تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كلأ]:

صفحة 237 - الجزء 1

  وكَالأَه مُكالأَةً وكِلَاءً: رَاقَبه.

  وأَكْلأَ بَصَرَهُ في الشَّيْءِ إِذا رَدَّدَهُ فيه مُصَعِّداً ومُصَوِّباً. ومن المجاز: كَلأَ عُمرُهُ أَي انْتهى إِلى حَدِّه، وعبارةُ الأَساس: طال وَتَأَخَّرَ قال:

  تَعفَّفْتُ عَنْهَا فِي العُصُورِ التي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصَابِي بَعْدَ مَا كَلأَ العُمْرُ

  والكَلَأُ كجَبَلٍ، عند العرب يقع على العُشْبُ وهو الرُّطْبُ، وعلى العُرْوَةِ⁣(⁣١) والنَّصِيِّ والصِّلِّيَانِ⁣(⁣٢)، وقيلَ: الكَلأُ مقصورٌ مهموزٌ: ما يُرْعَى، وقيل: الكَلأُ: العُشْبُ رَطْبُه وَيَابسُه⁣(⁣٣) وهو اسمٌ للنَّوْعِ ولا واحد له كَلِئَتِ الأَرْضُ، بالكَسْرِ أَي كَثُرَ الكَلأُ بِهَا كأَكْلأَتْ وكَلأَتْ، وقد تقدّم ذِكرُهما، وذكره في المحلَّيْنِ يُشْعِر بالتغايُرِ، وليس كذلك كَاسْتَكْلَأَتْ صارت ذاتَ كَلإٍ وكَلأَت الناقةُ وأَكلأَتْ: أَكَلَتْهُ أَي الكَلأَ، وذِكْرُ الناقةِ مِثالٌ.

  وأَرْضٌ كلئيةٌ⁣(⁣٤) على النسب ومَكْلأَةٌ كمَزْرَعَة، كلتاهما: كَثِيرَتُهُ أَي الكَلإِ، ويقال فيه أَيضاً مُكْلِئَة، كمُحْسِنة، ذكره الجوهريّ وغيرُه، ويستوي فيه اليابِس والرَّطْبُ، وقيل: الكَلأُ يَجمعُ النَّصِيَّ والصِّلِّيَانَ والحَلَمَةَ والشِّيحَ والعَرْفَجَ وضُرُوبَ العُرَا، وكذلك العُشْبُ والبَقْلُ وما أَشبهها. وأَرضٌ مُكْلِئَةٌ، أَي بالضمّ وهي التي قد شَبع إِبلُها، وما لم يُشْبِع الإِبلَ لم يَعُدُّوه إِعشاباً ولا إِكلاءً وإِن شَبعت الغَنمُ⁣(⁣٥). قال غيره: الكَلأُ: البَقْلُ والشَّجَر، وفي الحديث «لا يُمْنَعُ فَضْلُ المَاءِ لِيُمْنَعَ بِه الكَلأُ» وفي روايةٍ «فَضْل الكَلإِ» معناه أَن البئرَ تَكون في البادِيَة، ويكون قريباً منها كَلأٌ، فإِذا وَرَدَ عليها وارِدٌ فَغَلَبَ على مَائِها ومَنَع مَنْ يأْتي بَعْدَه من الاسْتقاءِ منها فهو بِمَنْعِه الماءَ مَانِعٌ من الكلإِ، لأَنه متى وَرَد رَجُلٌ بِإِبِلِه فأَرْعَاها ذلك الكَلأَ ثمَّ لمْ يَسْقِها قَتَلها العَطَشُ، فالذي يَمْنَعُ ماءَ البِئْرِ يَمْنَعُ النَّباتَ القريبَ منه.

  الكَالِئُ والكُلْأَةُ، بالضَّمِّ: النَّسِيئَةُ والعَرَبُونُ أَي السُّلْفَة قال الشاعر:

  وعَيْنُه كَالكالِئِ المِضْمَارِ⁣(⁣٦)

  أَي كالنَّسِيئَة التي لا تُرْجَى، وما أَعطيتَ في الطعامِ نسيئَةً من الدراهمِ فهو الكُلْأَةُ، بالضمّ، وفي الحديث نَهَى عن الكَالِئِ بالكالِئِ

  يَعني النَّسِيئَة بالنَّسِيئَة، وكان الأَصمعيُّ لا يَهْمِز ويُنْشِد لِعَبِيد بنِ الأَبرصِ:

  وَإِذَا تُبَاشِرُكَ الهُمُو ... مُ فَإِنَّها كَالٍ وَنَاجِزْ

  أَي مِنها نَسِيئَةٌ ومنها نَقْدٌ وقال أَبو عبيدة⁣(⁣٧): تكَلَّأْتُ كُلْأَةً وَكَلَّأْتُ تَكْلِيئاً استنسأْتُ نَسِيئَةً، أَي أَخَذْتُه، والنَّسيئَة: التأْخيرُ، وكذلك استكْلأْتُ كُلْأَةً، بالضم، وجمعه كَوَالِئُ، قال أُميَّةُ الهُذليُّ:

  أُسَلِّي الهُمُومَ بِأَمْثَالِهَا ... وَأَطْوِي البِلَادَ وَأَقْضِي الكَوَالِي

  أَراد الكوالئَ، فإِما أَن يكون أَبدل، وإِما أَن يكون سَكَّنَ ثم خَفَّف تخفيفاً قِياسيًّا.

  وأَكْلَأَ في الطعام وغيرِه إِكلاءً، وكَلأَ تَكْلِيئاً: أَسْلَفَ وأَسْلَمَ، أَنشد ابنُ الأَعرابيّ:

  فَمَنْ يُحْسِنْ إِلَيْهِمْ لَا يُكَلِّئ ... إِلَى جَازٍ بذَاك ولَا كَرِيمِ

  وفي التهذيب: ولا شَكُورِ وأَكْلأَ عُمُرَه ( *): أَنْهَاهُ⁣(⁣٨) وَبَلَغَ الله بك أَكْلأَ العُمرِ، أَي أَقصاه وآخِرَه وأَبْعَدَه، وهما من المجاز وكان الأَصْمعي لا يهمزه.

  واكْتَلأَ كُلْأَةً وتَكَلَّأَهَا أَي تَسَلَّمَهَا، وكَلأَ القَوْمَ: كَانَ لهم رَبِيئَةً، ويقال: عَيْنٌ كَلُوءٌ، وناقَةٌ كَلُوءُ العَيْنِ وَرجُلٌ كَلُوءُ العَيْنِ أَي شَدِيدُهَا لا يَغْلِبُها النَّوْمُ وفي بعض النسخ


(١) زيد في اللسان: والشجر.

(٢) زيد في اللسان: الطيب، كل ذلك من الكلإِ.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «... فقول المصنف العشب رطبه ويابسه فيه ما فيه».

(٤) في الصحاح: «كلئة». وفي القاموس: «كليئة».

(٥) هذا قول النضر - كما في اللسان.

(٦) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله المضمار هكذا بخطه والذي في الصحاح واللسان الضمار، قال صاحب اللسان: والضمار خلاف العيان» وهو ما ورد في مادة «ضمر» ومادة «كلأ» في اللسان، أما في الصحاح «المضمار» والصواب «الضمار».

(٧) كذا بالأصل واللسان، وفي الصحاح: أبو عبيد.

(*) وبنسخة أخرى: [العمر].

(٨) في القاموس: وأكلأ القمر.