تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[نحد]:

صفحة 276 - الجزء 5

  ونَدٌّ: حِصْنٌ باليَمَنِ أَظنُّه من عَمَلِ صَنْعَاءَ، قاله ياقوت.

  والنِّدُّ بالكسر: المِثْلُ والنَّظِيرُ، ج أَنْدَادٌ، وظاهِرُه تَرَادُفُ النِّدِّ والمِثْلِ، ونقَلَ شيخُنَا عن القاضِي زكرِيّا عَلَى البيضاوِيّ: نِدُّ الشيْءِ: مُشَارِكُه في الجَوْهَر، ومِثْلُه: مُشارِكُه في أَيِّ شيْءٍ كان. فالنِّدُّ أَخصُّ مُطلقاً، وقال غيره: نِدُّ الشيء: ما يَسُدُّ مَسَدَّه. وفي المصباح: النِّدُّ: المِثْلُ، كالنَّدِيدِ، ولا يكون النِّدُّ إِلا مُخَالِفاً، وجمعُه أَنْدَادٌ، كحِمْل وأَحْمَالٍ، وج النَّدِيد نُدَدَاءُ. والنَّدِيدَةُ مثلُ النَّدِيد، ج نَدائِدُ، قال لَبِيدٌ:

  لِكَيْلَا يَكُونَ السَّنْدَرِيُّ⁣(⁣١) نَدِيدَتِي ... وأَجْعَلَ أَقْوَاماً عُمُوماً عَمَاعِمَا

  وفي كتابه لأُكَيْدِرَ⁣(⁣٢) «وخَلَعَ الأَنْدَادَ والأَصْنَامَ⁣(⁣٣)» قال ابنُ الأَثِير: هو جَمْعُ نِدٍّ، بالكسر، وهو مِثْلُ الشيْءِ الذي يُضَادُّه في أُمورِه ويُنَادُّه، أَي يُخَالِفُه، ويُريد بها ما كانوا يَتَّخذونه {مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً}، تَعَالى اللهُ عن ذلك. وقال الأَخفشُ: النِّدُّ: الضِّدُّ والشِّبْه، وقوله: {أَنْداداً}⁣(⁣٤) أَي أَضْدَاداً وأَشْبَاهاً، ويقال نِدُّ فلانٍ ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه، أَي مِثْلُه وشِبْهُهُ، وقال أَبو الهَيْثم: يقال للرجل إِذا خَالَفَكَ فأَرَدْت وَجْهاً تَذْهَبُ به ونَازَعك في ضِدِّه: فُلَانٌ نِدِّي ونَدِيدِي، للذي يُرِيدُ خِلَافَ الوَجْهِ الذي تُرِيدُ وهو⁣(⁣٥) مُسْتَقِلٌّ من ذلك بِمِثْلِ ما تَسْتَقِلُّ به. قال حَسَّان:

  أَتَهْجُوهُ ولَسْتَ لَهُ بِنِدٍّ ... فَشَرُّكُمَا لِخَيْرِكُمَا الفِدَاءُ

  أَي لَسْتَ له بِمِثْل في شيْءٍ مِن مَعانيه، وهي، وفي بعض النسخ «هو» والأُولَى الصوابُ وهو مأْخوذ من قَوْلِ ابن شُمَيْلٍ قال: يُقَال: فُلانَةُ نِدُّ فُلانَةَ، وخَتَنُها، وتِرْبُها. قال: ولا يُقَال⁣(⁣٦) نِدُّ فُلانٍ ولا خَتَنُ فُلانٍ فَتُشَبِّههَا به.

  ونَدَّدَ به تَنْدِيداً: صَرَّح بِعُيُوبِهِ، يكون في النَّظْمِ والنَّثْر ونَدَّدَ به: أَسْمَعَه القَبِيحَ، قال أَبو زَيدٍ: نَدَّدْت بالرَّجُلِ تَنْدِيداً، وسَمَّعْتُ به تَسْمِيعاً، إِذا أَسْمَعْتَه القَبِيحَ وشَتَمْتَه وشَهَّرْتَه وسَمَّعْتَ به.

  ويقال ليس له نَادٌّ، أَي رِزْقٌ كأَنه يَعْنِي النَّاطِقَ مِن المالِ، إِذ تَقدَّم نَدَّ البَعِيرُ فهو نَادٌّ، وجَمْعُه نِدَادٌ.

  وإِبلٌ نَدَدٌ، مُحَرَّكَةً كرَفَضٍ، اسمٌ للجَميعِ، أَي مُتَفَرِّقَةٌ، وقد أَنَدَّها ونَدَّدَهَا.

  ويقال ذَهَبُوا أَنَاديدَ وتَنَاديدَ وفي بعض النُّسخ بالياءِ التحتيةِ بدل المُثَنَّاة⁣(⁣٧)، إِذا تَفَرَّقُوا في كُلِّ وَجْهٍ وكذلك طَيْرٌ أَنَادِيدُ ويَنَادِيدُ، قال:

  كَأَنَّمَا أَهْلُ حُجْرٍ يَنْظُرُونَ مَتَى ... يَرَوْنَنِي خَارِجاً طَيْرٌ يَنَادِيدُ

  والتَّنَادُّ: التَّفَرُّقُ والتَّنَافُرُ، ومنه سُمِّيَ يوم القيامة يَوْمَ التَّنادِ، لما فيه من الانزِعَاجِ إِلى الحَشْرِ وفي التنزيل: {يَوْمَ التَّنادِ ٣٢ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ}⁣(⁣٨) قال الأَزهريُّ: القُرَّاءُ على تَخْفِيف الدالِ وَقَرَأَ به أَي بالتشديد ابنُ عَبَّاسٍ وجَمَاعَةٌ، وفي التهذيب: وقَرَأَ الضَّحّاكُ وحده «يَوْمَ التّنَادِّ» بالتشديد، قال أَبو الهَيثم: هو من نَدَّ البعيرُ نِدَاداً، إِذا شَرَدَ، قال.

  والدليلُ على صِحَّةِ قِرَاءَةِ مَن قَرَأَ بالتشديدِ⁣(⁣٩) قوله: {يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ} ونقل شيخُنَا عن العناية أَثناءَ سُورَةِ غَافِر أَنه يقال: نَدَا إِذا اجْتَمَع، ومنه النَّادِي ويوم التَّنَادِ، فجَعَلَه على الضِّدِّ مما ذَكَرَه المُصَنِّف. إِذ يكون المَعْنَى على ذلك. يوم الاجْتِمَاعِ لا التَّفَرُّق، وصَوَّبه جَماعَةٌ. انتهى. قلت: وهذا من غرائِبِ التفسيرِ، وقال ابنُ سِيده: وأَما قِرَاءَة من قَرَأَ: {يَوْمَ التَّنادِ} فيجوز أَن يَكُونَ مِن مُحَوَّلِ هذا البابِ فحوَّل للياءِ لِتَعْتَدِلَ رُءُوس الآىِ⁣(⁣١٠).


(١) السندريّ اسم شاعر.

(٢) كذا ضبطت في اللسان، وبهامشه «قوله لأكيدر قال الزرقاني على المواهب: ممنوع من الصرف، وكتب بهامشه في المصباح وتصغير الأكدر أكيدر، وبه سمي، ومنه سمي أكيدر صاحب دومة الجندل.

(٣) ضبطت العبارة عن النهاية، وفي اللسان: وخَلْعِ الاندادِ والأصنامِ.

(٤) وردت في سورة البقرة (٢٢) و (١٦٥) وسورة ابراهيم (٢٠) وسورة سبأ (٢٢) وسورة الزمر (٨) وسورة فصلت (٩).

(٥) عن التهذيب، وبالأصل: «تريدر هو» تحريف، وفي التهذيب يستقل بدل مستقل.

(٦) في التهذيب: ولا يقال: فلانة ندّ فلان.

(٧) وهي رواية اللسان والتكملة والتهذيب.

(٨) سورة غافر الآيتان ٣٢ و ٣٣.

(٩) يعني بتشديد الدال.

(١٠) بهامش المطبوعة المصرية: «قال في اللسان: ويجوز أن يكون من النداء فحذف الياء أيضاً لمثل ذلك ا هـ وهو بقية عبارة ابن سيده المذكورة في الشارح».