تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الدال، المهملتين

صفحة 104 - الجزء 5

  والعَرِيد: البَعِيدُ يَمَانِيَةٌ. والعَرِيد: العادَةُ يقال ما زالَ ذلك عَرِيدَه، أَي دَأْبَه وهِجِّيرَاه، عن اللِّحْيَانِيِّ.

  والعُرُّوَنْدُ، بضمتين والرّاءُ مُشَددة وسكون النون بعد واوٍ مفتوحة: حِصْنٌ بِصَنعاءِ اليَمَنِ عن الصاغانيِّ.

  قال شيخُنَا: صَرَّحَ أَهلُ الاشتقاقِ والتصريفِ بأَنَّ نونَه زائدةٌ، لقولهم: عَرَّدَ، إِذا نَزلَ، ولفقْد نحو جُعُّفَرّ.

  قلت: والذي يَظْهَر أَنَّ الواو زائدةٌ والنون بدلٌ عن الدّال، وأَصْله عُرُدٌّ كعُتُلٍّ.

  والعِرْدادُ، بالكسر: الفِيلُ لغِلَظِهِ وضَخَامَتِه.

  والعِرْدَادُ: الشُّجاعُ الصُّلْبُ من الرِّجَال.

  والعِرْدَادُ: هِرَاوَةٌ يُشَدُّ بها الفَرَسُ والجَمَلُ.

  والعَرَنْدَدُ - كسَفَرْجَلٍ، مُلْحَق به - والعُرُنْدُ⁣(⁣١)، بالضمّ، والصواب بضمتين: الصُّلْبُ الشَّدِيدُ مِن كُلِّ شيْءٍ، نونُه بدلٌ من الدَّال، كالعَرِدِ، كَكَتِفٍ، والعُرُدّ مثل عُتُلٍّ.

  قال الفرّاءُ: رُمْح عُرُدٌّ ووَتَرٌ عُرُدٌّ: شَدِيدٌ. وأَنشد لِحَنْظَلةَ بنِ سَيَّارٍ يومَ ذِي قارٍ.

  ما عِلَّتِي وأَنا مُؤْدٍ جَلْدُ ... والقَوْسُ فيها وَتَرٌ عُرُدُّ

  مِثلُ جِرَان العَوْدِ أَو أَشَدُّ

  ويروى:

  مِثْلُ ذِرَاعِ البَكْرِ ...

  شَبَّه الوتَرَ بِذراعِ البَعِيرِ في تَوَتُّرِه.

  وورَد هذا أَيضاً في خُطْبَة الحَجَّاج. ويقال: إِنّه لَقوِيٌّ شَديدٌ عُرُدٌّ.

  وحَكَى سيبويه: وَتَرٌ عُرُنْدٌ، أَي غَلِيظٌ، ونَظِيرُه من الكلام: تُرُنْج.

  وعَرَّد الرَّجُلُ تَعْرِيداً: فَرَّ وهَرَب، كعَرِدَ، كسَمِع، عن ابن الأعْرَابيِّ، وعَرَّدَ الرَّجلُ عن قِرْنه، إِذا أَحْجَمَ ونَكَلَ.

  وقيل: التَّعْرِيد: سُرْعَةُ الذَّهابِ في الهَزِيمةِ، قال الشَّاعِرُ، يَذْكُر هَزِيمةَ أَبي نَعَامَةَ الحَرُورِيِّ:

  لَمَّا استَبَاحُوا عَبْدَ رَبٍّ⁣(⁣٢) عَرَّدَتْ ... بِأَبِي نَعَامَةَ أُمُّ رَأْلٍ خَيْفَقُ

  وعَرَّدَ السَّهْمُ في الرَّمِيَّةِ تَعْرِيداً، إِذا نَفَذَ مِنْهَا، أَي من الرَّمِيَّةِ، قال ساعدةُ:

  فجالَتْ وخَالَتْ أَنَّهُ لم يَقَعْ بِهَا ... وقد خَلَّهَا قِدْحٌ صَوِيبٌ مُعَرِّدُ

  أَي نافذٌ. وخَلَّهَا، أَي دَخَلَ فيها. وصَوِيبٌ: صائِبٌ، قاصِدٌ.

  وقال لَبِيد:

  فمضَى وقَدَّمَها وكانَتْ عادةً ... منه إِذا هيَ عَرَّدَتْ إِقْدَامُها

  أَنَّث الإِقدام لِتَعَلُّقِه بها، كقوله:

  مَشَيْنَ كما اهتَزَّتْ رِمَاحٌ تَسَفَّهَتْ ... أَعَالِيَهَا مَرُّ الرِّياحِ النَّوَاسِمِ

  وعَرَّد فلانٌ تَعْريداً: تَرَكَ القَصْدَ من الطَّريق وانْحَرفَ عنها، وانهزمَ. ومن ذلك في الأَساس: عَرَّدَ عنه: انحَرَفَ وبَعُدَ. قال: وسَمِعْتُ في طَرِيقِ مَكَّةَ مَن يقول: ضَرَبْتُ البَعِيرَ فعَرَّدَ عَنِّي⁣(⁣٣).

  وعَرَّدَ النَّجمُ تَعريداً إِذا ارتَفَعَ قال الرَّاعِي:

  بأَطْيَبَ من ثَوْبَيْنِ تأْوِي إِليهما ... سُعادُ إِذا نَجْمُ السِّماكَيْنِ عَرَّدَا⁣(⁣٤)

  أَي ارتَفعَ، هكذا فَسَّره شَمِرٌ.

  وقال أَيضاً:

  فجَاءَ بأَشْوالٍ إِلى أَهْلِ خُبَّةٍ ... طُرُوقاً وقد أَقْعَى سُهَيْلٌ فعَرَّدَا⁣(⁣٥)

  قال: أَقعَى، أَي ارتفَع، ثُمَّ لم يَبْرَحْ. ويقال عَرَّدَ النَّجمُ تَعريداً إِذا مالَ لِلْغُرُوبِ أَيضاً بعد ما تَكَبَّدَ السَّماءَ، هكذا


(١) في القاموس: «العُرْنَد» وفي نسخة ثانية منه: الغُرُنْد.

(٢) هذا ضبط اللسان، وضبطت في التهذيب عَبْدَ ربَّ.

(٣) عبارة الأساس: «سمعت في طريق مكة صبياً من العرب، وقد انتحى عليه بعير: ضربته فعرّد عني».

(٤) ديوانه ص ٨٧ والتهذيب ٢/ ٢٠٠.

(٥) ديوانه ص ٨٩ والتهذيب ٢/ ٢٠٠ وفيه أناخوا بأشوالٍ.