تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الحاء) المهملة مع الدال

صفحة 428 - الجزء 4

  والمُحَمَّدِيَّةُ⁣(⁣١): اسمُ مَدِينَةِ المَسِيلةِ، بالمَغْرِب أَيضاً اختَطَّها أَبو القاسِمِ محمَّدُ بن المَهْدِيِّ الملقب بالقائم.

  والمُحَمَّدِيَّةُ: ة باليَمَامَة.

  ويقال: هو يَتَحَمَّدُ عليَّ، أَي يَمْتَنُّ، ويقال فُلانٌ يتحمَّدُ النّاسَ بجُودِه، أَي يُرِيهِم أَنَّه محمودٌ.

  ومن أَمثالهم: «مَنْ أَنفَق مالَهُ على نَفْسِه فلا يَتَحَمَّدْ به إِلى النّاسِ» والمعنى: أَنه لا يُحْمَدُ على إِحْسَانِه إِلى نفْسه، إِنما يُحْمَد على إِحْسَانِه إِلى النّاس.

  ورجلٌ حُمَدةٌ، كهُمَزَةٍ: مُكْثِرُ الحَمْدِ للأَشياءِ، ورجلٌ حَمَّادٌ، مثله.

  وفي النوادر: حَمِدَ عليَّ فُلانٌ حَمَداً كفَرِح إِذا غَضِبَ، كضَمِدَ له ضَمَداً، وأَرِمَ أَرَماً.

  ومن المَجَاز: قولهم: العَوْدُ أَحْمَدُ، أَي أَكْثَرُ حَمْداً، قال الشاعر:

  فلم تَجْرِ إِلّا جِئْتَ في الخَيْرِ سابقاً

  ولا عُدْتَ إِلّا أَنتَ في العَوْدِ أَحمَدُ

  كذا في الصحاح: وكُتُب الأَمثال لأَنَّكَ لا تَعود إِلى الشَّيْءِ غالباً إِلّا بَعْدَ خبْرَتِه، أو معناه⁣(⁣٢): أَنَّه إِذا ابتدَأَ المَعْرُوفَ⁣(⁣٣) جَلَبَ الحَمْدَ لنفْسِهِ، فإِذا عادَ كان أَحْمَدَ، أَي أَكْسَبَ للحَمْدِ له، أَو هو أَفْعَلُ، من المفعول، أَي الابتداءُ محمودٌ، والعَوْدُ أَحقُّ بأَن يَحْمَدُوه وفي كُتب الأَمثالِ: بأَنّ يُحْمدَ مَنه. وأَولُ من قاله، أَي هذا المَثَلَ خِدَاشُ ابنُ حَابِسِ التَّمِيميُّ في فَتاة من بَنِي ذُهْلٍ ثم من بني سَدُوس، يقال لها الرَّبَاب، لَمَّا هَام بها زَماناً وخَطبها فَرَدَّهُ أَبواها، فأَضْرَبَ، أَي أَعرضَ عنها زَماناً، ثم أَقبَلَ ذاتَ ليلة راكباً حتّى انْتَهَى إِلى حِلَّتِهِمْ⁣(⁣٤) أَي مَنْزِلِهِمْ مُتَغَنِّياً بأَبيات، منها هذا البيتُ:

  أَلَا لَيْتَ شِعْرِي يا رَبابُ مَتَى أَرَى

  لَنَا مِنْكِ نُجْحاً أَو شفَاءً فأَشْتَفِي

  وبعده:

  فقد طَالَمَا غَيّبْتِنِي وَرَدَدْتِنِي

  وأَنت صَفِيِّي دُونَ من كُنْتُ أَصْطَفِي

  لَحَى اللهُ مَنْ تَسْمُوا إِلى المالِ نَفْسُهُ

  إِذا كانَ ذا فَضْلٍ به لَيْسَ يَكْتَفِي

  فَيُنْكِحُ ذا مالٍ ذَمِيماً⁣(⁣٥) مُلَوَّماً

  ويَتْرُكُ حُرّاً مِثْلَه ليس يَصْطَفِي

  فسمِعَت الرَّبابُ وعَرفته وحَفِظَت الشِّعْرَ وأَرْسلت إِلى الرَّكْب الّذين فيهم خِدَاشٌ⁣(⁣٦) وبعثَتْ إِليه: أَنْ قد عَرَفْتُ حاجَتَكَ فاغْدُ على أَبي خاطِباً، ورَجَعَتْ إِلى أُمها ثم قالت لأُمِّها: يا أُمَّهْ: هل أُنْكَحُ إِلَّا مَنْ أَهْوَى، وأَلْتَحِفُ إِلّا مَنْ أَرضَى؟ قالَت: بَلَى⁣(⁣٧)، فما ذلك؟ قالت: فأَنْكِحيني خِداشاً. قالت: وما يدعوك إِلى ذلك مع قِلّةِ مالِه؟ قالت:

  إِذا جمعَ المالَ السيِّئُ الفِعالِ، فقُبْحاً للمال، فأخْبرَت الأُمُّ أباهَا بذلك، فقال؛ أَلمْ نكن صَرَفناه عنّا؟ فما بدَا له؟ فأَصْبَحَ خِداشٌ، وفي «مجمع الأَمثال»: فلما أَصبحوا غَدا عليهم خِداشٌ وسلَّم عليهم، وقال: العَوْدُ أَحْمَدُ، والمَرْأَة تُرْشَد،⁣(⁣٨) والوِرْدُ يُحْمَد، فأَرسلها مَثَلاً. قاله الميدانيُّ، والزّمخْشَرِيُّ، وغيرهما.

  ومحمودٌ اسمُ الفِيلِ المذكورِ في القرآنِ العزِيزِ في قصّة أبْرَهةَ الحَبَشِيّ، لَمّا أَتَى لهَدْم الكعبةِ، ذَكرَه أَربابُ السِّيَرِ مُسْتَوفىً في مَحَلّه.

  وأَبو بكرٍ أَحمدُ بنُ محمّدِ بنِ أَحمد بنِ يعقُوب ابن حُمَّدُويَهْ بضم الحاءِ وشَدِّ الميم وفتحها، وضم الدال وفَتْح الياءِ: محَدِّثٌ، آخِرُ من حَدَّث عن ابن شمعونَ.

  هكذا ضبطَه أَبو عليّ البردانيُّ الحافظ.

  أَو هو حُمَّدُوهْ، بلا ياءِ، كذا ضَبطَه بعضُ المُحَدِّثين، البغداديّ المُقْرِئُ الرَّزَّازُ، من أَهل النَّصرِيّة. وُلِدَ في صفر سنة ٣٨١ رَوى عنه ابنُ السَّمرْقَنْديّ والأَنماطِيُّ وتُوفِّيَ في ذي الحجّة سنة ٤٦٩.


(١) وفي معجم البلدان: والمحمدية ببغداد من قرى بين النهرين. ولم يرد فيه ذكر للمحمدية التي بتونس أو للمحمدية من قرى اليمامة.

(٢) كما في مجمع الأمثال للميداني حرف العين رقم ٢٥٤٣ ج ٢/ ٣٤.

(٣) الميداني: العُرْفَ.

(٤) الميداني: فانتهى إِلى محلتهم.

(٥) الميداني: دميماً بالدال المهملة.

(٦) زيد في الميداني: أن انزلوا بنا الليلة، فنزلوا.

(٧) القاموس: قالت: لا، ومثله عند الميداني.

(٨) الميداني: والمرء يرشد.