تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بدر]:

صفحة 64 - الجزء 6

  وعن ابن الأَعرابِيِّ: البَدْرُ: القَمَرُ المُمْتَلِيُّ، وإِنما سُمِّيَ بَدْراً لأَنه يُبَادِرُ بالغُرُوب طُلُوع الشَّمْسِ، وفي المُحْكَم: لأَنه يُبَادِرُ بطُلُوعه غُروب الشَّمْسِ، لأَنهما يَتَرَاقَبَانِ في الأُفق صُبْحاً، وقال الجوهريُّ: سُمِّيَ بَدْراً لمُبَادَرَتِه الشَّمسَ بالطُّلوع، كأَنَّه يُعَجِّلها المَغِيبَ، وسُمِّيَ بَدْراً لتَمامِه، وسُمِّيَتْ لَيْلَةَ البَدْرِ؛ لتَمامِ قَمَرِهَا، وجَمْعُه بُدُور، كالبَادِرِ، كما في اللِّسَان، ولا عِبْرَةَ بإِنكار شيخِنا له، وفي البَصائر للمصنِّف: والبَدْرُ، قِيل⁣(⁣١) سُمِّي به لمُبَادَرَتِه الشَّمسَ بالطُّلوع، وقيل: لامتلائِه؛ تشبيهاً بالبَدْرَة، فعلى ما قِيلَ يكون مصدراً في معنى الفاعلِ⁣(⁣١). قال الرّاغب: الأَقربُ عندي أَن يُجعَل البَدرُ أَصلاً في الباب، ثم تُعتَبَرُ معانِيه التي تَظْهَرُ منه، فيُقال تارةً: بَدَرَ كذا، أَي طَلَعَ طلوعَ البَدْرِ، ويُعْتَبَرُ امتلاؤُه تارةً، فيُشَبَّه البَدْرَة به.

  والبَدْرُ: السَّيِّد، يقال: هو بَدْرُ القومِ، أَي سيِّدُهم، على التشبِيهِ بالبَدْر، قال ابنُ أَحمرَ:

  وقد نَضْرِبُ البَدْرَ اللَّجُوجَ بكَفِّه ... عليه ونُعْطِي رَغْبَةَ المُتَوَدِّدِ

  ويُرْوَى البَدْءَ.

  والبَدْر: الغُلامُ المُبادِرُ. وغلامٌ بَدْرٌ: مُمْتَلِئُ شباباً ولَحْماً، قاله الزَّجّاجُ، وفي حديث جابرٍ: «كُنَّا لا نَبِيعُ الثَّمَرَ حتى يَبْدُرَ»، أَي يَبْلُغَ. يقال: بَدَرَ الغُلامُ، إِذا تَمَّ واستدارَ؛ تَشبيهاً بالبَدْر في تَمامِه وكَمَالِه.

  وقيل: إِذا احْمَرَّ البُسْرُ يقال له: قد أَبْدَر.

  ومن المَجَاز في الحديثِ عن جابرٍ: «أَنَّ النبيَّ ÷ أُتِيَ ببَدْرٍ فيه خَضِراتٌ من البُقُول».

  قال ابن وَهْبٍ، يَعْنِي بالبَدْرِ الطَّبَق؛ شُبِّهَ بالبَدْرِ لاسْتدارَتِه. قال الأَزهَريُّ: وهو صحيحٌ، قال: وأَحْسَبُه سُمِّيَ بَدْراً؛ لأَنه مُدَوَّرٌ.

  وبَدْرٌ: ع بين الحَرَمَيْن الشَّرِيفَيْن، أَسفلَ وادِي الصَّفْراءِ، وهو إِلى المدينة أَقربُ، يقال: هو منها على ثمانية وعشرِين فَرْسَخاً، وبينه وبين الجارِ وهو ساحِلُ البحرِ ليلةٌ، معرفةٌ ويُذكَّر. أَو اسمُ بئرٍ هناك حَفَرها رجلٌ من غِفَار، اسمُه بدر بنُ يَخْلُدَ بنِ النَّضْر بنِ كِنانةَ، قاله الزُّبَيْرُ بنُ بَكّار عن عمِّه، وحَكَى عن غير عَمِّه أَنه بَدْرُ بنُ قُرَيش بنِ يَخْلُدَ بنِ النّضْر بنِ كِنانةَ، وقيل: بدرٌ رجلٌ مِن بَنِي ضَمْرَةَ سَكَن ذلك الموْضعَ فنُسِبَ إِليه، ثم غَلَبَ اسمُه عليه. وفي المعجَم: ويقال له بَدْرُ القِتَال، وبَدْرُ المَوْعِدِ، وبَدْرٌ الأُولَى والثانيةُ، وقيل: إِنما سُمِّيَتْ بدراً لاستدارتِها أَو لصَفاءِ مائها. وحكى الواقديُّ إِنكارَ ذلك عن شُيُوخ غِفَار، وقالوا: ماؤُنا ومنازلُنا لم يَملكْها أَحدٌ، وإِنما بَدْرٌ عَلَمٌ عليها كغيرها من البلاد. وأَخرج ابنُ أَبي شَيْبَةَ، وعبدُ بن حُمَيْد، وابنُ جَرِير، وابنُ المُنْذِر، وابنُ أَبي حاتم، عن الشَّعْبِيِّ، قال: كانت بَدرٌ بِئْراً لرجل من جُهَيْنَةَ، فسُمِّيت به، وأَخرج ابنُ جَرِيرٍ عن الضَّحّاك، قال: بَدْرٌ: ماءٌ عن يمينِ طريق مكّةَ، بين مكّةَ والمدينةِ. قال شيخُنَا: وأَنشدنا غيرُ واحدٍ للصَّلاح الصَّفَدِيِّ:

  أَتينا إِلى البَدْرِ المُنِيرِ مُحمَّدٍ ... نُجِدُّ السُّرَي حتَّى نَزَلْنَا على بَدْرِ

  فهذا بَدِيعٌ ليس في اللِّفْظِ مثلُه ... وهذا جِنَاسٌ ليس في النَّظْمِ والنَّثْر

  وبَدْرٌ: مِخْلافٌ باليَمن، ذَكَرَه البَكْرِيُّ وياقوتٌ في معجمَيهما⁣(⁣٢).

  وبَدْرٌ: جَبَلٌ لباهِلَةَ بنِ أَعْصُر، وهناك أَرْمَامٌ: الجبلُ المعروفُ.

  وبَدْرٌ: جبلٌ آخرُ قُرْبَ الوارِدَةِ، عن يسارِ طريقِ مكّةَ وأَنت قاصِدُها.

  وبَدْرٌ: ع بالباديةِ، وفي بعضِ النُّسَخ: باليَمَامَةِ، قال الشّاعرُ:

  فقلتُ وقد جعلنَ بِرَاقَ بَدْرٍ⁣(⁣٣) ... يميناً والعُنَابَةَ عن شِمَالِ

  وبَدْرٌ: جبلٌ ببلادِ معاويةَ بنِ حَفْصٍ، هكذا في النُّسَخ، والصَّوابُ: معاوية بن كَعْب بنِ ربيعةَ بنِ عامرِ بنِ صَعْصَعَةَ، وهما جَبلانِ، ويُقال لهما بَدْرَانِ.


(١) كذا بالأصل، وهي عبارة الراغب في المفردات.

(٢) بالأصل «معجمهما» خطأ.

(٣) البيت في معجم البلدان (براق بدر) ونسب إلى كثير. وبالأصل: فقلت وقد جعلت ... يميناً بالغباية» وما أثبت عن ياقوت.