تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بذعر]:

صفحة 68 - الجزء 6

  بالكَيْفِيَّة ومواقعِها، والإِسرافُ تَجاوزٌ في الكَمِّيَّة، وهو جَهْلٌ بمَقاديرِ الحُقُوقِ، وقد تعرَّضَ لبيانِ ذلك الشِّهَابُ في العِناية أَثناءَ الإِسراءِ.

  والبَذَارَّةُ، بالفَتْح، وقد تُخَفَّفُ الرّاءُ، كلاهما عن اللِّحْيَانيَّ، وعن أَبي عَمْرٍو: البَيْذَرَةُ والنَّبْذَرَةُ، الأَخِيرَةُ بالنُّون: التَّبْذيرُ وتَفْرِيقُ المالِ في غير حقَّه.

  والمُبَذِّرُ: المُسْرِفُ في النَّفَقة.

  باذَرَ وبَذَّرَ مُباذَرَةً وتَبْذِيراً، وفي حديث وَقْفِ عُمَرَ ¥: «ولِوَلِيَّه أَنْ يأْكُلَ منه غيرَ مُبَاذِر»، أَي غيرَ مُسْرِفٍ.

  وَرَجُلٌ بَيْذَارةٌ: يُبَذِّرُ مالَه، وكذلك رَجُلٌ بَذِرٌ، وَصَفَتِ امرأَةٌ زَوجَهَا فقالت: لا سَمْحٌ بَذِر، ولا بَخِيلٌ حَكِر.

  وبَذَّرُ، كبَقَّم: بِئرٌ بمكّةَ لبَنِي عبدِ الدّارِ. وذكر أَبو عُبَيْدَةَ في كتاب الآبارِ: وحَفَرَ هاشمُ بنُ عبدِ مَنافٍ بَذَّرَ، وهي البئرُ التي عند خَطْمِ الخَنْدَمَةِ⁣(⁣١)، على فَمِ شِعْب أَبي طالب، وقال حين حَفَرها:

  أَنبطتُ بَذَّرَ بماءٍ قَلّاسْ ... جَعَلْتُ ماءَهَا بلَاغاً للنّاسْ

  قالوا: هو من التَّبذِير وهو التَّفْرِيق، فلعل ماءَها كان يَخرج متفرِّقاً من غيرِ مكانٍ واحد. قاله شيخُنا: وهو نصُّ عبارةِ المُعْجَمِ. قال الأَزْهَرِيّ: ومثلُ بَذَّر خَضَّم، وعَثَّر، وبَقَّم: شجرة، قال⁣(⁣٢): ولا مِثلَ لها في كلامهم. قلتُ: وزاد غيرُه: وشَلَّم وكَتَّم، وزاد ياقوتُ⁣(⁣٣): خَوَّد وحَطَّم، قال كُثَيِّرُ عَزَّةَ:

  سَقَى اللهُ أَمْواهاً عَرَفْت مكانَها ... جُرَاباً ومَلْكُوماً وبَذَّرَ والغَمْرَا

  وهذه كلُّها آبارٌ بمكَّةَ. قال ابن بَرِّيّ: هذه كلُّهَا أَسماءُ مِيَاهٍ، بدَلِيل إِبْدالِها مِن قولِه أَمْوَاهاً، ودَعَا بالسُّقْيَا لِلأَمواهِ، وهو يُريدُ أَهْلَهَا النّازِلين بها، اتِّساعاً ومَجازاً. وعن الأَصْمَعِيِّ: تَبذَّرَ الماءُ إِذا تَغيَّرَ واصْفَرَّ، وأَنشدَ لابنِ مُقْبِلٍ:

  قُلُباً مُبَلِّيَة جَوائِزَ عَرْشِها ... تَنْفِي بآجِنِ مُتَبذِّرِ

  قال: المُتَبَذِّر: المتغيِّر الأَصفر.

  والمسْتَبْذِر: المُسْرِعُ الماضِي، قال المُتَنَخِّل يصفُ سحاباً:

  مُسْتَبْذِراً يَرْغَبُ قُدَّامَه ... يَرْمِي بِعُمِّ السَّمُرِ الأَطْوَلِ

  وفسَّره السُّكَّرِيُّ، فقال: مُسْتبْذِر: يُفرِّق الماءَ.

  * وممّا يستدرَك عليه:

  رجل هُذَرَةٌ بُذَرَةٌ: كثيرُ الكلامِ، ذَكَرَه ابنُ دُريْد.

  ولو بَذَّرْتَ فلاناً لوَجَدْتَه رَجُلاً، أَي لو جَرَّبتَه. هذه عن أَبي حَنِيفَةَ، وزاد في الأَساس بعد قولِه: لو جَرَّبتَه: وقَسَّمْتَ أَحوالَه، وهو مَجاز.

  وكاملُ بنُ أَحمدَ الباذرائيُّ، وقاضِي القُضَاةِ نَجمُ الدِّين عبدُ اللهِ بنُ الحَسَنِ الباذرائيُّ: مُحَدِّثان.

  وَبَيْذَر، كَحَيْدَر، اسمٌ عن ابن دُرَيْد⁣(⁣٤).

  وبَذْرَمان، وَبَذْرَشِين، بالفتح فيهما؛ قَريتانِ بمصر.

  [بذعر]: ابْذعَرُّوا: تَفرّقُوا وفي حديث عائشةَ: «ابذعرَّ النِّفاقُ»، أَي تفرَّقَ وتَبَدَّدَ.

  وابْذعَرُّوا: فَرُّوا وجَفَلُّوا.

  وابْذَعَرَّتِ الخَيْلُ وابْثَغَرَّتْ، إِذا رَكَضَتْ تُبادِرُ شيئاً تَطْلُبُه، قال زُفَرُ بْنُ الحارِثِ:

  فَلَا أَفْلَحَتْ قَيْسٌ ولا عَزَّ ناصِرٌ ... لها بعدَ يومِ المَرْجِ حينَ ابْذَعَرَّتِ

  قال الأَزهريُّ: وأَنشدَ أَبو عُبَيْد:

  فطارَتْ شِلَالاً وابْذَعَرَّتْ كأَنَّهَا ... عِصَابَةُ سَبْيٍ خافَ أَنْ يُتَقَسَّمَا


(١) عن معجم البلدان، وبالأصل «حطم الحندمة».

(٢) في التهذيب: وليس لها نظائر.

(٣) في معجم البلدان: بذّر بوزن فعَّل وهو وزن عزيز لم تستعمل العرب منه في الأسماء إلا عشرة ألفاظ وهي: بذّر - وبقّم وشلّم وعثّر وخضّم وخوّد وشمّر ونطّح (ثمانية فقط وردت فيه).

(٤) الجمهرة ٣/ ٣٥٥ وفي التكملة: بيذر على فيعل.