تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الشين المعجمة مع الدال المهملة

صفحة 48 - الجزء 5

  والشاهِدُ: المَلَكُ، قال مُجاهد: {وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ}⁣(⁣١)، أَي حافِظٌ مَلَكٌ، قال الأَعشَى:

  فلا تَحْسَبَنِّي كافراً لكَ نِعْمَةً ... عَلَى شاهِدِي يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ

  وقال الفرّاءُ: الشّاهِدُ: يَوْمُ الجُمْعَةِ، و رَوَى شَمِرٌ، في حديث أَبي أَيُّوبَ الأَنصاريّ: «أَنّه ذَكَرَ صَلَاةَ العَصْرِ ثم قال: ولا صَلاةَ بَعْدَها حَتَّى يُرَى الشَّاهِدُ. قال: قلنا لأَبي أَيُّوبَ: ما الشَّاهِدُ؟ قال: النَّجْمُ كأَنَّه يَشْهَدُ في الليلِ، أَي يَحْضُر ويَظْهَرُ.

  والشَّاهِد: ما يَشْهَد على جَوْدَةِ الفَرَسِ وسَبْقِه مِن جَرْيِهِ، فسّره ابنُ الأَعرابيّ، وأَنشد لسُوَيْدِ بنِ كُرَاعَ في صِفَةِ ثَوْر:

  ولو شَاءَ نَجَّاهُ فلم يَلْتَبِسْ بِهِ ... له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْهُ وشاهِدُ

  وقال غيره: شاهِدُه: بَذْلُه جَرْيَه، وغائِبُه: مَصُونُ جَرْيِهِ.

  والشَّاهِدُ شِبْهُ مُخَاطٍ يَخْرُج مع الوَلَدِ، وجمْعُه شُهُودٌ، قال حُمَيْد بن ثَوْرٍ الهِلالِيّ:

  فجاءَتْ بِمِثْلِ السَّابِرِيِّ تَعَجَّبُوا ... له والثَّرَى ما جَفَّ عَنْهُ شُهُودُهَا

  قال ابن سِيده: الشُّهُود: الأَغراسُ الّتِي تكون على رأْسِ الحُوَار⁣(⁣٢).

  والشَّاهِد من الأُمورِ: السَّرِيعُ.

  وصَلاةُ الشاهِدِ: صَلَاةُ المَغْرِبِ، قال شَمِرٌ: هو راجِعٌ إِلى ما فَسَّرَه أَبو أَيُّوبَ أَنَّهُ النَّجْمُ. قال غَيره: وتُسَمَّى هذه الصّلاةُ صَلَاةَ البَصَرِ، لأَنّه يُبْصَرُ في وَقْته نُجومُ السماءِ، فالبَصَرُ يُدْرِكُ رُؤيَة النَّجْمِ، ولذلك قيلَ له⁣(⁣٣): صلاةُ البَصَرِ، وقيل في صلاة الشّاهد: إِنّها صلاةُ الفَجْرِ، لأَن المُسَافِرَ يُصَلِّيها كالشَّاهِدِ لَا يَقْصُرُ منها، قال:

  فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذانِ الأَوَّلِ ... تَيْمَاءَ والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ

  قَبْلَ صَلَاةِ الشَّاهِدِ المُسْتَعْجِلِ

  ورُوِيَ عن أَبي سَعِيد الضَّرِيرِ أَنه قال: صَلَاةُ المَغْربِ تُسمَّى شاهداً، لاسْتِوَاءِ المُقِيمِ والمُسَافِرِ فيها، وأَنّهَا لا تُقْصَر. قال أَبو منصور: والقَوْلُ الأَوّلُ⁣(⁣٤)، لأَنَّ صلَاةَ الفَجْر لا تُقْصَرُ أَيضاً، ويَسْتَوِي فيها الحاضِرُ والمسافِرُ، فلم تُسَمَّ شاهِداً.

  والمَشْهُود⁣(⁣٥): يَوْمُ الجُمُعَة، أَو يومُ القِيَامَةِ، أَو يَوْمُ عَرَفَةَ، الأَخير قاله الفرّاءُ، لأَنّ الناسَ يَشْهَدُون كُلَّا منها، ويَحضُرون بها، ويجمَعُون فيها⁣(⁣٦). وقال بعضُ المفسِّرين: الشاهد: يَوْمُ الجُمُعةِ، والمشهود: يَوْمُ القيامةِ. والشَّهْدُ: العَسَلُ ما دام لم يُعْصَر من شَمَعِه، بالفتح لتميم، ويُضَمُّ لأَهْل العالِيَة، كما في المصباح، واحدته شَهْدة وشُهْدة.

  وقيل: الشُّهْدة أَخَصُّ، ج: شِهَادٌ، بالكسر، قال أُمَيَّةُ [بن أَبي الصلت].

  إِلى رُدُحٍ من الشِّيزَى مِلَاءٍ ... لُبَابَ البُرِّ يُلْبَكُ بالشِّهَادِ

  أَي من لُبابِ البُرّ⁣(⁣٧).

  والشَّهْد: ماءٌ لبني المُصْطَلِقِ من خُزَاعَةَ، نقله الصاغانيّ.

  وفي التنزيل العزيز شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا هُوَ⁣(⁣٨) سَأَلَ المُنْذِرِيّ أَحمدَ بنَ يحيى عن معناه فقال: أَي عَلِمَ الله، وكذا كلُّ ما كانَ {شَهِدَ اللهُ}، في الكتاب أَو قالَ اللهُ يكون معناه عَلِمَ الله، أو كَتَبَ الله، قاله ابن الأعرابيّ. وقال ابن الأَنباريّ: معناه بَيَّن الله أَن لا إِله إِلّا هُوَ.

  وقال أَبو عبيدة: معنى {شَهِدَ اللهُ}: قَضَى الله، وحقيقَتُه: عَلِمَ الله، وبَيَّنَ الله، لأَنَّ الشاهِدَ هو العالِمُ الّذِي يُبَيِّنُ ما


(١) سورة هود الآية ١٧.

(٢) كذا، وقول ابن سيده كما نقله صاحب اللسان: والشُّهوُد ما يخرج على رأس الولد: واحدها شاهد.

(٣) كذا في اللسان وبهامشه: «قوله قيل له: أي المذكور صلاة الخ فالتذكير صحيح».

(٤) يعني قول شمر، وهو ما ورد في التهذيب.

(٥) يعني في قوله تعالى: {وَشاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}.

(٦) عبارة اللسان: «لأن الناس يشهدونه ويحضرونه ويجتمعون فيه».

(٧) وقيل الشَّهد والشُّهد والشَّهدة والشُّهدة العسل ما كان.

(٨) سورة آل عمران الآية ١٨.