تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الدال المهملة

صفحة 248 - الجزء 5

  كالآلةِ، ثم خُصَّ المِدَادُ في عُرْفِ اللغةِ بالحِبْرِ.

  والمِداد: المِثَالُ، يقال: جاءَ هذا على مِدَادٍ واحدٍ، أَي على مِثَالٍ واحدٍ، وقال جَنْدَلٌ:

  لَمْ أُقْوِ فِيهِنَّ وَلَمْ أُسَانِدِ ... ولَمْ أَرِشْهُنَّ بِرِمٍّ هَامِدِ

  عَلَى مِدَادٍ وَرَوِيٍّ وَاحِدِ

  والمِدَاد: الطَّرِيقَةُ، يقال: بَنَوْا بُيُوتَهم على مِدَادٍ واحدٍ، أَي على طَرِيقَةٍ واحِدَة.

  وفي التهذيب: مِدَادُ قَيْسٍ: لُعْبَةٌ لهم⁣(⁣١) أَي لِصبيانِ العَرب.

  ويقال: وادِي كذا يَمُدُّ في نهر كذا، أَي يَزِيد فيه. ويقال منه: قَلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتْهَا رَكِيَّةٌ أُخْرَى فهي تَمُدُّهَا مَدًّا.

  ومَدَّ النَّهْرُ النَّهْرَ إِذا جَرَى فيه. وقال اللِّحيانيّ: يقال لكلّ شيْءٍ دَخَل فيه مِثْلُه فَكثَّرَهُ مَدَّه يَمُدُّه مَدًّا. وفي التنزيل العزيز: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}⁣(⁣٢) أَي يَزِيد فيه ماء مِن خَلْفِه تَجُرُّه إِليه وَتُكَثِّرهُ. وفي حديث الحَوْض يَنْبَعِث فيه مِيزَابَانِ مِدَادُهُما أَنهارُ الجَنّة، أَي تَمُدُّهما أَنْهَارُها. وقال الفَرَّاءُ في قوله تعالى: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ} قال: يكون مِدَاداً كالمِدَادِ الذي يُكْتَبُ به، والشيءُ إِذَا مَدَّ الشيءَ فكان زِيَادَةً فيه فهو يَمُدُّه. تقول: دِجْلَة تَمُدُّ [بِثارَنَا و⁣(⁣٣) أَنْهَارَنَا، والله يَمُدُّنَا بها.

  والمَدْمَدُ كجَعْفَر: النَّهْرُ، والمَدْمَدُ: الحَبْلُ، قاله الأَصمعيّ، وفي بعض النُّسخ الجَبَلُ، والأَوَّل الصوابُ.

  ونَصُّ عِبَارَة الأَصمعيّ: والمَدُّ: مَدُّ النَّهْرِ، والمَدُّ: مَدُّ الحَبْلِ والمَدّ أَن يَمُدَّ الرَّجُلُ [الرَّجُلَ] في غَيِّه. قلت: فهي تَدُلُّ صَرِيحاً أَنّ المَدَّ هُنا ثُلاثيٌّ لا رُبَاعيٌّ مُضَاعَفٌ كما توهَّمَه المصنِّف.

  والمُدُّ، بالضمّ: مِكْيَالٌ، وهو رِطْلانِ عند أَهل العِرَاق وأَبي حَنيفةَ أَو رِطْلٌ وثُلُثٌ عند أَهلِ الحِجَازِ والشافعيِّ، وقيل: هو رُبْعُ صَاعٍ، وهو قَدْرُ مُدِّ النبيّ ÷، والصَّاعُ خَمْسَةُ أَرطَالٍ وأَرْبَعَةُ أمْدَادٍ قال:

  لَمْ يَغْذُهَا مُدٌّ وَلَا نَصِيفُ ... وَلَا تُمَيْرَاتٌ وَلَا تَعْجِيفُ

  وفي حديثِ فَضْلِ الصَّحَابَةِ: «مَا أَدْرَكَ مُدَّ أَحَدِهِم ولَا نَصِيفَهُ»⁣(⁣٤) وإِنّمَا قَدَّرَه به⁣(⁣٥) لأَنّه أَقَلُّ ما كانُوا يَتَصَدَّقُون به في العَادَة. أَو مِلْءُ كَفَّيِ الإِنسانِ المُعْتَدِلِ إِذا مَلأَهُمَا ومَدَّ يَدَه بهما، وبه سُمِّيَ مُدَّاً، هكذا قَدَّرُوه، وأَشار له في اللِّسَان.

  وقد جَرَّبْتُ ذلِكَ فَوَجَدْتُه صَحِيحاً، ج أَمْدَادٌ، كَقُفْلٍ وأَقْفَالٍ، ومِدَدَةٌ ومِدَدٌ، كعِنَبةٍ وعِنَبٍ، في القليل، ومِدَادٌ، بالكسر في الكثير، قال:

  كَأَنَّمَا يَبْرُدْنَ بِالغَبُوقِ ... كَيْلَ مِدَادٍ مِنْ فَحاً مَدْقُوقِ

  قِيل: ومنه: سُبْحَانَ الله مدَادَ كَلِمَاتِه، ومِدَادَ السَّمواتِ ومَدَدَها⁣(⁣٦)، أَي قَدْرَ ما يُوازِيها في الكَثْرَة عِيَارَ كَيْلٍ أَو وَزْنٍ أَو عَدَدٍ أَو ما أَشْبَهه مِن وُجُوه الحَصْرِ والتقديرِ، قال ابنُ الأَثير: وهذا تَمْثِيلٌ يُرَادُ به التقديرُ، لأَن الكلام لا يَدْخُل في الكَيْلِ والوَزْنِ، وإِنما يَدْخُل في العَددِ، والمِدَاد مَصْدَرٌ كالمَدَدِ، يقال: مَددْت الشيءَ مَدّاً ومِدَاداً، وهو ما يُكْثَّر به ويُزَاد.

  والمُدَّةُ، بالضَّم: الغايَةُ من الزَّمانِ والمَكَانِ، ويقال: لهذه الأُمَّةِ مُدَّةٌ أَي غايَةٌ⁣(⁣٧) في بَقَائِها، والمُدَّة: البُرْهَةُ من الدَّهْرِ. وفي الحديثِ «المُدَّة التي مَادَّ فيها أَبا سُفْيَانَ» قال ابن الأَثير: المُدَّة: طائفةٌ مِن الزَّمَانِ تَقَعُ على القَليلِ والكَثِير. ومَادَّ فيها أَي أَطَالَها.

  والمُدَّة: اسْمُ ما استَمْدَدْتَ بِه مِن المِدَاد عَلَى القَلَمِ، والعَامَّة تقول بالفتح والكسر، ويقال مُدَّني يا غُلامُ مُدَّةً منِ الدَّوَاة. وإِن قلتَ: أَمْدِدْني مُدَّةً، كان جائزاً، وخُرِّج على مَجْرَى المَدَد بها والزِّيادة.

  والمِدَّةُ بالكسر: القَيْحُ المُجْتَمِع في الجُرْح.


(١) كلمة «لهم» ليست في القاموس، وهي في اللسان فكالأصل.

(٢) سورة لقمان الآية ٢٧.

(٣) زيادة عن التهذيب، وفي اللسان: تيارنا وأنهارنا.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «ويروى بفتح الميم وهو الغاية، نقله في اللسان عن ابن الأثير».

(٥) أي قدر المدّ بربع الصاع.

(٦) عبارة اللسان: مداد السموات، مداد كلماته ومددها.

(٧) الأصل واللسان، وفي التهذيب: من.