تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل اللام) مع الدال المهملة

صفحة 235 - الجزء 5

  أَيضاً بسكون الباءِ، كَفَارِهٍ وفُرْهٍ وشارِفٍ وشُرْفٍ. وقرأَ زيدُ بن عَليّ وابنُ عُمَيْرٍ وعاصِمٌ: لِبَداً مِثال عِنَبٍ جَمْع لِبْدَة أَي مُجتَمِعاً.

  واللُّبَّدَي: القَوْمُ المُجْتَمِعُ كاللِّبْدَة، بالكسر، واللُّبْدَة، بالضمّ، كأنهم بِجَمْعِهم تَلَبَّدُوا، ويقال: النَّاسُ لُبَدٌ، أَي مُجتمِعون، وفي التنزيل العزيز {وَأَنَّهُ لَمّا قامَ عَبْدُ اللهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لُبَداً}⁣(⁣١) قال الأَزهريُّ: وقُرئ {لِبَداً} المعنى أَنَّ النبيّ ÷ لمَّا صلَّى الصُّبْح بِبَطْنِ نَخْلَةَ كادَ⁣(⁣٢) الجِنُّ لمَّا سَمِعُوا القرآنَ وتَعَجَّبُوا منه أَن يَسْقُطُوا عليه، أَي كالجَرَادِ، وفي حديث ابن عبّاسٍ {كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً} أَي مُجْتَمِعِينَ بَعْضهم على بعضٍ، واحدتها لِبْدَةٌ، ومعنى لِبَدٍ: يَركبُ بعضُهم بعضاً.

  وكلُّ شَيءٍ أَلْصَقْتَه بشيءٍ إِلصاقاً شديداً فقد لَبَّدْتَه.

  والتَّلْبِيدُ: التَّرْقِيعُ، كالإِلْبَادِ وكِسَاءٌ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ. وَثَوْبٌ مَلْبُودٌ، وقَدْ لَبدَه إِذا رَقَعَه، وهو مما تَقَدَّم، لأَن المُرَقَّع⁣(⁣٣) يَجتمعُ بعضُه إِلى بَعْضٍ ويَلْتَزِق بعضُه ببعضٍ، وقيل المُلَبَّد الذي ثَخُنَ وَسَطُه وصَفِقَ حتى صارَ يُشْبِه اللِّبْدَ.

  وفي الصّحاح: التَّلْبِيدُ: أَنْ يَجْعَلَ المُحْرِمُ في رأْسِهِ شَيْئاً مِن صَمْغٍ لِيَتَلبَّدَ شَعرُهُ بُقْيَا عَلَيْه لئلا يَشعَثَ في الإِحرام، ويَقْمَلَ، إِبْقَاءً على الشَّعرِ، وإِنما يُلَبِّد مَنْ يَطُولُ مُكْثُه في الإِحرام. وفي حَدِيث عُمَر ¥ أَنَّهُ قال «مَنْ لَبَّدَ أَوْ عَقَصَ أَو ضَفَر فعلَيْه الحَلْقُ» قال أَبو عبيد: قوله لَبَّدَ، أَي⁣(⁣٤) جَعَل في رَأْسهِ شَيْئاً مِن صَمْغٍ أَو عَسَلٍ⁣(⁣٥) لِيَتَلَبَّدَ شَعرُه ولا يَقْمَلَ، قال الأَزهريُّ: هكذا قال يَحيى بن سَعِيد، قال: وقال غيرُه: إِنما التَّلْبِيدُ بُقْيَا علَى الشَّعر لئلا يَشْعَثَ في الإِحرام، ولذلك أَوْجَبَ عليه الحَلْقَ كالعُقَوبَةِ له، قال: قال ذلك سُفْيَانُ بن عُيَيْنَةَ، قيل: ومنه قيل لِزُبْرَةِ الأَسدِ لِبْدَةٌ، وقد تَقدَّم.

  واللَّبُودُ، كصَبورٍ، وفي نسختنا بالتَّشْدِيد: القُرَادُ، سُمِّيَ بذلك لأَنه يَلْبَدُ بالأَرض أَي يَلْصَق. والْتَبَدَ الوَرَقُ تَلَبَّدَتْ، أَي، تَلَبَّدَ بعضُه على بعضٍ.

  والتَبَدَت الشَّجَرَةُ: كَثُرَتْ أَوْرَاقُها، قال الساجع:

  وعَنْكَثَا مُلْتَبِدَا

  واللَّابِدُ، والمُلْبِد وأَبو لُبَد كصُرَدٍ وعِنَبٍ: الأَسَدُ.

  * ومما يستدرك عليه:

  «ما أَرَى اليَوْمَ خَيْراً مِن عِصَابَة مُلْبِدَةٍ» يعني لَصِقُوا بالأَرْض وأَخْمَلُوا أَنْفُسَهُم، وهو من حديث أَبي بَرْزَةَ وهو مَجاز، وفي الأَساس عِصَابَةٌ مُلْبِدَةٌ: لا صِقَةٌ بالأَرض من الفَقْرِ، وفُلانٌ مُلْبِدٌ: مُدْقِعٌ وفي حديث أَبي بَكْرٍ «أَنه كان يَحْلُب فيقول أَأُلْبِدُ أَمْ أُرْغِي؟ فإِن قالوا: أَلْبِدْ أَلْزَقَ العُلْبَةَ بِالضَّرْعِ فَحلَبَ، ولا يَكون لذلك الحَلَبِ رَغْوَةٌ، فإِن أَبَانَ العُلْبَةَ رَغَا الشَّخْبُ بِشِدَّة وُقُوعِه في العُلْبَةِ».

  والمُلَبِّدُ من المَطَرِ: الرَّشُّ وقد لَبَّدَ الأَرْضَ تَلْبِيداً، وتَلَبَّدَت الأَرْضُ بالمطرِ. وفي الحديث: «في صِفَة الغَيْثِ «فَلَبَّدَتِ الدِّمَاثَ» أَي جَعَلَتْهَا قَوِيَّةً لا تَسوخ فيها الأَقدامُ، والدِّمَاثُ: الأَرَضُونَ السَّهْلَةُ. وفي حديث أُمّ زَرْعٍ: «لَيْسَ بِلَبِدٍ فَيُتَوَقَّل، ولا لَه عِنْدِي مُعَوَّل» أَي لَيْس بِمُسْتَمْسِكٍ مُتَلَبِّد فَيُسْرَع المَشْيُ فِيه ويُعْتَلَى.

  ولَبَّدَ النَّدَى الأَرْضَ. وفي صِفَة طَلْحِ الجَنَّة: «إِنّ الله تعالى يَجْعَل مَكَانَ كُلِّ شَوْكَةٍ مِنْهَا مِثْلَ خُصْوَة⁣(⁣٦) التَّيْس المَلْبُودِ» أَي المُكْتَنِز اللَّحْم الذي لَزِمَ بَعْضُه بَعْضاً فتَلَبَّد.

  وفي التهذيب في تَرجمة بلد: وقولُ الشاعِرِ أَنشَدَه ابنُ الأَعرابيّ:

  وَمُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ ومَهْلكَةٍ ... جَاوَزْتُه بِعَلَاةِ الخَلْقِ عِلْيَانِ

  قال: المُبْلِدُ: الحَوْضُ القَديم هُنا، قال: وأَراد مُلْبِد فقَلَب، وهو اللَّاصِقُ بالأَرض.

  وقال أَبو حَنيفة: إِبِلٌ لَبِدَةٌ ولَبَادَى: تَشَكَّى بُطُونَهَا عن القَتَادِ. وناقَةٌ لَبِدَةٌ.


(١) سورة الجن الآية ١٩.

(٢) التهذيب: كادت.

(٣) اللسان: الرَّقْع.

(٤) اللسان «يعني أن يجعل المحرم في رأسه ..».

(٥) الأصل واللسان، وفي التهذيب: أو غِسْلٍ.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: خصوة هو كذلك في النهاية واللسان بلا ضبط».

وبهامش النهاية: جاء اللسان مادة خصى: قال شمر لم تسمع في واحد الخصى إلا خصية بالياء، لأن أصله من الياء. وما أثبت ضبطه عن اللسان مادة خصى، وقد وردت خصوة في الحديث فيه هناك.