تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[فيد]:

صفحة 174 - الجزء 5

  يقول ثعلب: لا يَدْخُل في فَيْد حرفُ التعرِيفِ، ولا يقال فائد.

  ثم قال شيخُنا: ورأَيتُ في كتب الأَمثالِ أَنَّه يوجد فيها كَعْكٌ يُضْرَبُ به المَثَل، ونظَمه شيخُ الأُدباءِ مالك بن المرحَّل في نظمِه للفصيحِ:

  وتِلكَ فيْدُ قَرْيَةٌ والمَثَلُ ... في كَعْكِ فَيْدَ سائِرٌ لا يُجْهَلُ

  والفَيْد: أَن تَفِيد بيَدِكَ المَلَّةَ، وهي الرَّمَادُ الحَارُّ عن الخُبْزَةِ، نقله الصاغانيُّ.

  وَفَيْدُ القُرَيَّاتِ: ع بَينَ الحَرَمَيْن الشَّرِيفَيْن، وهو غير فَيْد المتقدِّم ذِكْرُه، نَبَّه عليه الصاغانيُّ. وقد وَهِمَ المَقْدِسِيُّ في حواشيه، فجعَلهما واحداً.

  وحَزْمُ فَيْدةَ: ع آخَرُ، قال المَقْدِسِيُّ: المذكور حِمَى فَيْد، وأَنشد ابنُ الأَعرابيّ:

  سَقَى اللهُ حَيًّا بينَ صَارَةَ والحِمَى ... حِمَى الفَيْدِ صَوْبَ المُدْجِنَاتِ المَواطِرِ

  قال شيخُنا وهو وَهَمٌ.

  والفَيَّادُ: ذَكَرُ البُومِ، ويقال الصَّدَى.

  والفَيَّاد: المُتَبَخْتِرُ، كالمُتَفَيِّدِ، يقال: فُلانٌ يَمْشِي على الأَرضِ فَيَّاداً مَيَّاداً، أَي مُخْتالاً مَيَّالاً. والفَيَّاد: الّذي يَلُفُّ ما قَدَر عليه فيأْكُلُه، كالفَيَّادَةِ، فيهما، وأَنشد ابن الأَعرابيِّ لأَبي النَّجْم:

  ليسَ بِمُلْتَاثٍ ولا عَمَيْثَلِ ... وليسَ بالفَيَّادَةِ المُقَصْمِلِ

  أَي هذا الرّاعِي ليس بالمُتَجَبِّرِ الشَّدِيدِ العَصَا. والفَيَّادةُ: الذي يَفِيدُ في مِشْيَتِه، والهاءُ دَخَلَت في نَعْتِ المُذَكَّر، مبالغةً في الصِّفة.

  والفائدةُ: ما أَفادَ اللهُ تعالى العَبْدَ من خَيْرٍ يَسْتَفِيدُه ويَسْتحدِثُه، وقال الجوهريُّ: هي ما استفدْتَ من عِلْم أَو مالٍ، تقول منه: فادَت له فائدةٌ، وهي واويَّة يائيّة ج: فَوَائِدُ.

  قال شيخُنا: وزاد بعضُ أَربابِ الاشتقاق أَنها من الفُؤادِ حتّى اغترَّ بذلك شيخُ شيوخِنا الشِّهابُ وتظرَّف، فقال:

  مِنَ الفُؤادِ اشتُقَّت الفائِدَهْ ... والنَّفْسُ يا صاحِ بذَا شاهِدَهْ

  لِذَا تَرَى أَفئدةَ النَاسِ قد ... مالَتْ لمَنْ في قُرْبِهِ فائِدهْ

  وَفَيَّدَ تَفْييداً: تَطَيَّر من صَوْت الفَيَّادِ، أَي ذَكَرِ البُوم، قال الأَعشى:

  وَيْهَمَاءَ باللَّيْلِ عَطْشَى الفَلا ... ةِ يُؤْنِسُني صَوْتُ فَيَّادِهَا⁣(⁣١)

  وأَفَدْتُ المالَ: استفدْتُه، وأَفدتُ المالَ أَعطَيْتُه غيرِي، قاله الكسائيُّ، وهو ضِدٌّ، ويقال: المُفِيدُ في قول القَتَّالِ السابِقِ⁣(⁣٢): هو المستفِيدُ.

  وفي حديثِ ابنِ عَبَّاسٍ، في الرجُلِ يَسْتَفِيد المَالَ بطرِيقِ الرِّبْحِ أَو غيرِه، قال: يُزَكِّيه يومَ يَسْتفِيدُهُ أَي يومَ يَمْلِكُه. قال ابنُ الأَثير: وهذا لَعَلَّه مَذهبٌ له، وإِلَّا فلا قائِلَ به من الفقهاءِ، إِلَّا أَن يكون للرَّجلِ مالٌ قد حالَ عليه الحَوْلُ، واستفاد قبْلَ وُجوبِ الزّكاةِ فيه مالاً، فيُضِيفُه إِليه، ويَجْعَلُ حولَهما واحداً، ويُزكِّي الجميع. وهو مَذهبُ أَبي حنيفةَ وغيرِه.

  وقال ابنُ شُمَيْلٍ: يقال هما يَتَفايدانِ بالمالِ بينَهما، أَي يُفِيد كُلُّ واحدٍ منها صاحِبَهُ. ولا تَقُلْ⁣(⁣٣) هما يتفاوَدانِ العِلْمَ، أَي يُفِيدُ كلُّ واحدٍ منهما، فإِنَّه قولُ العَامُّةِ، هذا نصُّ عبارةِ ابنِ شُمَيْلٍ. وقد تحامَل شيخُنا على المصنِّف، هنا وهنالِكَ، وغلَّطه وأَطلَق القَيْدَ، وقال: قُل يَتَفَايَدان، ويتفادَّان، ويتفادَدَانِ، فأَغرَبَ، وزادَ في الطُّنْبُورِ نَغْمَةً وأَطْرَبَ.

  وفائِدٌ: جَبَلٌ واسمٌ.


(١) بالأصل: «وبهماء» وما أثبت عن التهذيب، ويهماء بالياء المثناة التحتية المفازة لا ماء فيها، ولا يهتدي لطرفها.

وقوله «عطشى» كذا بالأصل والتهذيب واللسان والصواب «غطشى» بالغين المعجمة، وفلاة غطشى مظلمة، وفي اللسان «غطش» قال: اليهماء الأرض التي لا يهتدي فيها لطريق، والغطشى مثله.

(٢) يعني قوله:

مهلك مالٍ ومفيد مالِ

(٣) لم ترد كلمة «ولا تقل» في التهذيب، وبدلها: والناس يقولون.