تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الدال المهملة

صفحة 258 - الجزء 5

  قال: هو في الاشتقاقِ يخرج عَلَى مَفْعَلٍ ويخرج على فَعَلٍّ، على مثال عَلَدٍّ، ولم يُشَقَّ منه فِعْلٌ.

  والمَعَدُّ: مَوْضِعُ عَقِبِ الفَارِس، وقال اللِّحيانيّ:⁣(⁣١) هو مَوْضِع رِجْلِ الفارِس من الدَّابّة، فلم يَحُضَّ عَقِباً من غيرِها، ومن الرَّجُلِ مثلُه.

  والمَعَدُّ: عِرْقٌ في مَنْسِجِ الفرَسِ. والمَعَدَّانِ مِن الفَرَسِ: ما بَيْن رُؤُوس كَتِفَيْه إِلى مُؤَخَّرِ مَتْنِهِ، قال ابنُ أَحْمَر يُخَاطِبُ امرأَتَه:

  فَإِمَّا زَالَ سَرْجِي عَنْ مَعَدٍّ ... وأَجْدِرْ بِالحَوَادِثِ أَنْ تَكُونَا

  فَلَا تَصِلِي بِمَطْرُوقٍ إِذَا مَا ... سَرَى فِي القَوْمِ أَصْبَحَ مُسْتَكِينَا

  يقول: إِذا زالَ عَنْكِ سَرْجِي فَبِنْتِ بِطَلاقٍ أَو بِمَوْتٍ فلا تَتَزَوَّجِي بعْدِي هذا المطروقَ، وقال ابنُ الأَعرابيّ: معناه إِن عُرِّيَ فَرَسِي مِن سَرْجِي ومِتُّ:

  فَبَكِّي⁣(⁣٢) يَا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ ... مِنَ الفِتْيَانِ لا يُمْسِي بَطِينَا

  وقيل: المَعَدَّانِ من الفرس: ما بَيْنَ أَسْفَلِ الكَتِفِ إِلى مُنْقَطَعِ الأَضلاع، وهما اللَّحْمُ الغَلِيظُ، المُجْتَمع خَلْفَ كَتِفَيْهِ، ويُستَحَبُّ نُتُوءُهُما، لأَن ذلك المَوْضِعَ إِذا ضَاقَ ضَغَطَ القَلْبَ فغَمَّه. كذا في اللسان.

  ومَعَدٌّ: حَيٌّ سُمِّيَ بأَحَدِ هذه الأَشياءِ. ويُؤَنَّثُ، وغَلَب عليه التَّذْكِيرُ، وهو مما لا يُقَال فيه: من بني فُلانٍ، وما كان على هذه الصُّورَةِ فالتذكيرُ فيه أَغْلَب، وقد يكون اسْماً للقبيلةِ، أَنشد سِيبَوَيْهِ:

  ولَسْنَا إِذَا عُدَّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ ... وإِنَّ مَعَدَّ الْيَوْمَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها

  وهو مَعَدِّيٌّ، في النسب، ومنه المثل «تَسْمَع بالمُعَيْدِيّ خَيْرٌ من أَن تَراه». وكان الكسائيّ يَرَى التَّشْدِيدَ في الدال فيقول: المُعَيْدِّيّ، فيقول: إِنما هو تَصْغِير رَجُلٍ مَنسوبٍ إِلى مَعَدٍّ. يُضْرَب مَثلاً لِمَن خَبَرُه خَيْرٌ مِن مَرْآتِه، وكان غيرُ الكسائيّ يُخَفِّف الدالَ ويُشَدِّد ياءَ النِّسبة، وقال ابنُ السِّكّيت: هو تصغير مَعَدِّيّ، إِلّا أَنّه إِذا اجتمعت تَشْدِيدَة الحرف، وتشديدة ياءِ النِّسبة خُفِّفَت ياءُ النِّسْبَة، قال الحافظ: يقال: أَوَّل من قالَه النُّعْمَان لِلصَّقْعَبِ بن زُهَيْرٍ النَّهْدِيّ، وذُكِر المثل والحي في ع د د، فراجعه واسْتَفِد.

  وتَمَعْدَدَ الرجلُ: تَزَيَّا بِزِيِّهِمْ، ومنه حديثُ عُمَر ¥ «اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا»، هكذا رُوِيَ من كلام عُمَر، وقد رَفَعه الطَّبرانيُّ في المُعْجَم عن أَبي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيّ، عن النبيّ ÷، قال بعضُهم: يقال في قوله «تَمَعْدَدُوا»: تَشَبَّهُوا⁣(⁣٣) بِعَيْشِ مَعَدِّ بن عَدْنَان، وكانوا أَهْلَ قَشَفٍ وغِلَظٍ في المَعَاش، يقول: فكُونُوا مِثْلَهم ودَعُوا التَّنْعِيمَ وزِيَّ العَجَمِ، وهكذا هو في حَدِيثِه الآخَرِ عَلَيْكُمْ «بِاللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ»، أَي خُشُونَةِ اللِّبَاس. ويقال: التَّمَعْدُدُ: الصَّبْرُ عَلَى عَيْشِ مَعَدٍّ⁣(⁣٤)، وقيل: التَّمَعْدُد: التَّشظُّفُ، مُرْتَجَلٌ غيرُ مُشْتَقٍّ. وتَمَعْدَدَ: صَارَ فِي مَعَدٍّ.

  وتَمَعْدَدَ المَرِيضُ: بَرَأَ، وتَمَعْدَدَ المَهْزُولُ: أَخَذَ في السِّمَنِ.

  ويُقَال: ذِئْبٌ مِمْعَدٌ، كمِنْبَرٍ، وماعِدٌ، إِذا كان يَجْذِبُ العَدْوَ جَذْباً، قال ذُو الرُّمّة يَذكر صائداً شَبَّهه في سُرْعَته بالذِّئْب:

  كأَنَّمَا أَطْمَارُه إِذَا عَدَا ... جُلِّلْنَ سِرْحَانَ فَلَاةٍ مِمْعَدَا

  * ومما يستدرك عليه:

  تَمَعْدَدَ: غَلُظَ وَسَمِنَ، عن اللّحيانيّ قال:

  رَبَّيْتُه حَتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا

  وهو مَجازٌ، وفي الأَساس: تَمَعْدَدَ الصَّبِيُّ: غَلُظَ وصَلُبَ وذَهَبَ⁣(⁣٥) عنه رُطوبةُ الصِّبَا، قال أَبو عبيد: ومنه الحديث:


(١) في التهذيب: وقال شمر.

(٢) في التهذيب: فبلِّى.

(٣) هذا أحد قولي أبي عبيد في تفسيره. وقوله الآخر: يقال: هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إذا شبّ وغلظ: قد تمعدد قال الراجز:

ربيته حتى إذا تمعددا

وسيرد قول أبي عبيد قريباً.

(٤) زيد في التهذيب واللسان: في الحضر والسفر. وهو قول الليث، وسيرد قريباً.

(٥) الأساس: وذهبت.