تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بتر]:

صفحة 45 - الجزء 6

  ø {إِنَّ شانِئَكَ} يا محمدُ {هُوَ الْأَبْتَرُ}، أَي المُنْقطِعُ عنه كلُّ خَيرٍ، وهذا نقلَه الصاغانيُّ.

  وفي حديث ابنِ عَبّاسٍ قال: لمّا قَدِمَ ابنُ الأَشْرفِ مكةَ قالتْ له قريشٌ: أَنتَ حَبْرُ أَهل المدينةِ وسَيِّدُهم؟ قال: نعم، قالوا: أَلَا تَرى هذا الصُّنَيْبِرَ الأُبَيْتِرَ مِن قومِه، يزعمُ أَنّه خيرٌ منّا، ونحن أَهْلُ الحَجِيجِ وأَهلُ السِّدانةِ وأَهلُ السِّقايةِ، قال: أَنتم خيرٌ منه⁣(⁣١)، فأُنزِلَتْ: {إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}، وأُنْزِلتْ: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً}⁣(⁣٢).

  قال ابنُ الأَثِير: الْأَبْتَرُ: المُنْبَتِرُ الذي لا وَلَدَ له. قيل: لم يكن يومئذٍ وُلِدَ له، قال: وفيه نَظَرٌ؛ لأَنَّه وُلِدَ قبلَ البَعْثِ والوَحْي، إِلّا أَن يكونَ أَراد لم يَعِشْ له وَلَدٌ ذَكَرٌ.

  والأَبْتَرُ: الخاسِرُ.

  والأَبْتَرُ: ما لا عُرْوَةَ له من المَزَادِ والدِّلاءِ.

  والأَبْتَرُ: كلُّ أَمْرٍ مُنقطِعٍ من الخَيْرِ أَثَرُه، وفي الحديث: «كلُّ أَمْرٍ ذِي بالٍ لا يُبْدَأُ فيه بحَمْدِ اللهِ فهو أَبْتَرُ» أَي أَقْطَعُ.

  والأَبْتَرُ: العيْرُ، والعَبْدُ، وهما الأَبْتَرانِ؛ سُمِّيَا أَبْتَرَيْنِ لِقِلَّة خيرِهما، ونقلَه الجوهريُّ عن ابنِ السِّكِّيت. ومن سَجَعَات الأَساس: لَيْتَه أَعارَنا أَبْتَرَيْهِ، وما هم إِلّا كالحُمُرِ البُتْرِ⁣(⁣٣) والأَبْتَرُ: لَقَبُ المُغِيرَةِ بنِ سَعْدٍ، والبُتْرِيَّةُ من الزَّيْدِيَّةِ بالضَّمّ تُنْسَبُ إِليه وضبطَه الحافظُ بالفَتْح.

  وأَبْتَرَ الرَّجلُ: أَعْطَى، ومَنَعَ، نقلَهما ابنُ الأَعرابيِّ، ضِدُّ.

  وأَبْتَرَ، إِذا صَلَّى الضُّحَى حينَ تُقَضِّبُ الشَّمْسُ، أَي يَمتدُّ شُعَاعُها ويَخْرُج كالقُضْبانِ، كذا في التَّهْذِيب، وفي حديثِ عليٍّ، كَرَّم الله وَجهه، وسُئلَ عن صلاةِ الأَضْحى أَو الضُّحَى فقال: «حِينَ تَبْهَرُ البُتَيْرَاءُ الأَرضَ» أَراد: حين تَنْبسِطُ الشمسُ على وَجْهِ الأَرضِ وتَرتَفِعُ.

  وأَبْتَرَ الرَّجلُ: صلَّى الضُّحَى، مِن ذلك، كذا في النِّهاية.

  وأَبْتَرَ الله الرَّجُلَ: جَعَلَه أَبْتَرَ مَقْطُوعَ العَقِبِ.

  والأُبَاتِرُ، كعُلابِطٍ: القَصِيرُ؛ كَأَنَّه بُتِرَ عن التَّمَامِ.

  وقيل: هو مَن لا نَسْلَ له.

  والأُبَاتِرُ أَيضاً: مَنْ يَبْتُرُ - كيَنْصُرُ - رَحِمَه ويَقطعُها، كالباتِر، كما في الأَساس، قال عُبَادَةُ بنُ طَهْفَة⁣(⁣٤) المازِنيُّ يهجُو أَبا حِصْنٍ السُّلَمِيّ:

  شَدِيدُ إِكاءِ البَطْنِ ضَبُّ ضَغِينَةٍ ... علَى قَطْعِ ذي القُرْبَى أَحَذُّ أُباتِرُ

  وفَسَّره ابنُ الأَعْرَابيِّ، فقال: أَي يُسرعُ في بَتْرِ ما بينَه وبينَ صَدِيقهِ.

  والبَتْرَاءُ: الحُجَّةُ الماضِيةُ⁣(⁣٥) النّافِذَةُ، عن ثعلبٍ، ووَهِمَ شيخُنَا حيثُ فَسَّره بالحَدِيدَةِ، قال: وتَجْرِى على لسان العامَّةِ فيُطلِقُونها على السِّكِّين القَصِيرةِ، ويقال: ضَرْباءُ بَتْرَاءُ.

  والبَتْراءُ: ع بقُربِه مسجدٌ لرسولِ الله ÷ بطريقِ تَبُوكَ مِن ذَنَبِ الكَواكبِ، ذَكَره ابنُ إِسحاق.

  والبَتْرَاءُ من الخُطَبِ: ما لم يُذْكَر اسمُ الله فيه، ولم يُصَلَّ على النّبيِّ ÷، ومنه خَطَبَ زيادٌ خُطبتَه البَتْراءَ.

  وفي الأَساس: طَلَعَتِ البُتَيْرَاءُ: الشَّمْسُ أَوّلَ النهارِ⁣(⁣٦)، قبلَ أَن يَقْوَى ضَوْؤهَا ويَغْلِبَ؛ وكأَنَّهَا سُمِّيَتْ به مُصَغَّرةً لتَقاصُرِ شُعَاعِها عن بُلُوغِ تَمامِ الإِضاءَةِ والإِشراقِ وقِلَّتِه.

  وتَقَدَّم حديثُ عليٍّ وفيه الشّاهِدُ، وذكَره الهَرَوِيُّ والخَطّابِيُّ والسُّهَيْلِيُّ في الرَّوْض.

  والانْبِتَارُ: الانْقِطاعُ، يقال: بَتَرَه بَتْراً فانْبَتَر وتَبَتَّرَ.

  والانْبتارُ: العَدْوُ.


(١) انظر لفظه في النهاية.

(٢) سورة النساء الآية ٥١.

(٣) بهامش المطبوعة المصرية: «وقوله ومن سجعات الاساس الخ ليس هذا من السجعات كما لا يخفى، وإنما التسجيع بين قوله: الحمر والبتر، وقد قدم في الاساس جملة، وما هم الخ على ما قبلها.

(٤) ضبط اسمه عن اللسان.

(٥) سقطت من الأصل، واستدركت عن القاموس.

(٦) في الاساس: طلعت البتيراء وهي الشمس في أول النهار.