تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

(فصل الواو) مع الدال المهملة

صفحة 328 - الجزء 5

  والمُوَلَّدَة: المُحْدَثَة مِن كُلِّ شيْءٍ، ومنه المُوَلَّدُون من الشُّعراءِ، وإِنما سُمُّوا بذلك لِحُدوثِهِم وقُرْبِ زَمَانِهم، وهو مَجازٌ.

  والمولِّدة بِكَسرِ اللامِ: القابِلَةُ وفي حَدِيث مُسافِعٍ: «حَدَّثَتْنِي امرأَةٌ مِنْ⁣(⁣١) سُلَيْم: أَنَا وَلَّدْتُ عَامَّةَ أَهْلِ دِيارِنَا» أَي كُنْتُ لهم قابِلَةً.

  والوُلُودِيَّةُ، بالضَّم: الصِّغَرُ، عن ابنِ الأَعْرَابِيّ، ويُفْتَح، قال ثعلبٌ الأَصْل الوَلِيدِيَّة، كأَنَّه بَنَاه على لفْظِ الوَلِيدِ، وهي من المصادِر التي لا أَفْعَال لَها. وفي البصائر: يقال فعَل ذلك فِي وُلُودِيَّتِه ووَلُودِيَّتِه، أَي في صِغَره، وفي اللّسَان: فَعلَ ذلك في وَلِيدِيَّتِه، أَي في الحالة التي كان فيها وَلِيداً، وقال ابن بُزُرْج: الوُلُودِيَّة، أَيضاً: الجَفَاءُ، وقِلَّةُ الرِّفْقِ والعِلْمِ بالأُمورِ، وهي الأُمِّيَّة.

  والتَّوْلِيدُ: التَّرْبِيَةُ، ومنه قولُ الله ø لعيسى صلَّى الله عليه وعلى نَبِيِّنَا وسَلَّم: «أَنْتَ نَبِيِّي وأَنَا وَلَّدْتكُ»، أَي رَبَّيْتُك، فقالت النَّصارى وقد حَرَّفَتْهُ في الإِنجيل: أَنت بُنَيِّي وأَنَا وَلدْتُك، وخَفَّفُوه وجَعَلُوه له وَلَداً، تَعالَى الله عن ذلك عُلُواًّ كَبِيراً، هكذا حكاه أَبو عمرٍو عن ثَعْلَبٍ، وأَورده المصَنِّف في البصائر⁣(⁣٢).

  وبنو وِلَادَةَ، ككِتَابَة: بَطْنٌ من العَرَب.

  وسَمَّوْا وَلِيداً ووَلَّاداً، الأَخير ككَتَّانٍ، والمُسَمَّون بالوَلِيدِ، من الصحابَة أَحَد عَشَرَ رَجُلاً، راجِعْه في التَّجْرِيد، ومن التابِعِين ثَلَاثَةٌ وعِشْرُونَ رَجُلاً، راجِعْه في الثِّقَات لابنِ حبَّان.

  ويقال: هذه بَيِّنَةٌ مُوَلَّدَةٌ. إذا كانتْ غَيْر مُحَقَّقةٍ، وكذلك قَوْلُهم: كِتَابٌ مُوَلَّد، أَي مُفْتَعَلٌ، وهو مَجازٌ، وكذا قولُهم: كَلَامٌ مُوَلَّدُ، وحَدِيث مُوَلَّد، أَي ليس من أَصْلِ لُغَتِهِم. وفي اللسان: إِذا اسْتَحْدَثُوه ولم يَكُنْ مِن كلامِهم فيما مَضَى. وقال ابنُ السِّكّيت: ويقال: ما أَدْرِي أَيّ وَلَدِ الرَّجُلِ هُوَ، أَيْ أَيّ الناسِ هو، وأَورده الجَوْهَرِيّ في الصحاح، والمُصنف أَيضاً في البصائر هكذا.

  * ومما يستدرك عليه:

  الوالد: الأَبُ، والوَالِدَة: الأُمُّ، وهما الوَالِدَانِ، أَي تَغليباً، كما هو رَأْيُ الجوهرِيّ وغيرِه، وكلامُ المُصَنِّف فيما تقَدَّم صَرِيحٌ في أَن الأُمّ يقال لها الوَالِدُ، بغيرِ هَاءٍ، على خِلافِ الأَصْل، ووالِدَةٌ، بالهاءِ على الأَصْل، فعَلَى قولِ المُصَنّف، الوَالِدَانِ تحقيقاً ووَلَدُ الرَّجُل وَلَدُه في مَعْنًى، ووَلَدُه رَهْطُه في مَعْنًى، وبه فُسِّر قوله تَعالى: {مالُهُ وَوَلَدُهُ إِلّا خَساراً}⁣(⁣٣).

  وتَوَالَدُوا، أَي كَثُرُوا ووَلَدَ بَعْضُهُم بَعْضاً، وكذا اتَّلَدُوا، واسْتَوْلَد جَارِيَةً. وفي حديثِ الاستِعَاذَة: «ومِن شَرِّ وَالِدٍ وَمَا وَلَدَ» يَعْنِي إِبْلِيسَ والشَّيَاطِينَ، هكذا فُسِّر، وفي البصائرِ: يعْنِي آدَمَ وما وَلَدَ من صِدِّيقٍ ونَبِيٍّ وشَهِيدٍ ومُؤْمِن، وتَوَلُّدُ الشَّيْءِ من الشيْءِ: حُصُوله بِسَببٍ من الأَسباب.

  ورجُلٌ مُوَلَّد، إِذا كان عَرَبِياًّ غيرَ مَحْضٍ.

  والتَّلِيدُ مِن العَبِيد: الذي وُلِد عِنْدَك.

  والتَّلِيدَةُ مِن الجَوَارِي: هي التي تُولَد في مِلْكِ قَوْمٍ وعِنْدَهُم أَبَوَاهَا.

  وفي الأَفعال لابن القطاع: أَوْلَد القَوْمُ: صارُوا في زَمَنِ الأَوْلَاد. وأَوْلَدَت الماشِيَةُ: حان أَن تَلِدَ.

  ومن المَجاز: تَوَلَّدَتِ العَصَبِيَّةُ بَيْنَهم.

  وأَرْضُ البَلْقاءِ تَلِدُ الزَّعْفَرَانَ.

  واللَّيَالِي حُبَالَى لَيْس يُدْرَى ما يَلِدْنَ⁣(⁣٤).

  وصُحْبَةُ فُلانٍ وِلَادَةٌ للخيرِ.

  واستدرك شيخُنَا: وَلَّادَة بِنْت المُسْتَكْفِي الأَدِيبة الشاعِرَ.

  قلت: والوَلِيدُ جَدُّ الحافِظ أَبي الحسن عليّ بن محمّد بن عليّ بن محمّد بن داوود بن الوَلِيد بن عبدِ الله البَزَّار البُخَارِيّ، روَى عن أَبي العَبّاس المُسْتَغْفِرِيّ، وعنه قُتَيْبة بن محمّد العُثْمَانيّ وغيرُه.


(١) في النهاية واللسان: «من بني سُليم، قالت: أنا».

(٢) والعبارة في التهذيب واللسان والتكملة.

(٣) سورة نوح الآية ٢١.

(٤) وفي الأساس: والليل حبلى ليس يُدرى ما تَلِد.