تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل السين مع الدال المهملتين

صفحة 11 - الجزء 5

  والسَّدُّ، بالكسر: الكَلامُ السَّدِيد المستقيم الصَّحِيحُ، عن الصاغانيّ.

  ومن المَجَاز: السَّدّ بالفتح: العَيْبُ كالوَدَس، قاله الفرّاءُ، ج أَسِدَّةٌ، نادرٌ على غير قياس، والقِياسُ الغالبُ: سُدُودٌ، بالضَّمّ، أَو أَسُدٌّ. وفي التهذيب: القياس أَن يُجمَع سَدُّ أَسُدًّا أَو سُدُوداً.

  وفي التهذيب⁣(⁣١): السُّدُّ كلُّ بِناءٍ سُدَّ به مَوضِعٌ. والجمْع أَسِدَّةٌ وسُدُودٌ. فأَمّا سُدُودٌ فَعلَى الغالِبِ، وأَمَّا أَسِدّةٌ فشاذٌّ.

  قال ابن سيده: وعندي أَنه جمع سِدَادٍ.

  وعن أَبي سَعِيد: يقال: ما بفُلانٍ سَدَادَةٌ⁣(⁣٢) يَسُدّ فَاه عن الكلام، أَي ما به عَيْبٌ، ومنه قولُهُم: لا تَجْعَلَنَّ بجَنْبِك الأَسِدَّةَ، أَي لا تُضَيِّقَنَّ صَدْرَكَ⁣(⁣٣) فَتسكُت عن الجوَابِ كمَن به عَيب، من صَمَمٍ أَو بَكَمٍ. قال الكميت:

  وما بِجَنْبِيَ من صَفْحٍ وعائِدةٍ ... عِنْدَ الأَسِدَّةِ إِنَّ العِيَّ كالعَضَبِ

  يقول: ليس بي عِيٌّ ولا بَكَمٌ عن جَوابِ الكاشح، ولكنِّي أَصفح عنه، لأَنّ العِيّ عن الجوَاب كالعَضْب وهو قَطْعُ يدٍ أَو ذَهَابُ عُضْوٍ، والعائدة: العَطْفُ.

  والسَّدُّ بالفتح: شيْءٌ يُتَّخَذُ من قُضْبانٍ، هكذا في سائر النسخ.

  والصواب: سَلَّة من قُضْبانٍ، كما في سائر أُصول الأُمهات له أَطْبَاقٌ والجمع: سدَادٌ وسُدُود⁣(⁣٤). وقال اللَّيث السُّدُود: السِّلَال تُتَّخذ من قُضْبان لها أَطْبَاق، والواحدة سَدَّةٌ. وقال غيره: السَّلَّة يقال لها السَّدَّة والطَّبْل.

  والسُّدَّةُ، بالضَّمَّ: بابُ الدَّارِ والبيتِ كما في التهذيب.

  يقال: رأَيتُه قاعِداً بِسُدَّةِ بابِه، وبِسُدَّةِ دارِه.

  وقيل هي السَّقيفة.

  وقال أَبو سعيد: السُّدّة في كلام العرب: الفِنَاءُ، يقال لبَيْت الشَّعرِ وما أَشبَهه. والَّذِين تَكلَّموا بالسُّدَّة لم يكونوا أَصحابَ أَبْنِيَةٍ ولا مَدَرٍ، ومن جَعلَ السُّدَّةَ كالصُّفَّة، أَو كالسَّقِيفَة، فإِنما فَسَّره على مذْهب أَهل الحَضَرِ.

  وقال أَبو عمرو: السُّدَّة كالصُّفَّةِ تكون بين يَدَيِ البَيتِ.

  والظُّلَّة تكون لِبابِ⁣(⁣٥) الدَّارِ، ج: سُدَدٌ، بضمّ ففتْح. وفي بعض النُّسخ: بضمّتين.

  وفي حديث أَبي الدرداءِ: «أَنّه أَتى بابَ مُعاوِيَةَ فلم يأْذَنْ له، فقال: مَنْ يَغْشَ سُدَدَ السُّلْطَانِ يَقُمْ ويَقْعُدْ».

  وسُدَّةُ المَسْجِدِ الأَعظمِ ما حَوْلَه من الرُّوَاق، وسُمِّيَ أَبو محمد إسماعيلُ بنُ عبد الرحمن الأَعور الكوفيّ التابعي المشهور، السُّدِّيّ، روى عن أَنَسٍ وابنِ عَبَّاس وغيرهما⁣(⁣٦)، لِبَيْعِهِ المقَانِعَ والخُمُرَ على باب مَسْجِد الكوفَةِ. وفى الصّحاح: في سُدَّةِ مَسْجِد الكوفَةِ، وهي ما يَبْقَى من الطَّاقِ المَسْدُودِ.

  قال أَبو عُبَيْدٍ: وبعضُهم يَجْعَل السُّدَّةُ البَابَ نَفْسَه، ومنه حديثُ أُمِّ سَلَمَةَ: أَنها قالت لعائشةَ لَمَّا أَرادت الخروجَ إِلى البَصْرَةِ «إِنك سُدَّةٌ بَيْنَ رَسُولِ الله ÷ وبين أُمَّتِهِ» أَي بابٌ.

  وقَال الذَّهَبِيُّ: لقعُوده في باب جامِعِ الكُوفَة. وقال اللَّيْث: السُّدِّيُّ رَجُلٌ منسوبٌ إِلى قَبِيلَة من اليمن. قال الأَزهَرِيُّ.

  إن أَرَادَ إِسماعِيلَ السُّدِّيَّ فقد غَلِطَ⁣(⁣٧)، لا يُعْرَف في قبائِلِ اليمنِ: سُدٌّ ولا سُدَّة. وأَغْرَبَ أَبو الفتح اليَعْمُرِيّ فقال: كان يَجْلِس في المدينةِ، في مكانٍ يقال له: السُّدّ، فنُسِب إِليه.

  والسُّدِّيُّ ضَعَّفه ابن مُعين ووثَّقه الإمامُ أَحمد، واحتَجَّ به مُسْلمٌ. وفي «التَّقْرِيب» أَنّه صَدُوقٌ. مات سنة سبعٍ وعشرين ومائة، وروَى له الجماعةُ إِلّا البخاريَّ. وقال الرُّشاطيّ: وليس هو صاحبَ التفسير، ذاك محمّدُ بن مروانَ الكوفيّ، يُعرف بالسُّدّيِّ، عن يحيَى بن عبيد الله، والكلبيّ، وعنه هِشَامُ بنُ عبد الله، والمحاربيّ. وقال جرير: هو كذَّاب.

  والسُّدَّة، بالضمّ: داءٌ في الأَنف يَسُدُّه، يأْخذ بالكَظَم، ويَمنَع نَسِيمَ الرِّيحِ، كالسُّدَادِ، بالضّمّ أَيضاً، مثل العُطَاس والصُّدَاع.


(١) كذا والعبارة لم ترد في التهذيب، وقد أَثبتت في اللسان.

(٢) التهذيب: «سِداد» وفي اللسان فكالأصل.

(٣) في نسخة ثانية من القاموس: لا يضيقنّ صدرُك.

(٤) اللسان: سِدَادُ وسُدُدٌ.

(٥) التهذيب واللسان: بباب الدار.

(٦) الأصل: وغيرهم.

(٧) التهذيب: فهو وهمٌ.