[ولد]:
  وحِفْظاً كما يُحْفَظ(١) الطِّفْل، وقيل: أَرادَ بالوَليد مُوسَى، عَلَى نَبِيِّنا وعَلَيْه الصَّلَاةُ والسلامُ. وفي الحديث: «الوَلِيدُ في الجَنَّةِ»، أَي الذي ماتَ وهو طِفْلٌ أَو سِقْطٌ، قال: وقد تُطْلَقُ الوَلِيدَةُ على الجارِيَةِ والأَمَة وإِن كانَتْ كَبيرةً، وفي الحديث: «تَصَدَّقَتْ أُمِّي عَلَيَّ بِوَلِيدَةٍ»(٢) يعني جَارِيَةً. وفي الأساس: من المَجازِ: رأَيْتُ وَلِيداً ووَلِيدَةً، غلاماً وجَارِيَةً اسْتُوصِفَا(٣) قَبْلَ أَن يَحْتَلِمَا، وفي النِّهَايَة والمُحكم والتهذيب: الوَلِيدَةُ: المَوْلُودَة بين العَرَبِ، وغُلامٌ وَلِيدٌ، كذلك، والوَلِيد: الغُلَامُ حين يُسْتَوْصَف قَبل أَنْ يَحْتَلِم، والجَمْعُ وِلْدَانٌ ووِلْدَة، ويقال للأَمةِ وَلِيدَةٌ وإِن كانَتْ مُسِنَّة، قال أَبو الهَيْثَم: الوَلِيد: الشَّابُّ. والوَلائِدُ: الشَّوَابُّ منِ الجَوَارِي، والولِيد: الخادِمُ الشابُّ، يُسَمَّى وَلِيداً مِن حِينِ يُولَد إِلى أَنْ يَبْلُغ، قال: والخَادِمُ إِذا كَان شابًّا وَصِيفٌ، والوَصِيفَةُ وَلِيدَةٌ، وأَمْلَحُ الخَدَمِ الوُصَفَاءُ والوَصَائِفُ، وخادِمُ أَهْلِ الجَنَّةِ وَلِيدٌ أَبَداً، لا يَتَغَيَّر عن سِنِّه، كذا في اللسان.
  وأُمُّ الوَلِيد كُنْيةَ الدَّجَاجَة، عن الصاغانيّ.
  ويقال في المثَل: أَمْرٌ، وفي كتب الأَمْثَال: «هُمْ في أَمْرٍ لا يُنَادَى وَلِيدُه»، يُضْرَب في الخَيْرِ والشَّرِّ، أَي اشْتَغَلُوا به حتَّى لَوْ مَدَّ الوَلِيد يَدَه إِلى أَعَزِّ الأَشْيَاءِ لا يُنَادَى عليهِ زَجْراً، أَي لَم يُزْجَر عَنْه لِكَثْرَةِ الشيْءِ عِنْدهم. قلت: فهو في مَوْضِعِ الكَثْرَةِ والسَّعَةِ، وقال ابنُ السِّكّيت في قول مزَرِّدٍ الثَّعلَبِيّ:
  تَبَرَّأْتُ مِنْ شَتْمِ الرِّجَالِ بِتَوْبَةٍ ... إِلَى اللهِ مِنِّي لَا يُنَادَى وَلِيدُهَا
  قال: هذا مَثَلٌ ضَرَبَه، مَعْنَاه، أَي لَا أُرَاجَعُ(٤) ولا أُكَلَّم فيها، كما لا يُكَلَّم الوِلِيدُ في الشيْءِ الذي يُضْرَب له فيه المَثَلُ، وقال الأَصمعيّ وأَبو عُبَيْدَةَ(٥) في قولهم: هو أَمْرٌ لا يُنَادَى وَلِيدُه. قال أَحدُهما: أَيْ هو أَمْرٌ جَلِيلٌ شدِيدٌ لا يُنَادَى فيه الوَلِيدُ، ولكن يُنَادَى(٦) فيه الجلَّةُ، وقال آخرُ: أَصلُه من الغَارَة، أَي تَذْهَلُ الأُمُّ عنِ ابْنِها أَنْ تُنَادِيَه وتَضُمَّه، ولكِنَّهَا تَهْرُبُ عنه، ويقال: أَصْلُه مِن جَرْيِ الخَيْلِ، لأَن الفَرَس إِذَا كانَ جَوَاداً أَعْطَى مِنْ غَيْرِ أَن يُصاحَ به لِاسْتِزَادَتِه، كما قال النَّابِغَةُ الجَعْدِيُّ يَصِفُ فَرساً:
  وَأَخْرَجَ مِنْ تَحْتِ العَجَاجَةِ صَدْرَهُ ... وَهَزَّ اللِّجَامَ رَأْسُه فَتَصَلْصَلَا
  أَمَامَ هَوِيٍّ لا يُنَادَى وَلِيدُه ... وشَدٍّ وَأَمْرٍ بِالعِنَانِ لِيُرْسَلَا
  ثم قِيل ذلك لكُلّ أَمرٍ عظيمٍ ولكُلِّ شَيْءٍ كثيرٍ، قال ابنُ السّكّيت: ويقال: جاءُوا بطعامٍ لا يُنَادَى وَليدُه. وفي الأَرْض عُشْبٌ لا يُنَادَى وَلِيدُه، أَي إِن كان الوَلِيدُ في ماشِيَةٍ لم يَضُرَّه أَيْنَ صَرَفَهَا لأَنها في عُشْب، فلا يُقَالُ له: اصْرِفْهَا إِلى مَوْضِعِ كذا، لأَن الأَرْضَ كُلَّهَا مُخْصِبَةٌ، وإِن كان طَعَامٌ أَو لَبَنٌ فمعناه أَنه لا يُبَالَي كيْف أَفْسَدَ فيه(٧)، ولا مَتَى شَرِبَ، ولا في أَيِّ نَوَاحِيه أَهْوَى.
  ووَلَدَت المرأَةُ تَلِدُ وِلَاداً ووِلَادَةً، بكسْرِهما، وإِنما أَطْلقَهما اعتماداً على الشُّهْرةِ، ولكن في المِصْباح أَن كَسْرَهما أَفْصَحُ مِن فَتْحِهما، وهذا يَدُلُّ على أَن الفتحَ قَوْلٌ فيهما، وإِلَادَةً، أُبدِلتِ الواوُ همزةً، وهو قِيَاسٌ عند جَمَاعَةٍ في الهَمْزَةِ المَكْسُورة، كإِشَاحٍ وإِكافٍ، قاله شيخُنَا. ولِدَةً ومَوْلِداً كعِدَةً ومَوْعِدٍ، أَمَّا الأَوَّل فهو القياسُ في كُلِّ مِثَالٍ، كما سبق، وأَما الثاني فهو أَيضاً مَقِيسٌ في بابِ المِثَال، وما جاءَ بالفَتْح فهو على خِلافِ القِياسِ كمَوْحَدٍ، وقد سبق البَحْثُ فيه. وفي المحكم: وَلَدَتْه أُمُّه وِلَادَةً وإِلادَةً، على البَدَلِ، ف هي والِدٌ، على النَّسب، ووَالِدَةٌ، على الفِعْل، حكاه ثَعْلَبٌ في المرْأَةِ، وكُلّ حامِلٍ تَلِدُ، ويقال لِأُمِّ الرجُلِ: هذه والِدَةٌ، وفي الحديث: «فأَعْطَى شَاةً وَالِداً»، قال الليث: شَاةٌ وَالِدٌ هي الحامِلُ، وإِنها لَبَيِّنَةُ الوِلَادِ.
  ومعنَى الحديثِ، أَي عُرِفَ منها كَثْرَةُ النِّتَاجِ، كما في النهاية. ومثل ذلك في الصحاح نَقْلاً عن ابنِ السِّكّيت، وزاد في المصباح: والوِلَادُ، بغير هاءٍ، يُسْتَعْمَل في الحَمْلِ، وفي اللسان: وشاةٌ وَالِدَةٌ ووَلُودٌ، الأَخير كصَبُورٍ، وج وُلَّدٌ، بضَمّ فتشديد، كسُكَّر، وهو المَقِيس في
(١) في النهاية: كما يُكلأ الطفل.
(٢) لفظه في النهاية: «تصدّقتُ على أمي بوليدةٍ».
(٣) أهمل ضبطها في الأساس.
(٤) الأصل والتهذيب وفي اللسان: أرجع.
(٥) لأصل واللسان، وفي التهذيب: أبو عبيد.
(٦) التهذيب واللسان: تنادى.
(٧) التهذيب واللسان، وزيد فيهما: ولا متى أكل.