فصل الميم مع الدال المهملة
  والأَعرابُ أَصْلُ العَربِ ومَادَّةُ الإِسلامِ، وهو مَجَازٌ، أَي لِكَوْنِهم يُعِينُونَ ويُكَثِّرُونَ الجُيُوشَ ويُتَقَوَّى بِزكاةِ أَمْوَالِهم.
  وقد جاءَ ذلك في حديث سيّدنا عُمَر ¥.
  والمَدَدُ: العساكر التي تَلْحَق بالمَغَازِي في سَبِيلِ الله، قال سيبويهِ: والجَمْع أَمْدَادٌ، قال: ولم يُجَاوِزُوا به هذا البِنَاءَ، ومن ذلك الحَديثُ: «كان عُمَرُ ¥ إِذا أَتى أَمْدَادُ أَهْلِ اليَمَنِ سأَلَهم: أَفِيكُمْ أُوَيْسُ بنُ عَامِرٍ». وفي حديث عَوْفِ بن مالكٍ: «وَرافَقَني مَدَدِيّ من اليَمَنٍ» هو مَنْسوبٌ إِلى المَدَدِ.
  وكُلُّ ما أَعَنْتَ به قَوْماً في حَرْبٍ أَو غيرِه فهو مادَّة لَهم.
  وفي حَدِيثِ الرَّمْيِ: «مُنْبِلُه والمُمِدُّ(١) به» أَي الذي يَقُوم عند الرَّامِي فيُنَاوِلُه سَهْماً بعد سَهْم أَو يَرُدُّ عَلَيْه النَّبْلَ من الهَدَفِ، يقال: أَمَدَّه يُمِدُّه فهو مُمِدٌّ.
  وفي حديث عليٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَه: «قائلُ كَلِمَةِ الزُّورِ والذي يَمُدُّ بِحَبْلِهَا في الإِثْمِ سَوَاءٌ» مَثَّلَ قائِلَها بالمَائحِ الذي يَمْلأُ الدَّلْوَ في أَسْفَلِ البِئرِ، وحاكِيَهَا بالماتِح الذي يَجْذِب الحَبْلَ على رَأْسِ البِئرِ ويَمُدُّه، ولهذا يقال: الرَّاوِيَةُ أَحَدُ الكَاذِبَيْنِ.
  ومَدَّ الدَّوَاةَ، وأَمَدَّها: زاد في مائِها ونِقْسِهَا، ومَدَّهَا وأَمَدَّها: جَعَلَ فيها مِدَاداً، وكذلك مَدَّ القَلَمَ وأَمَدَّه، واسْتَمَدَّ مِن الدَّواة: أَخَذَ منها مِدَاداً. والمَدَّة، بالفتحِ، الوَاحِدَةُ، مِن قَوْلِك مَدَدْتُ الشيْءَ.
  ومن المَجاز: مَدَّ اللهُ في عُمرِك، أَي جعَل لِعُمْرِك مُدَّةً طَوِيلَةً، ومَدَّ في عُمْرِه بشيْءٍ وامْتَدَّ عُمرُه، ومَدَّ اللهُ الظِّلَّ، وامْتَدَّ الظِّلُّ والنَّهارُ، وظِلٌّ مَمْدُودٌ(٢). وامْتَدَّتِ العِلَّة. وأَقمْتُ [عنده](٣) مُدَّةً مَدِيدَةً. كل ذلك في الأَساس.
  وقال ابنُ القطاع في الأَفعال: مَدَّ(٤) اللهُ تعالى في العُمْرِ: أَطالَه، وفي الرِّزْقِ: وَسَّعَه. والبَحْرُ(٥) والنَّهْرُ: زَادَ، ومَدَّهُمَا غَيْرُهما. وفي اللسان امْتَدَّ النهارُ: تَنَفَّس، وامْتَدَّ بهم السَّيْرُ: طَالَ، ومَدَّ في السَّيْرِ: مَضَى.
  وفي الأَفعال لابن القَطَّاع: وأَمَدَّ اللهُ تعالى في الخَيْرِ: أَكْثَرَه.
  ومَدَّ(٦) الرَّجُلُ في مِشْيتِه: تَبَخْتَر.
  ومُدَّ الإِنسانُ مَدّاً: حَبِنَ بَطْنُه.
  وفي الأَساس: وهذا مَمَدُّ الحَبْلِ. وطِرَازٌ(٧) مُمَدَّد.
  قلت: أَي مَمدود بالأَطْنَاب، شُدِّد للمبالَغة. ومادَّهُ الثَّوبَ وتَمَادَّاهُ، ومن المَجازِ: مَدَّ فُلانٌ فِي وُجُوهِ المَجْدِ غُرَراً، وله مالٌ مَمْدودٌ: كثير.
  واستدرك شيخنا هنا نَقْلاً عن بعض أَربابِ الحواشي: تَمَادى به الأَمْر أَصلُه تَمادَدَ، بدالَيْنِ مُضَعَّفاً، ووقَع الإِبدال، كتَقَضَّى ونَحْوِه، وقيل، من المَدَى، وعليه الأَكْثَر، فلا إِبدالَ، وموضِعه المعتلُّ. قلت: وفي اللسان، قال الفرزدق:
  رَأَتْ كَمَراً مِثْلَ الجَلَامِيدِ فَتَّحَتْ ... أَحَالِيلَها لَمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذُورُها
  قيل في تفسيره: اتمأَدَّتْ، قال ابنُ سِيده: ولا أَدرِي كيف هذا، اللهُمَّ إِلّا أَن يريد تَمَادَّتْ فسَكَّنَ التَّاءَ واجْتَلَب للساكِن أَلِفَ الوَصْلِ كما قالوا: {ادَّكَرَ}(٨) وادارأتم {فَادّارَأْتُمْ فِيها}(٩) وهَمَز الأَلف الزائدة كما هَمز بعضُهم أَلِف دَابَّة فقال دَأَبَّة.
  ومُدٌّ، بالضمّ، اسمُ رجُلٍ من دارِمٍ، قال خالدُ بن عَلْقَمَة الدَّارِمِيّ يَهجو خُنْشُوشَ بن مُدٍّ:
  جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلَامَةً ... إِذَا زَيَّنَ الفَحْشَاءَ للنَّاسِ مُوقُها
  وأَرْضٌ مَمْدُودَةٌ أُصْلِحَتْ بالمِدَادِ. والمَدَادِينُ جَمْع مِدَّانٍ، للمِيَاه المِلْحَةِ.
  والمَدَّادُ، ككَتَّانٍ: الحَبَّارُ، وهو المَدَّادِيُّ أَيضاً،
(١) عن النهاية، وبالأصل: «الممدد به».
(٢) الأساس: وظل ممدودٌ وممتدُ.
(٣) زيادة عن الأساس.
(٤) عن كتاب الأفعال لابن القطاع، وبالأصل «وأمدّ».
(٥) بالأصل «وفي البحر» وما أثبت عن ابن القطّاع.
(٦) عن كتاب الأفعال لابن القطاع، وبالأصل «وأمدّ».
(٧) الأساس: وطِراف.
(٨) هي في قوله تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}.
(٩) في قوله تعالى: {فَادّارَأْتُمْ فِيها}.