فصل الميم مع الدال المهملة
  قال: هو في الاشتقاقِ يخرج عَلَى مَفْعَلٍ ويخرج على فَعَلٍّ، على مثال عَلَدٍّ، ولم يُشَقَّ منه فِعْلٌ.
  والمَعَدُّ: مَوْضِعُ عَقِبِ الفَارِس، وقال اللِّحيانيّ:(١) هو مَوْضِع رِجْلِ الفارِس من الدَّابّة، فلم يَحُضَّ عَقِباً من غيرِها، ومن الرَّجُلِ مثلُه.
  والمَعَدُّ: عِرْقٌ في مَنْسِجِ الفرَسِ. والمَعَدَّانِ مِن الفَرَسِ: ما بَيْن رُؤُوس كَتِفَيْه إِلى مُؤَخَّرِ مَتْنِهِ، قال ابنُ أَحْمَر يُخَاطِبُ امرأَتَه:
  فَإِمَّا زَالَ سَرْجِي عَنْ مَعَدٍّ ... وأَجْدِرْ بِالحَوَادِثِ أَنْ تَكُونَا
  فَلَا تَصِلِي بِمَطْرُوقٍ إِذَا مَا ... سَرَى فِي القَوْمِ أَصْبَحَ مُسْتَكِينَا
  يقول: إِذا زالَ عَنْكِ سَرْجِي فَبِنْتِ بِطَلاقٍ أَو بِمَوْتٍ فلا تَتَزَوَّجِي بعْدِي هذا المطروقَ، وقال ابنُ الأَعرابيّ: معناه إِن عُرِّيَ فَرَسِي مِن سَرْجِي ومِتُّ:
  فَبَكِّي(٢) يَا غَنِيُّ بِأَرْيَحِيٍّ ... مِنَ الفِتْيَانِ لا يُمْسِي بَطِينَا
  وقيل: المَعَدَّانِ من الفرس: ما بَيْنَ أَسْفَلِ الكَتِفِ إِلى مُنْقَطَعِ الأَضلاع، وهما اللَّحْمُ الغَلِيظُ، المُجْتَمع خَلْفَ كَتِفَيْهِ، ويُستَحَبُّ نُتُوءُهُما، لأَن ذلك المَوْضِعَ إِذا ضَاقَ ضَغَطَ القَلْبَ فغَمَّه. كذا في اللسان.
  ومَعَدٌّ: حَيٌّ سُمِّيَ بأَحَدِ هذه الأَشياءِ. ويُؤَنَّثُ، وغَلَب عليه التَّذْكِيرُ، وهو مما لا يُقَال فيه: من بني فُلانٍ، وما كان على هذه الصُّورَةِ فالتذكيرُ فيه أَغْلَب، وقد يكون اسْماً للقبيلةِ، أَنشد سِيبَوَيْهِ:
  ولَسْنَا إِذَا عُدَّ الحَصَى بِأَقَلِّهِ ... وإِنَّ مَعَدَّ الْيَوْمَ مُؤْذٍ ذَلِيلُها
  وهو مَعَدِّيٌّ، في النسب، ومنه المثل «تَسْمَع بالمُعَيْدِيّ خَيْرٌ من أَن تَراه». وكان الكسائيّ يَرَى التَّشْدِيدَ في الدال فيقول: المُعَيْدِّيّ، فيقول: إِنما هو تَصْغِير رَجُلٍ مَنسوبٍ إِلى مَعَدٍّ. يُضْرَب مَثلاً لِمَن خَبَرُه خَيْرٌ مِن مَرْآتِه، وكان غيرُ الكسائيّ يُخَفِّف الدالَ ويُشَدِّد ياءَ النِّسبة، وقال ابنُ السِّكّيت: هو تصغير مَعَدِّيّ، إِلّا أَنّه إِذا اجتمعت تَشْدِيدَة الحرف، وتشديدة ياءِ النِّسبة خُفِّفَت ياءُ النِّسْبَة، قال الحافظ: يقال: أَوَّل من قالَه النُّعْمَان لِلصَّقْعَبِ بن زُهَيْرٍ النَّهْدِيّ، وذُكِر المثل والحي في ع د د، فراجعه واسْتَفِد.
  وتَمَعْدَدَ الرجلُ: تَزَيَّا بِزِيِّهِمْ، ومنه حديثُ عُمَر ¥ «اخْشَوْشِنُوا وتَمَعْدَدُوا»، هكذا رُوِيَ من كلام عُمَر، وقد رَفَعه الطَّبرانيُّ في المُعْجَم عن أَبي حَدْرَدٍ الأَسْلَمِيّ، عن النبيّ ÷، قال بعضُهم: يقال في قوله «تَمَعْدَدُوا»: تَشَبَّهُوا(٣) بِعَيْشِ مَعَدِّ بن عَدْنَان، وكانوا أَهْلَ قَشَفٍ وغِلَظٍ في المَعَاش، يقول: فكُونُوا مِثْلَهم ودَعُوا التَّنْعِيمَ وزِيَّ العَجَمِ، وهكذا هو في حَدِيثِه الآخَرِ عَلَيْكُمْ «بِاللِّبْسَةِ المَعَدِّيَّةِ»، أَي خُشُونَةِ اللِّبَاس. ويقال: التَّمَعْدُدُ: الصَّبْرُ عَلَى عَيْشِ مَعَدٍّ(٤)، وقيل: التَّمَعْدُد: التَّشظُّفُ، مُرْتَجَلٌ غيرُ مُشْتَقٍّ. وتَمَعْدَدَ: صَارَ فِي مَعَدٍّ.
  وتَمَعْدَدَ المَرِيضُ: بَرَأَ، وتَمَعْدَدَ المَهْزُولُ: أَخَذَ في السِّمَنِ.
  ويُقَال: ذِئْبٌ مِمْعَدٌ، كمِنْبَرٍ، وماعِدٌ، إِذا كان يَجْذِبُ العَدْوَ جَذْباً، قال ذُو الرُّمّة يَذكر صائداً شَبَّهه في سُرْعَته بالذِّئْب:
  كأَنَّمَا أَطْمَارُه إِذَا عَدَا ... جُلِّلْنَ سِرْحَانَ فَلَاةٍ مِمْعَدَا
  * ومما يستدرك عليه:
  تَمَعْدَدَ: غَلُظَ وَسَمِنَ، عن اللّحيانيّ قال:
  رَبَّيْتُه حَتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا
  وهو مَجازٌ، وفي الأَساس: تَمَعْدَدَ الصَّبِيُّ: غَلُظَ وصَلُبَ وذَهَبَ(٥) عنه رُطوبةُ الصِّبَا، قال أَبو عبيد: ومنه الحديث:
(١) في التهذيب: وقال شمر.
(٢) في التهذيب: فبلِّى.
(٣) هذا أحد قولي أبي عبيد في تفسيره. وقوله الآخر: يقال: هو من الغلظ، ومنه قيل للغلام إذا شبّ وغلظ: قد تمعدد قال الراجز:
ربيته حتى إذا تمعددا
وسيرد قول أبي عبيد قريباً.
(٤) زيد في التهذيب واللسان: في الحضر والسفر. وهو قول الليث، وسيرد قريباً.
(٥) الأساس: وذهبت.