تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[كمأ]:

صفحة 239 - الجزء 1

  فَمَنْ يُحْسِنْ إِلَيْهِمْ لَا يُكَلِّئ

  ويقال: كَلَّأتُ في أَمرِك تَكْلِيئاً، أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه وكَلأَ فيه أَي فُلانٍ: نَظَرَ إِليه مُتَأَمِّلاً فأَعْجَبَه حُسْنُه، قال أَبو وَجْزة:

  فَإِنْ تَبَدَّلْتَ أَوْ كَلَّأتَ فِي رَجُلٍ ... فَلَا يَغُرَّنْكَ ذُو أَلْفَيْنِ مَغْمُورُ

  أَراد بِذي أَلْفَيْنِ مَنْ له أَلْفانِ مِن المال، وسَبَقَ الإِيماءُ إِلى أَنه من المجاز نقلاً عن الأَساس.

  [كمأ]: الكَمْءُ: نَبَات م ينفض⁣(⁣١) الأَرضَ فيَخْرجُ كما يَخرُج الفُطْرُ، وقيل: هو شَحْمُ الأَرْضِ، والعرب تُسمّيه: جُدَرِيّ الأَرضِ، وقال الطيبي: شيءُ أَبْيَضُ مِن شَحْمٍ يَنْبُتُ من الأَرض، يقال له شَحْمُ الأَرضِ ج أَكْمُؤٌ كفَلْسٍ وأَفْلُسٍ وَكَمْأَةٌ كَتَمْرَةٍ وقال ابنُ سيده: هذا قولُ أَهلِ اللغةِ وقال أَبو عمرو: لا نَظِيرَ له غيرُ رَاجلٍ ورَجْلَة، وسيأْتي في ر ج ل، أَو هي اسمٌ للجَمْع ليست بجمع كَمْءٍ، لأَن فَعْلَة ليس مِمّا يُكَسَّر عليه، فَعْلٌ قاله سِيبويهِ، فلا يُلْتَفت إِلى ما قاله شيخُنا: كلامٌ لا مَعْنَى له، وحكى ثعلب: كَمَاةٌ كَقَنَاةٍ، قال شيخُنا: وفيه تَسَمُّحٌ أَو هي أَي الكَمْأَةُ للواحِدِ، والكمْءُ للجَمْع قاله أَبو خَيْرَة، ونقله عنه صاحبُ التَّمْهِيد، وقال مُنْتَجِعٌ: كَمْءٌ للواحِدِ وكَمْأَةٌ للجمع، فمَرَّ رُؤْبةُ فسأَلاه فقال: كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع، كما قال مُنتَجِعٌ. ومثله مَنقولٌ عن أَبي الهَيْثَمِ⁣(⁣٢) قال الجوهريُّ: على غيرِ قِياسٍ، وهوَ من النوادِر، فإِن القياسَ العَكْسُ أَوْ هِي تَكونُ واحِدَةً وَجمْعاً حُكِي ذلك عن أَبي زيدٍ، وقال أَبو حنيفة: كَمْأَةٌ واحدةٌ، وكَمْأَتَانِ وكَمْآتٌ. وفي المشوف واللسان: الصَّحيحُ من ذلك كلِّه ما ذَكره سِيبويهِ، وحكى شَمِرٌ عن ابنِ الأَعرابيّ: يُجْمَع كَمْءٌ أَكْمُؤاً، وجمعُ الجَمْعِ كَمْأَةٌ. وفي الصحاح: تقول: هذا كَمْءٌ، وهذان كَمْآنِ وهؤُلاءِ أَكْمُؤٌ ثلاثةٌ، فإِذا كَثُرَتْ فهي الكَمْأَةُ، وقيل: الكَمْأَةُ: هي التي إِلى الغُبْرَة والسَّوَادِ، والجَبْأَةُ إِلى الحُمْرَةِ. وفي الحديث: الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ، ومَاؤُهَا شِفَاءٌ للعين» قيل إِنه مِن المَنِّ حَقِيقَةً، وقيل: مِمَّا مَنَّ الله على عِبادِه بإِنعامه. وقال النَّوَوي في شرح مُسْلِم: شُبِّهَتْ بِه في حُصولِه بلا كُلْفَةٍ ولا عِلاجٍ ولا زَرْعِ بَذْرٍ. قال الكِرمانِي: وماؤُها يُربى به الكُحْل والتَّوتِيَا، نقله شيخنا.

  والمَكْمَأَةُ بفتح الميم والمَكْمُؤَةُ، بضمها: مَوْضِعُه أَي الكَمْءِ وأَكْمَأَ المَكَانُ إِذا كَثُرَ بهِ وأَكمأَتِ الأَرضُ فهي مُكْمِئَة كمُحْسِنة: كَثُرْت كَمْأَتُها. وأَرض مَكْمُوءَةٌ: كَثِيرَةُ الكَمْأَة.

  وأَكمأَ القَوْمَ: أَطْعَمَهُم إِيَّاهُ أَي الكَمْءَ كَكَمَأَهُمْ كَمْأً ثُلاثِيًّا، والأَوّل عن أَبي حنيفة.

  والكَمَّاءُ، كَكَتَّانِ: بَيَّاعُهُ وجَانِيهِ لِلبَيْعِ أَيضا، أَنشد أَبو حنيفة:

  لَقَدْ سَاءَنِي وَالنَّاسُ لَا يَعْلَمُونَهُ ... عَرَازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيمُ

  وحُكِيَ عن شَمرِ: سَمِعْتُ أَعرابيًّا يقول: بنو فُلانٍ يَقْتُلونَ الكَمَّاءَ والضَّعِيفَ.

  وَكَمِئَ الرجلُ كَفَرِحَ يَكْمَأُ كَمَأً، مهموزٌ حَفِيَ بحاء مهملةٍ من الحَفَاء وعَلَيْهِ نَعْلٌ كذا في النُّسخ، وعبارة الجوهريّ: ولم تكن عليه نَعْلٌ، ومثله في اللسان⁣(⁣٣)، فما أَدري من أَين أخذه المصنّف، وقيل: الكَمَأُ في الرَّجُلِ كالقَسَطِ⁣(⁣٤) ورجلٌ كَمِئٌ قال:

  أَنْشُدُ بِاللهِ مِنَ النَّعْلَيْنِيَهْ ... نِشْدَةَ شَيْخٍ كَمِئِ الرِّجْلَيْنِيَهْ

  وقيل كَمِئَتْ رِجْلُه بالكَسْرِ: تَشَقَّقَتْ، عن ثعلب، والظاهر أَن ذِكْر الرِّجْلِ مِثالٌ، فقد قال الزمخشري في الأَساس: ومن المجاز: كَمِئَتْ يدُه ورِجْله من البَرْد⁣(⁣٥) انتهى أَي تشقَّقَتْ. وكَمَأَتْ بالفتح، كذا في نُسْخة الأَساس، ولعله غَلَطٌ من الكاتب، والصحيحُ كَفَرِحَتْ، كما تقدَّم والعجَبُ من شيخنا لم يُنَبِّه عليه ولا على ما تَقدَّم في «كلأَ»


(١) في اللسان: يُنَقِّضُ.

(٢) ذكر صاحب اللسان قول أبي الهيثم: يقال كمءٌ للواحد وجمعه كمأة، ولا يجمع شيء على فعلة إلا كمءٌ وكمأة ورجل ورجلة.

(٣) اللسان: ولم يكن له نعل.

(٤) بهامش المطبوعة المصرية: قوله «كالقسط» في الصحاح والقسط بالتحريك انتصاب في رجلي الدابة وذلك عيب لأنه يستحب فيها الانحناء والتوتير».

(٥) بهامش المطبوعة المصرية: «قوله من البرد» وفي الأساس زيادة والعمل.