تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

فصل الميم مع الهمزة

صفحة 249 - الجزء 1

  قالوا: مراةٌ⁣(⁣١) ثم خُفِّف على هذا اللفظِ، وأَلحقوا أَلِفَ الوَصْل في المُؤَنَّث أَيضاً فقالوا: امْرَأَة، فإِذا عَرَّفُوها قالوا المَرْأَة وقَدْ حكى أَبُو عَلِيٍّ الامْرَأَة أَيضاً بدخول ال على امرأَةٍ المَقْرونِ بهمزة الوصل من أَوَّله أَنكرها أَكثرُ شُرَّاح الفَصيح، ومن أَثبتها حَكم بأَنها ضَعِيفةٌ، وزاد ابنُ عُدَيس: وامْرَاة، بأَلف غير مهموزة بعد الراء، نقله اللَّبْلِيُّ وغيرُه، قاله شيخُنا، وقال الليث: امْرَأَةٌ تأْنِيث امْرِئٍ، وقال ابنُ الأَنباري: الأَلف في امرأَةٍ وامْرِئٍ أَلِفُ وَصْلٍ. قال: وللعرب في المرأَةِ ثَلاثُ لُغَاتٍ، يقال: هي امْرَأَتُه، وهي مَرْأَتُه، وهي مَرَتُه، وحكى ابنُ الأَعرابيّ: أَنه يقال للمرأَة إِنَّها لَامْرُؤُ⁣(⁣٢) صِدْق، كالرجل، قال: وهذا نادِر، وفي حديث عَلِيّ ¥ لمّا تَزَوَّج فاطمةَ &، قال له يَهودِيٌّ أَراد أَن يَبتاع منه ثِياباً: لقد تَزَوَّجْتَ امْرَأَةً. يريد امرأَةً كامِلَةً، كما يُقال: فُلانٌ رَجُلٌ، أَي كامِلٌ في الرّجال.

  وفي امْرِئٍ مع أَلِف الوَصْلِ ثَلاثُ لُغات: فَتْحُ الراء دائماً على كلّ حال، كإِصْبَعٍ ودِرْهَمٍ رَفْعاً ونَصْباً وجَرًّا، حكاها الفراءُ وضَمُّها دائِماً على كلّ حال، وإِعرابُها دائماً على كلِّ حال، أَي إِتباعها حَركة الإِعرابِ في الحَرْف الأَخير، قاله شيخنا وتقول: هذا امْرُؤٌ ومَرْءٌ بالإِتباع فيهما، الأَولى بالأَلف، والثانية بحذف هَمْزِه ورأَيْتُ امْرَأً ومَرْأً، ومررت بامْرِئٍ وبِمَرْءٍ، مُعْرَباً مِنْ مَكَانَيْنِ أَي العين واللام بالنسبة إِلى امْرُإِ الذي أَوَّله همزة وصل، أَو الفاء واللام بالنسبة إِلى مَرْء المُجرّد منها، قال الكسائيّ والفرَّاءُ: امرُؤٌ مُعْرَب من الرَّاءَ والهمزة، وإِنما أُعْربتْ⁣(⁣٣) مِن مكانينِ، والإِعرابُ الواحدُ يَكفي من الإِعرابَيْنِ لأَن آخِره هَمْزةٌ، والهمزة قد تُتْرَك في كثيرٍ من الكلام. فكَرِهوا أَن يَفْتحوا الراءَ وَيَتْركوا الهمزة فيَقولوا⁣(⁣٤) امْرَوْ، فتكون الرّاءُ مفتوحةً والواوُ ساكنةً، فلا تكون في الكلمة علامةٌ للرفع، فعَرَّبوه مِن الراء، ليكونوا إِذا تَرَكوا الهَمْزَ آمِنينَ مِن سُقوط الإِعراب. قال الفَرَّاء: ومن العرب مَن يُعْرِبه من الهمزِ وحْدَه ويَدَعُ الرَّاءَ مَفتوحةً فيقول: قامَ امْرَأٌ وَضَرَبْتُ امْرَأً وَمررت بِامْرَإٍ. وقال أَبو بكر: فإِذا أَسقَطت العربُ من امرئ الأَلِفَ فَلَها في تَعرِيبه مَذهبانِ: أَحدُهما التعريبُ مِن مكانين، والآخرُ التعريبُ مِن مكانٍ واحِدٍ، فإِذا عَرَّبُوه مِن مكانين قالوا: قام مُرْؤٌ، وَرأَيْتُ مَرْأً وَمَررت بِمِرْءٍ، قال⁣(⁣٥): وترك القُزازُ تعريبِه⁣(⁣٥) مِن مكانٍ واحدٍ، قال الله تعالى {يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ}⁣(⁣٦) على فَتح الميم.

  ومَرَأَ الإِنسانُ وفي بعض النسخ زيادة كمَنَع: طَعِمَ يقال: مالَك لا تَمْرَأُ؟ أَي مالَكَ لا تَطْعَم، وقد مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ، والمَرْءُ: الإِطعامُ على بِنَاءِ دَارٍ أَو تَزْوِيجٍ.

  وَمَرَأَ: اسْتَمْرَأَ. في قولِ ابنِ الأَعرابيّ ومَرَأَ: جَامَعَ امرأَته، وتقول مَرَأْتُ المَرْأَةَ: نَكَحْتُها.

  ومَرِئَ الطعامَ كَفَرِحَ استمرأَه، عن أَبي زيد.

  ومَرِئَ الرجلُ - ورَجِلَتِ المرأَةُ - صار كَالْمَرْأَة، هَيْئَةً وحديثاً أَي كلاماً وبالعكس، وفي بعض النسخ: أَو حديثاً، وهو المُخَنَّث خِلْقَةً أَو تَصَنُّعاً، والنِّسْبة إِلى امْرِئٍ مَرَائِيٌّ بِفَتح الراء، ومنه المَرَائِيُّ الشاعر⁣(⁣٧)، وأَما الذين قالوا مَرَئِيّ فكَأَنهم أَضافوا إِلى مَرْءٍ، فكان قِياسُه على ذلك مَرْئِيّ، ولكنه نادِرٌ مَعدولُ النَّسَبِ، قال ذو الرُّمَّة:

  إِذَا المَرَئِيُّ شَبَّ له بَنَاتٌ ... عَقَدْنَ بِرَأْسِه إِبَةً وعَارَا

  وقد أَغفله المُؤَلف، وتعرَّض شيخُنا لنِسبة امْرِئ، وغَفَل عن نِسبة مَرْءٍ تقصيراً، وقد أَوْضَحنا لك النّسبتين.

  ومَرْآةُ وهو فَعْلَاة مِن مَرَأَ: اسْمٌ لِقَرْيَةِ مَأْرِب كانت ببلاد الأَزْد، وهي التي أَخرجهم منها سَيْلُ العَرِم.

  ومَرْأَة كَحَمْزَةَ: ة أُخرى، وقد قيل إِنه منها هِشَامٌ المَرَئِيُّ وفيها يقولُ ذو الرُّمة:


(١) في الكلام سقط، نستدركه عن اللسان كما يقتضيه السياق: «وذلك قليل، ونظيره كماة». قال الفارسي: وليس بمطرد كأنهم توهموا حركة الهمزة على الراء، فبقي مرأةً.

(٢) عن اللسان، وبالأصل: لامرأ.

(٣) اللسان: أعرب.

(٤) اللسان: فيقولون.

(٥) في اللسان: قال: ونزل القرآن بتعريبه.

(٦) سورة الأنفال الآية ٢٤.

(٧) في الصحاح: والنسبة إلى امرئٍ مرئي بفتح الراء ومنه المرئي الشاعر. وكذلك النسبة إلى امرئ القيس إن شئت امرئيٌّ.