تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[رود]:

صفحة 468 - الجزء 4

  ودار المُهْرُ والبازِي في المِرْوَد، وهي حَدِيدةٌ مَشدودةٌ بالرَّسَن تَدُور معه في اللِّجَامِ.

  والمِرْوَد: مِحْوَرُ البَكْرَةِ إِذا كان مِن حَدِيد.

  وقولهم: امْشِ عَلى رُودٍ، بالضّمّ أَيْ مَهَلٍ، قال الجَمُوحُ الظَّفَرِيّ:

  تكادُ لا تَثْلِمُ البَطْحَاءَ وَطْأَتُها

  كأَنَّها ثَمِلٌ يَمْشِي عَلَى رُودِ

  وتصغيره رُوَيْد: قال أَبو عُبَيْد عن أَصحابه: تكبير رُوَيْد:

  رَوْدٌ، وتقول منه قد أَرْوَدَ في السَّيْر إِرْوَاداً ومُرْوَداً كمُكْرَمٍ، قال امرؤ القَيْس:

  وأَعْدَدْت للخَيْرِ وَثَّابةً

  جَوَادَ المَحَثَّةِ والمُرْوَدِ⁣(⁣١)

  ومَرْوَداً: بفتح الميم، كالمَخْرَج، ورُوَيْداً، ورُوَيْداءَ، الأَخير بالمدّ، ورُوَيْدِيَةً، الأَخيرتان عن الصاغانيّ، إِذا رَفَقَ. والإِرواد: الإِمهالُ، ولذلك قالوا: رُوَيْداً، مهلاً بدَلاً من قولهم: إِرواداً التي بمعنَى أَرْوَدْ، فكأَنه تصغيرُ التّرخيم بطَرْح جميعِ الزوائد ... وهذا حُكْم هذا الضرْبِ من التحقير.

  قال ابن سيده: وهذا مذهب سيبويه في رُوَيْد، لأَنه جعَله بَدَلاً من أَرْوِد، غير أَن رُوَيْداً أَقرَبُ إِلى إِروادٍ منها إِلى أَرْوِدْ، لأَنها اسم مثل إِرواد.

  وذهَبَ غيرُ سيبويه إِلى أَن رُوَيداً تصغير رُود. كما تقدَّم.

  قال: وهذا خطأٌ لأَن رُوداً لم يوضَع مَوْضِعَ الفعْل، كما وُضِعَت إِرواد، بدليل أَرْوِدْ.

  وقالوا رُوَيْدَكَ عَمْراً، أَي أَمْهِلْهُ، فلم يَجعلوا للكاف⁣(⁣٢) مَوضعاً، وإِنما هي للخِطاب. وإِنَّما تَدخله الكافُ إِذا كان بمعنَى أَفْعِلْ دون غيرِه ويكون حينئذٍ لوجوهٍ أَربعة: الأَوّل: أَن يكون اسمَ فِعْل، تقول رُوَيْدَ زَيداً، أَي أَرْوِدْ زَيْداً بمعْنَى أَمْهِله.

  والثاني: أَن يكون صِفةً، تقول سارُوا سَيْراً رُوَيْداً، قاله سيبويه.

  والثالث: أَن يكون حالاً، نحو قولك: سارَ القَومُ رُوَيْداً، اتَّصل بالمعرِفَة فصار حالاً لها.

  قال الأَزهريُّ: ومن ذلك⁣(⁣٣) قولُهم: ضَعْه رُوَيْداً، أَي وَضْعاً رُوَيْداً، ومن ذلك قولُ الرَّجلِ يُعالج الشيءَ [رُوَيْداً]⁣(⁣٤)، إِنما يريد أَن يقول: عِلاجاً رُوَيْداً، قال: فهذا على وَجْهِ الحال إِلّا أَن يَظهر الموصوفُ به فيكون على الحالِ، وعلى غيرِ الحال.

  والرابع: أَن يكون مَصدراً نحو قولك: رُوَيْدَ عَمْرٍو، بالإِضافة كقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقابِ}⁣(⁣٥).

  ونقلَ الأَزهريُّ عن اللَّيْث: إِذا أَرَدْت بِرُوَيْدَ: الوَعيدَ، نَصبتَها بلا تَنوين. وأَنشد:

  رُوَيْدَ نُصاهِلْ بالعِراقِ جِيادَنا

  كأَنَّكَ بالضَّحَّاكِ قد قامَ نادِبُهْ

  قال الأَزهريُّ: وإِذا أَردْت برُويد المهْلَةَ والإِروادَ في الشيْءِ⁣(⁣٦) فانْصِب ونَوِّنْ، تقول: امْش رُوَيْداً. قال⁣(⁣٧): وتقول العرَبُ: أَرْوِدْ، في معنى رُوَيْداً المَنصوبة. قال ابن كَيسان.

  في باب رُوَيداً: كأَنَّ رُوَيْداً من الأَضداد، تقول رُوَيْداً، إِذا أَرادوا: دَعْه وخَلِّه، وإِذا أَرادوا⁣(⁣٨): ارفُقْ به وأَمْسِكْه قالوا: رُوَيْداً زَيْداً. قال: وتَيْدَ زَيْداً، بمعناها.

  ويقال للمذكر: رُوَيْدَكَنِي، ولها، أَي للمؤنث: رُوَيْدَكِنِي، بكسر الكاف، وفي المثنّى: رُوَيْدَكُمانِي، وفي جمع المذكر: روَيْدَكُموني، وفي جمع المؤنث: رُوَيْدَكُنَّنِي، قال الأَزهريُّ، عند قوله: فهذه الكافُ الّتي أُلحقت لتَبْيِينِ⁣(⁣٩) المخاطبِ في رُوَيْداً، قال: وإِنما أُلحقت


(١) الجواد هنا الفرس السريعة. والمحثّة من الحث، يقول إِذا استحثثتها في السير أو رفقت بها أعطتك ما يرضيك من فعلها.

(٢) عن اللسان وبالأصل «الكاف» وفي الصحاح: فالكاف للخطاب، لا موضع لها من الإِعراب، لأنها ليست باسم، ورويد غير مضاف إِليها، وهو متعد إِلى عمرٍو لأنه اسم سمي به الفعل يعمل عمل الأفعال.

(٣) في التهذيب: ومن ذلك قول العرب.

(٤) زيادة عن التهذيب.

(٥) سورة محمد الآية ٤.

(٦) في التهذيب: «المشي» والشارح ينقل عن اللسان وقد نبه بهامش اللسان إِلى رواية التهذيب.

(٧) القائل هو الليث كما يفهم من عبارة التهذيب ١٤/ ١٦٣.

(٨) عن اللسان وبالأصل: «أردوا» تحريف.

(٩) التهذيب: ليتبين.