تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل العين مع الدال، المهملتين

صفحة 136 - الجزء 5

  قول الفَرَزدَقِ يَمدَح هِشَامَ بنَ عبدِ الملك:

  ومَن وَرِثَ العُودَيْنِ والخَاتِمَ الّذِي ... لَه المُلْكُ والأَرْضَ الفَضَاءَ رَحِيبُها

  قال: العُودَانِ: مِنْبَرُ النّبيِّ ÷ وعَصَاهُ، وقد وَرَدَ ذِكْرُ العُودَيْنِ وفُسِّرا بذلك.

  وأُمُّ العُودِ: القِبَةُ، وهي الفَحِثُ، والجمْع: أُمَّهاتُ العُودِ. وعَادَ كذا: فِعْلٌ بمنزلةِ صارَ، وقول ساعِدَةَ بْنِ جُؤَيَّةَ:

  فقام تَرْعُدُ كَفَّاهُ بمِيبَلَةٍ ... قد عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ

  لا يكون عَادَ هنا إِلّا بمعنَى صارَ، وليس يريد أَنَّه عاوَدَ حالاً كان عليها قَبْلُ، وقد جاءَ عنهم هذا مجيئاً واسِعاً، أَنشد أَبو عليٍّ للعجّاج:

  وقَصَباً حُنِّيَ حتَّى كادَا ... يَعُودُ بَعْدَ أَعْظُمٍ أَعوَادَا

  أَي يصير.

  وعَادٌ: قَبِيلةٌ، وهم قَوْمُ هُودٍ، #، قال ابن سيده: قضَيْنَا على أَلِفها أَنَّهَا واوٌ للكثرة، وأَنَّه ليس في الكلام: ع ى د. وأما عِيدٌ وأَعيادٌ فبدَلٌ لازِمٌ، وأَنشد سيبويه:

  تَمُدُّ عليهِ مِن يَمِينِ وأَشْمُلٍ ... بُحُورٌ له من عَهْدِ عادٍ وتُبَّعَا

  ويُمْنَعُ من الصرف. قال اللَّيْثُ وعادٌ الأُولى هم: عادُ بن عاديَا بنِ سامِ بن نُوحٍ، الّذِين أَهلكَهم اللهُ، قال زُهَيْر:

  وأَهْلَكَ لُقْمَانَ بنَ عادٍ وعادِيَا⁣(⁣١)

  وأَمّا عادٌ الأَخيرة فهم بَنُو تميم⁣(⁣٢)، يَنزِلون رِمالَ عالِجٍ، عَصَوُا الله فَمُسِخُوا نَسْنَاساً، لكلّ إِنسانٍ منهم يَدٌ ورِجْل من شقٍّ.

  وفي كتب الأَنساب: عادٌ هو ابن إِرَمَ بن سام بن نُوح، كان يَعْبُد القَمَر. ويقال: إِنه رأَى من صُلْبه وأَولاد أَولاد أَولاده أَربعة آلاف، وإِنه نكَحَ أَلْفَ جاريةٍ، وكانت بلادُهُم إِرم المذكورة في القرآن، وهي من عُمَانَ إِلى حَضْرَمَوْت.

  ومن أَولاده شَدَّادُ بنُ عادٍ، صاحبُ المدينةِ المذكورة.

  وبئرٌ عادِيَّة، والعاديُّ: الشيْءُ القَدِيمُ نُسب إِلى عادٍ، قال كُثَير:

  وما سَالَ وادٍ من تِهامةَ طَيِّبٌ ... بِهِ قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ⁣(⁣٣)

  وفي الأَساس: مَجْدٌ عادِيٌّ وبِئْرٌ عادِيٌّ: قديمانِ. وفي المصباح: يقال للمُلْك القَدِيم: عادِيٌّ، كأَنه نِسْبة لعَادٍ، لتقدُّمه، وعادِيُّ الأَرضِ: ما تقادَمَ مِلْكُه. والعَرَب تنسُبُ البِنَاءَ الوَثِيقَ، والبِئرَ المُحْكَمَةَ الطَّيِّ، الكثيرة الماءِ إِلى عادٍ.

  وما أَدرِي أَيُّ عادٍ⁣(⁣٤) هُوَ غَيْرَ مَصْرُوف، أَيْ أَيُّ خَلْقٍ، هو.

  والعِيدُ، بالكسر: ما اعتادَكَ مِنْ هَمٍّ أَو مَرَضٍ أَو حُزْن ونحْوِه من نَوْبٍ وشَوْقٍ، قال الشاعر:

  والقَلْبُ يَعتادُه من حُبِّها عِيدُ

  وقال يَزِيدُ بنُ الحَكَم الثَّقَفِيّ، يمدَح سُليَمانَ بنَ عبدِ المَلِك:

  أَمسَى بأَسْماءَ هذا القَلْبُ مَعْمُودَا ... إِذا أَقولُ: صَحَا يَعْتادُه عِيدَا

  وقال تأَبَّط شَراًّ:

  يا عِيدُ مالَكَ مِن شَوْقٍ وإِيراقِ ... ومَرِّ طَيْفٍ على الأَهوالِ طَرَّاقِ⁣(⁣٥)


(١) ديوانه، وصدره:

ألم تر أن الله أهلك تبّعا

(٢) التهذيب: أُميم.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: وما سال الخ كذا في اللسان هنا، وأَنشد في مادة كرر:

وما دام غيث من تهامة طيب ... به قلب عادية وكرار

وذكر قبله بيتاً وهو:

أحبك ما دامت بنجد وشيجة ... وما ثبتت أُبلى به وتعار

(٤) ضبطت في القاموس: «عاد» «مصروف، وفي الصحاح واللسان: «أَي عادَ» غير مصروف». وبهامش اللسان: ولو أريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف، ولذا ضبط في القاموس بالصرف.

(٥) من قصيدة في أول المفضليات. وفي التهذيب: «من الأهوال» بدل «على الأهوال».