تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[قهمد]:

صفحة 213 - الجزء 5

  في عُنُقِ البَعِيرِ علَى صُورَة القَيْدِ، كذا في الصّحاح وأَنشد الأَحمرُ:

  كُومٌ عَلَى أَعْنَاقِهَا قَيْدُ الفَرَسْ ... تَنْجُو إِذَا اللَّيْلُ تَدَانَى وَالْتَبَسْ

  وفي الحديث «أَنه أَمر أَوْسَ بنَ عبد الله الأَسْلَمِيَّ أَن يَسِمَ إِبلَه في أَعْنَاقهَا قَيْدَ الفَرس»، وصُورَتُها حَلْقَتَانِ بينهما مَدَّةٌ، كذا في النهاية، وقال ابنُ سيده: والقَيْدُ: من سِمَاتِ الإِبلِ وَسْمٌ مُستطيلٌ مِثلُ القَيْد في عُنُقِه ووَجْهِه وفَخذِه، عن ابن حَبِيب من تَذكرة أَبِي عَلِيٍّ.

  ومن المَجاز: يُقال للفَرَسِ: قَيْدُ الأَوَابِدِ، أَي لأَنَّه يَلْحَق الوُحوشَ بِسُرْعَتِه⁣(⁣١)، والأَوَابِدُ: الحُمُرُ الوَحْشِيَّة، قال سيبويهِ: هو نَكِرَة وإِن كان بِلَفْظِ المَعْرِفة، وأَنشد قَوْلَ امرِئ القَيْسِ:

  وقَدْ أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُنَاتِهَا ... بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ هَيْكَلِ⁣(⁣٢)

  وأَنشد له أَيضاً:

  بِمُنْجَرِدٍ قَيْدِ الأَوَابِدِ لَاحَهُ ... طِرَادُ الهَوَادِي كلَّ شأْو مُغَرِّبِ

  قال ابنُ جنّي: أَصلُه تَقْيِيدُ الأَوَابدِ ثم حذف زِيَادَتَيه، فجاءَ على الفِعْلِ، وإِن شئت قُلْتَ وَصْفٌ بالجَوْهر لما فيه من معنى الفِعْل نحو قوله:

  فَلَوْلَا اللهُ والمُهْرُ المُفدَّى ... لَرُحْتَ وأَنْتَ غِرْبَالُ الإِهَابِ

  وضَعَ «غِرْبَال» مَوْضِع المُخَرَّق. وفي التهذيب: يقال للفَرسِ الجَوَاد الذي يَلْحَق الطرائدَ من الوَحش: قَيْدُ الأَوَابِدِ، معناه أَنه يَلْحَقُ الوَحْشَ لِجَوْدَته⁣(⁣٣)، ويَمْنَعُه⁣(⁣٤) مِن الفَوَاتِ بسُرْعَتِه، فكأَنَّها مُقَيَّدة له لَا تَعْدُو⁣(⁣٤).

  والقَيْد: المِقْدَارُ، كالقَادِ والقِيدِ بالكسر. وقِيدَ قَيْداً بالكسر، مبنيًّا للمجهول قُيِّدَ تَقييداً، وقد قَيَّدَه، وقَيَّدْت الدَّابَّةَ.

  ويقال: فَرَسٌ عَبْلُ المُقَيَّدِ طَوِيل المُقَلَّد، المُقَيَّد، كمُعَظَّم: مَوْضِع القَيْدِ مِن رِجْلِ الفَرَسِ، والمُقَيَّدُ: مَوْضعُ الخَلْخَالِ مِن المرأَةِ. والمُقَيَّدُ: ما قُيِّدَ مِن بعيرٍ ونَحْوِه، ج مَقَايِيدُ، وهؤلاءِ أَجْمَالٌ مَقَايِيدُ، أَي مُقَيَّدَاتٌ. قال ابنُ سِيدَه إِبِلٌ مَقايِيدُ: مُقَيَّدَةٌ. حكاه يعقوب وليس بشيْءٍ، لأَنّه إِذا ثَبَتَتْ مُقَيَّدَةٌ فقَد ثَبَتَتْ مَقَايِيدُ. و في حديث قَيْلَةَ «الدَّهْنَاءُ مُقَيَّدُ الجَمَلِ» أَي أَنَّهَا مُخْصبَةٌ مُمْرِعَةٌ، والجَمَلُ لا يَتَعَدَّى مَرْتَعَه، والمُقَيَّد هنا المَوْضعُ الذي يُقَيَّدُ فيه الجَمَلُ ويُخَلّى، أَي أَنه مَكانٌ يَكون الجَمَلُ فيه ذا قَيْدِ.

  والقَيِّدُ، ككَيِّسِ: مَنْ سَاهَلَكَ إِذا قُدْتَه، قال:

  وشَاعرِ قَوْمٍ قَدْ حَسَمْتُ خصَاءَهُ ... وكَانَ لَهُ قَبْلَ الخِصَاءِ كَتِيتُ

  أَشَمَّ خَبُوطٍ بَالفَرَاسنِ مُصْعَبٍ ... فَأَصْبَحَ منِّي قَيِّداً تَرَبُوتُ

  والقِيَادُ ككِتَابٍ: حَبْلٌ يُقادُ به الدابَّةُ، وقد تقدَّمَ.

  والتَّقْيِيدُ: التَّأْخِيذُ، وهو مَجَازٌ، وقالت امرأَةٌ لعائشةَ ^: «أَأُقَيِّدُ جَمَلِيّ؟» أَرادت بذلك تَأْخِيذَها إِيَّاهُ من النساءِ سِوَاهَا. فقالت لها عائشةُ بعد ما فَهِمَتْ مُرَادَها: وَجْهِي من وَجْهِك حَرامٌ.

  كذا في التكملة. قال ابنُ الأَثير: أَرادَتْ أَنها تَعْمَل لِزَوْجِهَا شيئاً يَمْنَعُهُ عن غيرِهَا من النساءِ، فكأَنَّهَا تَرْبِطُه وتُقَيِّدُه من إِتيانِ غَيْرِهَا.

  وعن ابن بُزُرْج: تُقَيِّدُ: كمُضَارِعِ قَيَّدْتَ: أَرْضٌ حَمِيضَةٌ سُمِّيتْ لأَنَّها تُقَيِّد ما كان بها من⁣(⁣٥) الإِبل، تَرْتَعِيهَا لِكَثْرَةِ حَمْضِهَا وخُلَّتِهَا.

  ومن المجاز تَقْيِيدُ الكتَابِ: شكْلُه، وتَقْيِيدُ العِلْمِ بالكتابِ ضَبْطُه، وكِتابٌ مُقَيَّدٌ: مَشْكُولٌ، وما على هذا الحَرْفِ قَيْدٌ: شَكْلَةٌ.

  ومُقَيَّدَةُ الخِمَارِ: الحُرَّةُ: هكذا في سائر النسخ بكسر الخاءِ المعجمة، والمعنى أَنّ الخِمَار قَيْدٌ لها، والذي في


(١) التهذيب: بجودته.

(٢) الوكنات جمع وكنة لوكر الطائر، والمنجرد: القصير الشعر. والهيكل: العظيم الخلق.

(٣) الأصل واللسان، وفي التهذيب «بجودته».

(٤) العبارة في اللسان نقلاً عن التهذيب، وما في التهذيب: «فكأنها مقيده له».

(٥) في التهذيب: «من المال يربَّع فيها، مخصبة لكثرة خلّتها وحمضها».