تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[مسد]:

صفحة 255 - الجزء 5

  أَو جُلُودِ الإِبل أَو مِن أَيِّ شَيْءٍ كانَ قاله ابنُ سِيدَه وأَنشد:

  يَا مَسَدَ الخُوصِ تَعَوَّذْ مِنِّي ... إِنْ تَكُ⁣(⁣١) لَدْناً لَيِّناً فَإِنّي

  مَا شِئْتَ مِنْ أَشْمَطَ مُقْسَئِنِّ

  قَال: وقد يَكون مِن جُلُود الإِبل لا مِنْ أَوْبَارِها، وأَنشدَ الأَصْمعيُّ لعُمَارَةَ بنِ طارِقٍ⁣(⁣٢):

  فَاعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلِ غَرْبِ طَارِقِ ... ومَسَدٍ أُمِرَّ مِنْ أَيَانِقِ

  لَيْسَ بِأَنْيَابٍ وَلَا حَقَائِقِ

  يقول: اعْجَلْ بِدَلْوٍ مِثْلِ دَلْوِ طارِق ومَسَدٍ فُتِلَ مِن نُوقٍ⁣(⁣٣) ليستْ بِهَرِمَةٍ ولا حَقَائِقَ، جمع حِقَّةٍ وهي التي دَخَلَتْ في الرَّابِعَةِ وليس جِلْدُها بالقَوِيّ، يريد: ليس جِلْدُها من الصغيرِ ولا الكبيرِ. بل هو من جِلْدِ ثَنِيَّة أَو رَبَاعِية أَو سَدِيسٍ أَو بازِل، وخصّ به أَبو عبيد الحَبْل من اللّيف، أَو هو الحَبْل المَضْفُورُ المُحْكَمُ الفَتْلِ، من جميعِ ذلك، كما تقول:⁣(⁣٤) نَفَضْتُ الشجرةَ نَفْضاً وما نُفِضَ فهو نَفَضٌ. وفي الحديث: «حَرَّمْتُ شَجَرَ المَدينةِ إِلّا مَسَدَ مَحَالَةٍ» المَسَدُ: الحَبْلُ المَفْتُول من نَبَاتٍ أَو لِحَاءِ شَجَرٍ، وقال الزَّجَّاجُ في قوله ø: {فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} جاءَ في التفسير أَنَّهَا سِلْسِلَة طُولُها سَبْعُونَ ذِرَاعاً يُسْلَك بها في النَّارِ، ج مِسَادٌ، بالكسر، وأَمْسَادٌ. وفي التهذيب: هي السِّلْسِلَة التي ذكرها اللهُ ø في كِتابه فقال: {ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً}⁣(⁣٥)، و {حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ}، أَي حَبْلٌ مُسِدَ أَيَّ مَسْدٍ، أَيْ فُتِلَ فَلُوِيَ، أَي أَنَّها تُسْلَك في النارِ، أَي في سِلْسِلَة مَمْسودةٍ⁣(⁣٦) وفُتلتْ من الحديد فَتْلاً مُحْكَماً، كأَنّه قِيل: في جِيدِهَا حَبْلُ حَدِيدٍ قد لُوِيَ لَيًّا شديداً. ومن المَجاز: رَجُلٌ مَمْسُودٌ، إِذا كان مَجْدُول الخَلْقِ، أَي مَمْشُوقاً، كأَنَّه جُدِلَ، أَي فُتِل، وهي بهاءٍ، يقال: جَارِيَةٌ مَمْسُودَةٌ: مَطْوِيّة مَمشوقَةٌ، وامرأَةٌ مَمسودةُ الخَلْقِ، إِذا كانَتْ مُلْتَفَّةَ الخَلْقِ ليس في خَلْقِها اضْطِرَابٌ، وجارِيَةٌ حَسَنَةُ المَسْدِ والعَصْبِ والجَدْلِ والأَرْمِ، وهي مَمْسُودة، ومَعْصوبة، ومَجْدُولة، ومَأْرُومة.

  والمِسَادُ، ككِتَابٍ لغة في المِسْأَب⁣(⁣٧)، كمِنْبَرٍ، وهو نِحْيُ السَّمْن، وسِقَاءُ العَسَلِ، ومنه قولُ أَبي ذُؤَيب:

  غَدَا فِي خَافَةٍ مَعَهُ مِسَادٌ ... فَأَضْحَى يَقْتَرِي مَسَداً بِشِيقِ⁣(⁣٨)

  قال أَبو عمرٍو: المِسَادُ غَيْرُ مَهْموزٍ: الزِّقُّ الأَسْوَد.

  وفي النوادِر: هو أَحْسَنُ مِسَادَ شِعْرٍ مِنْكَ. يُرِيد: أَحْسَنُ قِوَامَ شِعْرٍ.

  * ومما يستدرك عليه:

  المَسَدُ المُغَارُ: الشَّدِيدُ الفَتْلِ⁣(⁣٩).

  وبَطْنٌ مَمْسُودٌ: لَيَّنٌ لَطيفٌ مُسْتَوٍ لا قُبْحَ فيه.

  وساقٌ مَسْدَاءُ: مُستَوِيَةٌ حَسَنَةٌ.

  والمَسَد: مِرْوَدُ البَكَرَةِ الذي تَدُور عليه.

  ومَسَدَه المِضْمارُ: طَوَاه وأَضْمَرَه.

  والمَسِيد، كأَمِيرٍ، لغةٌ في المَسْجِد في لُغَة مِصر، وفي لغة الغَرْبِ هو الكِتَاب، أَشار له شيخنا في س ج د. وفي قول رؤبة:

  يَمْسُدُ أَعْلَى لَحْمِه ويَأْرِمُهْ


(١) الصحاح: إن كنت.

(٢) قال أبو عبيد هو لعقبة الهجيمي.

(٣) الأيانق جمع أينق وأينق جمع ناقة. والأنياب جمع ناب وهي الهرمة.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله: كما تقول الخ عبارة اللسان: وقيل حبل مَسَدٌ أي ممسود قد مُسِدَ أي أجيد فتله مسْداً، فالمسْدُ المصدر، والمَسَد أي بالتحريك بمنزلة الممسود. كما تقول: نفضت الخ»

(٥) سورة الحاقة الآية ٣٢.

(٦) اللسان: ممسود.

(٧) في الصحاح واللسان: «المِسَاب» بدون همز.

(٨) في أشعار الهذليين ١/ ٨٧

تأبط خافة فيها مساب

اراد: مساب مخفف.

وبهامش المطبوعة المصرية: «قوله: خافة: هي خريطة يتقلدها المشتار ليجعل فيها العسل، كذا في اللسان» والعبارة في التهذيب أيضاً.

(٩) جاء في تفسير البيت الذي أنشده ابن الأعرابي:

أقرّ بها لثروة أعوجيٍّ ... سرنداةً لها مَسَدٌ مُغَارُ