شيْءٍ عن شيْءٍ كانَ أَوْلَى، لأَن المعرفةَ إِذا أُعِيدتْ كانتْ عَيْناً فكأَنّه قال تمييزُ الشيْءِ عن نَفْسِه، بخلاف النَّكِرةِ، فإِنها تكون غيْراً. انتهى.
  ويقال: فلانٌ حَدِيدُ فُلانٍ، إِذا كانَ دَارُه إِلى جانبِ دَارِه أَو أَرْضُه إِلى جانبِ أَرْضِه.
  ودَارِي حَدِيدَةُ دَارِه ومُحادَّتُهَا، إِذا كان حَدُّهَا كحَدِّهَا.
  والحَدِيدُ، م، أَي معروفٌ، وهو هذا الجَوْهرُ المعروفُ، لأَنه مَنِيعٌ، القِطْعَةُ منه حَديدةٌ: ج حَدائدُ وحَدِيدَاتٌ، هكذا في النُّسخ، والصواب حَدَائِداتٌ(٤)، وهو جمعُ الجمعِ، قال الأَحْمَرُ في نَعْتِ الخَيْلِ.
  وهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدَائِدَتِهَا
  والحَدَّادُ، ككَتَّان: مُعَالِجُه، أَي الحدِيدِ، أَي يُعالج ما يَصْطَنِعُه مِن الحِرَفِ. ومن المَجاز. الحَدَّادُ: السَّجَّانُ لأَنّه يَمنَع من الخُرُوج، أَو لأَنّه يُعَالِج الحَديدَ مِن القُيُودِ، قال:
  يَقُولُ ليَ الحَدَّادُ وهْوَ يَقُودُني
  إِلى السِّجْنِ لا تَفْزَعْ فَما بِكَ مِنْ بَاسِ(٥)
(١) ديوانه: من قصيدة مدح بها النعمان بن المنذر، وقبله:
ولا أرى فاعلا في الناس يشبهه
ولا أحاشي من الأقوام من أحد
(٢) عبارة مما أحل وحرّم ليست في التهذيب، وهي مثبتة في اللسان.
(٣) في الأساس: من أحداء الرجال.
(٤) وهي عبارة الصحاح واللسان.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: باس، قال ابن سيدة: كذا الرواية -