تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[ظأظأ]:

صفحة 204 - الجزء 1

  كمَقْعَدٍ: مَوْضِعُ الظَّمَاءِ، أَي العَطَشِ من الأَرْضِ قال أَبو حِزامٍ العُكليُّ:

  وَخَرْقٍ مَهَارِقَ ذِي لَهْلَه ... أَجَدَّ الأُوَامَ بِهِ مَظْمَؤُهْ

  والظِّمْءُ، بالكسر، لمَّا فَصَلَ بين الكلامَيْنِ احتاج أَن يُعِيد الضَّبْطَ، وإِلا فهو كالتكرار المخالِف لاصطلاحه: ما بَيْنَ الشَّرْبَتَيْنِ والوِرْدَيْنِ وفي نسخ الأَساس: ما بين السَّقْيَتَيْنِ، بدل الشَّرْبَتَيْنِ، وزاد الجوهريُّ: في وِرْدِ الإِبل، وهو حَبْسُ الإِبل عن الماء إِلى غاية الوِرْدِ، والجمع أَظْمَاءٌ، ومثله في العُباب، قال غَيْلَان الرَّبَعِيُّ:

  هَقْفاً عَلَى⁣(⁣١) الحَيِّ قَصِير الأَظْمَاءْ

  وظِمْءُ الحَيَاةِ: ما بَيْنَ سُقُوطِ الوَلَدِ إِلى حِينِ وقْت مَوْتِه، وقولهم في المَثل ما بَقِيَ منه أَي عُمْرِه أَو مُدَّتِه إِلَّا قدر ظِمْءِ الحِمَار، أَي لم يَبْقَ من عُمره أَو من مُدَّته غيرُ شيءٍ يَسِيرٌ، لأَنه يقال: ليس شَيْءٌ من الدَّوابِّ أَقْصَرَ ظِمْأً منه أَي من الحمار، وهو أَقلُّ الدوابِّ صَبْرًا عن العطش، يَرِدُ الماءَ كلَّ يَوْمٍ في الصيف مرَّتَيْنِ، وفي حديث بعضهم: حِينَ لمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِي إِلَّا ظِمْءُ حِمَار. أَي شَيْءٌ يَسِيرٌ.

  وأَقصَرُ الأَظماءِ الغِبُّ، وذلك أَن تَرِدَ الإِبل يوماً وتَصْدُر فَتكون في المَرْعَى يوماً وتَرِد اليومَ الثالثَ، وما بينَ شَرْبَتَيْهَا ظِمْءٌ طال أَو قَصُر، وفي الأَساس: وكان ظِمْءُ هذه الإِبل رِبْعاً فَزِدْنَا في ظِمْئِها وتَمَّ ظِمْؤُه والخِمْسُ شَرُّ الأَظماءِ، انتهى. وفي كتب الأَمثال: قالوا: هو أَقْصَرُ مِنْ غِبِّ الحِمَار، وأَقْصَرُ من ظِمْءِ الحِمَار. وعن أَبي عُبيد: هذا المَثلُ يُرْوَى عن مَرْوَان بن الحَكَم، قاله شيخُنا، ولمُلّا عَليّ قَارِي، في ظِمْءِ الحياةِ، دَعْوَى يقضي منها العَجَبُ، والله المستعان.

  وقال ابنُ شُمَيْلٍ: ظَمَاءَةُ الرَّجُلِ على فَعَالَةٍ كَسَحَابةٍ: سُوءُ خُلُقِه ولُؤْمُ ضَرِيبَتِه أَي طبيعته وَقِلَّةُ إِنْصَافِه لمُخَالِطِيه أَي مُشارِكيه، وفي نسخة لِمُخَالِطه، بالإِفراد، والأَصلُ في ذلك أَن الشَّرِيب إِذا ساءَ خُلُقُه لم يُنْصِفْ شُرَكاءَهُ. وفي التهذيب: رجل ظَمْآنُ وامرأَةٌ ظَمْأَى، لا ينصرفان نَكِرَةً ولا مَعْرِفة، انتهى. ووجهٌ ظَمْآنُ: قليل اللحْم، لَزِقَ جِلْدُه بعظمه⁣(⁣٢) وقلَّ ماؤُه، وهو خِلافُ الرَّيَّانِ، قال المُخَبَّل:

  وتُرِيكَ وَجْهاً كَالصَّحِيفَةِ لَا ... ظَمآنَ مُخْتَلَجٍ ولَا جَهْمِ

  وفي الأَساس: ومن المجاز: وَجْهٌ ظَمْآنُ: مَعْرُوقٌ، وهو مدح، وضِدُّه⁣(⁣٣) وجْهٌ رَيَّانُ، وهو مَذموم وعن الأَصمعي: رِيحٌ ظَمْأَى إِذا كانت حَارَّةَ عَطْشَى ليس فيها نَدًى أَي غَيْر لَيِّنة الهُبوب، قال ذو الرُّمَّة يصف السَّراب:

  يَجْرِي وَيَرْتَدُّ أَحْيَاناً وَتَطْرُدُهُ⁣(⁣٤) ... نَكْبَاءُ ظَمْأَى مِنَ القَيْظَيَّةِ الهُوجِ

  وفي حديث مُعاذٍ: وإِنْ كَانَ نَشْرُ أَرْض يُسْلِمُ عَلَيْهَا صَاحِبُها فإِنَّه يُخْرَجُ مِنها مَا أُعْطِيَ نَشْرُهَا رُبعَ المَسْقَوِيِّ وعُشْرَ المَظْمَئِيِّ المَظْمَئِيُّ: الذي تَسْقِيه⁣(⁣٥) السماءُ وهو ضِدُّ المَسْقَوِيِّ الذي يُسْقَى سَيْحاً، وهما منسوبانِ إِلى المَظْمَإِ والمَسْقَى، مصدر: ظَمِئَ وسَقَى⁣(⁣٦)، قال ابن الأَثير: ترك همزه يعني في الرِّواية وعزاه لأَبي موسى، وذكره الجوهريّ في المعتلّ، وسيأْتي.

  وأَظْمَأَه وظَمَّأَه أَي: عَطَّشه.

  وفي الأَساس: وما زِلْت أَتَظَمَّأُ اليَوْمَ وَأَتَلَوَّحُ أَي أَتصبَّر على العطش.

  ويقال: أَظْمأَ الفَرَسَ إِظْمَاءً وظُمِّئ تَظْمِئَةً إِذا ضَمَّرَهُ قال أَبو النَّجْم يصف فرساً:

  نَطْوِيهِ وَالطَّيُّ الرَّفِيقُ يَجْدِلُهْ ... نُظَمِّئُ الشَّحْمَ وَلَسْنَا نَهْزِلُ

  أَي نَعْتصِر ماءَ بَدَنِه بالتَّعْرِيق حتى يَذْهَب رَهَلُه ويَكْتَنِزَ لحْمُه. وفي الأَساس: من المجاز: فَرَسٌ مُظَمَّأٌ أَي مُضَمَّرٌ⁣(⁣٧)، ورمح أَظْمأُ: أَسْمَر، وظَبْىٌ أَظمأُ: أَسودُ، وبَعِير


(١) اللسان: مُقْفاً على.

(٢) اللسان: لزقت جلدته بعظمه.

(٣) في الأساس: ونقيضه.

(٤) اللسان: فيرقد أحياناً، ويطرده.

(٥) اللسان: يُسْقِيه.

(٦) اللسان: مصدري أسقى وأظمأ.

(٧) من هنا ورد في الأساس في مادة «ظمي» باختلاف العبارتين وفي اللسان أيضاً مادة «ظما».