تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قرأ]:

صفحة 219 - الجزء 1

  بَيْضَاءُ تَصْطَادُ الغَوِيَّ وَتَسْتَبِي ... بِالحُسْنِ قَلْبَ المُسْلِمِ القُرَّاءِ

  انتهى، قلت: الصحيحُ أَنه قَوْلُ زَيْدٍ بن تُرْكٍ الدُّبَيْرِيّ⁣(⁣١)، ويقال: إِن المراد بالقُرَّاء هنا من القِرَاءَةِ جَمعُ قارِئٍ، ولا يكون من التّنَسُّكِ، وهو أَحسنُ، كذا في لسان العرب⁣(⁣٢)، وقال ابنُ بَرِّيٍّ: صوابُ إِنشاده «بَيْضَاءَ» بالفتح، لأَن قَبْلَه:

  ولَقَدْ عَجِبْتُ لِكَاعِبٍ مَوْدُونَةٍ ... أَطْرَافُها بِالحَلْي وَالحِنَّاءِ

  قال الفَرّاءُ: يقال: رجلٌ قُرَّاءٌ، وامرأَةٌ قُرَّاءَةٌ، ويقال: قرأْتُ، أَي صِرْتُ قارِئاً نَاسِكاً. وفي حديث ابنِ عبَّاسٍ: أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهْرِ والعَصْرِ. ثم قال في آخره: {وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا}⁣(⁣٣) معناه أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءَة فيهما، أَو لا يُسْمِعُ نَفْسَه قِراءَتَه، كأَنَّه رَأَى قَوْماً يَقْرَءُونَ فَيُسمعونَ نُفوسَهم ومَن قَرْبَ منهم، ومعنى قوله {وَما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} يريد أَن القِراءَةَ التي تَجْهَرُ بها أَو تُسمعها نَفْسَك يَكْتُبُها المَلَكانِ، وإِذا قَرأْتَها في نَفْسِك لمْ يَكْتُبَاها واللهُ يَحْفَظُها لَكَ ولا يَنْسَاها، لِيُجَازِيَكَ عَلَيْها.

  وفي الحديث: «أَكْثَرُ مُنَافِقِي أُمَّتِي قُرَّاؤُها» أَي أَنهم يَحْفظون القُرآن نَفْياً لِلتُّهَمَةِ عن أَنفسهم وهم يَعْتَقِدون تَضْيِيعَه. وكان المُنافقون في عصرِ النبيِّ كذلك⁣(⁣٤) [كالقارِئِ والمُتَقَرِّئِ]⁣(⁣٥) ج قُرَّاءُون مذكر سالم وقَوَارِيءُ كدَنَانِير وفي نسختنا قَوَارِئ فَوَاعِل، وجعله شَيْخُنا من التحْرِيف.

  قلت إِذا كان جمعَ قارِئ فلا مُخالفة للسَّماع ولا للقِياس، فإِن فاعِلاً يُجمع على فَوَاعِلَ⁣(⁣٦). وفي لسان العرب قَرائِئ كحَمَائِل، فَلْيُنْظَر. قال: جاءُوا بالهمزة في الجَمْعِ لما كانت غَيْرَ مُنقلبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ.

  وتَقَرَّأَ إِذا تَفَقَّهَ وتَنَسَّك وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً في هذا المعنى.

  وقَرَأَ # يَقْرَؤُه: أَبْلَغَه، كَأَقْرَأَه إِيَّاه، وفي الحديث: أَنّ الرَّبَّ ø يُقْرِئُكَ السَّلَام. أَوْ لا يقال أَقْرَأَه السَّلامَ رُبَاعِيّاً مُتعَدِّياً بنفْسِه، قاله شيخُنا. قلت: وكذا بحرْفِ الجرّ، كذا في لِسان العرب إِلَّا إِذَا كان السلامُ مَكْتوباً في وَرَقٍ، يقال⁣(⁣٧): أَقرأ فُلاناً السَّلَامَ وأَقْرَأَ #، كأَنه من يُبَلِّغُه⁣(⁣٧) سَلامه يَحْمِلُه على أَن يَقْرَأَ السَّلَام ويَرُدَّه. قال أَبو حَاتمٍ السِّجستانيّ: تقول: اقْرَأْ # ولا تقول أَقْرِئْه السَّلَامَ إِلَّا في لُغَةٍ، فإِذا كان مَكتوباً قلتَ أَقْرِئْهُ السَّلامَ، أَي اجْعَلْه يَقْرَؤُهُ. في لسان العرب: وإِذا قَرأَ الرّجُلُ القُرآنَ والحديثَ على الشيْخِ يقول: أَقْرَأَنِي فُلانٌ، أَي حَمَلَني على أَنْ أَقْرَأَ عليه.

  والقَرْءُ ويِضَمُّ يُطلَق على: الحَيْضُ، والطُّهْر وهو ضِدٌّ وذلك لأَن القُرْءَ هو الوَقْتُ. فقد يكون للحَيْض، وللطُّهْرِ، وبه صرَّح الزَّمَخْشَرِيّ وغيرُه، وجَزم البَيْضاوِيّ بأَنّه هو الأَصل، ونقله أَبو عمرو، وأَنشد:

  إِذَا مَا السَّمَاءُ لَمْ تَغِمْ ثُمَّ أَخْلَفَتُ ... قُرُوءَ الثُّرَيَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَطْرُ

  يُريد وَقْتَ نَوْئِها الذي يُمْطَرُ فيه النَّاسُ، وقال أَبو عُبيدٍ: القَرْءُ يَصلُح للحَيْضِ والطُّهر، قال: وأَظنُّه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابت. والقُرْءُ: القَافِيَةُ قاله الزمخشري ج أَقْرَاءٌ وسيأْتي قريباً والقرْءُ أَيضاً الحُمَّى، والغائب، والبَعِيد⁣(⁣٨) وانقضاءُ الحَيْض وقال بعضهم: ما بين الحَيْضَتَيْنِ. وقَرْءُ الفَرَسِ: أَيَّامُ وَدْقِهَا أَوْ سِفَادِهَا، الجمع أَقْرَاءٌ وقُرُوءٌ وأَقْرُؤٌ الأَخيرة عن اللّحيانيّ في أَدنى العدد، ولم يَعرِف سِيبويهِ أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً، قال: استغنَوْا، عنه بِقُرُوءٍ. وفي التنزيل: {ثَلاثَةَ قُرُوءٍ}⁣(⁣٩) أَراد ثَلاثةً من القروءِ كما قالوا خَمْسَةَ كِلَابٍ يُراد بها خَمْسَة من الكِلَابِ وكقوله:


(١) اللسان: زيد بن تركيّ الزُّبيديّ.

(٢) كذا في اللسان، وفي هامشه «قوله» ولا يكون من التنسك، عبارة المحكم في غير القاموس ويكون من التنسك بدون لا».

(٣) سورة مريم الآية ٦٥.

(٤) في النهاية بدل «كذلك» «بهذه الصفة».

(٥) سقطت من الأصل، واستدركناها عن القاموس.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله فإن فاعلاً الخ» فيه إن محل ذلك إذا كان فاعل اسماً ككاهل لا وصفاً كما هنا فهو شاذ اه.

(٧) العبارة في اللسان: اقرِئ فلاناً السلام واقْرَأْ # كأنه حين يُبلِّغه.

(٨) الأصل «العيد» أثبتنا ما جاء في القاموس.

(٩) سورة البقرة الآية ٢٢٨.