تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الصاد المهملة مع الدال

صفحة 60 - الجزء 5

  وبَنَاتُ صَعْدَةَ، بالفتح: حُمُرُ⁣(⁣١) الوَحْشِ، والنِّسْبَة إِليها: صاعِديٌّ، على غيرِ قياسٍ، قال أَبو ذُؤَيْب:

  فَرَمَى فأَلْحَقَ صاعِدِيًّا مِطْحَراً ... بالكَشْحِ فاشْتَمَلَتْ عليه الأَضْلُعُ

  والصَّعْدَةُ بالفتح: القَنَاةُ، وقيل: هي: المُسْتَوِيَةُ التي تَنْبُتُ كذلك لا تَحْتَاج إِلى التَّثْقِيف. قال كَعْبُ بن جُعَيلٍ، يَصفُ امرأَةً، شَبَّهَ قَدَّهَا بالقَنَاة:

  فإِذا قامتْ إِلى جاراتِها ... لاحَتِ السّاقُ بخَلْخالٍ زَجِلْ

  صَعْدةٌ نابِتةٌ في حَائِرٍ ... أَيْنَمَا الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ

  وكذلك القَصَبَةُ. والجمع: صِعَادٌ.

  وقيل: الصَّعْدة: الأَتانُ وفي الحديث: «أَنَّه خَرَجَ على صَعْدَة يَتْبَعُهَا حُذَاقِيُّ عليها قَوْصَفٌ لم يَبْقَ منها إِلا قَرْقَرُهَا».

  الصَّعْدَةُ: الأَتَانُ الطَّوِيلَةُ الظَّهْرِ، والحُذَاقِيُّ: الجَحْشُ والقَوْصَفُ: القَطِيفةُ، وقَرْقَرُهَا: ظَهْرُها.

  والصَّعْدةُ: الأَلَّةُ، بفتح الهمزة، وتشديد اللّام، وهي أَصغرُ من الحَرْبَةِ، وقيل هي نَحْوٌ من الأَلَّةِ. وفي بعض النسخ: الأَكَمة، بدل الأَلَّة، وهو تحريف.

  وصَعْدَةُ عَنْزٌ، اسم له، نقله الصاغانيُّ. والصَّعْدَة: اسمُ فَرَس ذُؤَيْبِ بنِ هِلالِ بن عُوَيْمِرٍ الخُزَاعِيّ.

  وصَعْدةُ: ع بل مدينةٌ كَبِيرةٌ باليَمَنِ معرِفة، لا يَدْخُلها الأَلفُ واللَّام، بينها وبين صَنْعَاءَ سِتُّونَ فَرْسَخاً. منه مُحَمَّد بن إِبراهِيمَ بنِ مُسْلِمٍ الصَّعْدِيّ، يُعرَف بابن البَطَّال، سكَن المَصِيصةَ، عن سَلَمَةَ بنِ شَبِيبٍ، وعنه حَمْزةُ بنُ محمّدٍ الكِنَانِيّ. كذا أَورده ابن الأَثير.

  وصَعْدَةُ: ماءٌ جَوْفَ عَلَمَيْ بَنِي سَلُولَ، وصَعْدَةُ: ع لبني عَوْف.

  ومن المجاز: قولهم: صَنَعَ أَو بَلَغَ كذا وكذا فصاعِداً، أَي فما فَوقَ ذلك، وفي الحديث: «لا صَلَاةَ لمن لم يَقْرَأْ بفاتحةِ الكتاب فصاعِداً» أَي فما زَادَ عليها، كقولهم: اشتريتُه بدِرْهَمٍ فصاعِداً، قال سيبويه: وقالوا أَخذْتُه بدِرْهَمٍ فصاعِداً، حذَفُوا الفِعْلَ لكثْرةِ استِعمالِهم إِيَّاه، ولأَنَّهم أَمِنُوا أَن يكونَ على الباءِ، لأَنك لو قلْتَ: أَخذْتُه بِصاعدٍ كان قبيحاً، لأَنه صِفةٌ، ولا يكون في موضع الاسمِ، كأَنه قال: أَخذْتُه بدرْهمٍ فزادَ الثَّمَنُ صاعداً، أَو فَذَهَب صاعداً ولا يَجُوز أَن تَقول: وصاعِداً، لأَنّكَ لا تُريد أَن تُخْبِر أَنَّ الدِّرهمَ مع صاعدٍ ثَمَنٌ لشيُءٍ، كقولك بدرهم وزيادة، ولكنك أخبرْتَ بأَدْنَى الثَّمنِ فجعَلْته أَوَّلاً، ثم قَرَّرْت شيئاً بعْدَ شَيْءٍ. لأَثمانٍ شَتَّى، قال: ولم يُرَد فيها هذا المعنى، ولم يُلْزِم الواوُ الشَّيْئَيْن⁣(⁣٢) أَن يكون أَحدُهما بَعْد الآخَرِ.

  وصاعداً⁣(⁣٣) بدل مِن زادَ ويَزيد، وثُمَّ مثْلُ الفاءِ إِلا أَنَّ⁣(⁣٤) الفاءَ أَكثرُ في كلامِهِم.

  قال ابن جنّي: وصاعِداً: حالٌ مؤكِّدةٌ، أَلَا تَرَى أَن تقديرَه: فزادَ الثَّمَنُ لم يكن إِلَّا صاعِداً، ومعلومٌ أَنَّه إِذا زادَ الثَّمَنُ لم يكن إِلَّا صاعِداً، ومثله قوله:

  كَفَى بالنَّأْيِ مِنْ أَسْمَاءِ كافِ

  غير أَنّ للحالِ هنا مَزِيَّةً، أَعْنِي في قوله: فصاعِداً، لأَن صاعداً نابَ في اللَّفظِ عن الفِعْل الذي هو زاد، وكاف: ليس نائباً في اللَّفْظِ عن شيْءٍ، أَلَا تَرَى أَنَّ الفِعْلَ الناصِبَ له، الّذي هو: كَفَى، ملفوظٌ بِه معه.

  والصَّعْداءُ، بفتح فسكون، وضبطه بعضُ أَئمّة اللُّغَة بالضّمّ⁣(⁣٥)، كالّذي يأْتي بعدَه، والأَوّلُ الصّوابُ: المَشَقَّةُ كالصُّعْدُدِ بالضّمّ، نقلهما الصاغَانيّ.

  والصُّعَداءُ كالبُرَحاءِ: تَنَفُّسٌ ممدودٌ طَوِيلٌ، ومنهم من قَيَّدَه: إِلى فَوْقُ، وقيل هو التَّنَفُّس بِتَوجُّع، وهو يَتَنَفَّس الصُّعَدَاءَ، ويتنفَّس صُعُداً، وتَصَعَّدَ النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُه.

  وفي التنزيل: {فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً}⁣(⁣٦) قيل:


(١) اللسان: «حمير الوحش» وفي الصحاح فكالأصل والقاموس.

(٢) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: ولم يلزم الواو الخ لعله: ولم يلزم الواو التي لأحد الشيئين».

(٣) اللسان: وصاعدٌ.

(٤) بالأصل «لأن الفاء، وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله لأن الفاء ... الصواب أن يقول: إلّا أن الفاء» وهو ما أثبتناه.

(٥) في اللسان: والصُّعَداءُ: المشقة.

(٦) سورة النساء الآية ٤٣ والمائدة الآية ٦.