تاج العروس من جواهر القاموس،

مرتضى الزبيدي (المتوفى: 1205 هـ)

[بشر]:

صفحة 85 - الجزء 6

  أبْشِرْ بِخَيْرٍ، بقَطْع الأَلفِ، وبَشِرْتُ بكذا - بالكسر - أَبْشَرُ، أَي اسْتَبْشَرْتُ به.

  وفي حديثِ تَوْبَةِ كَعْبٍ: «فأَعْطَيْتُه ثَوْبِي بُشَارةً»، قال ابنُ الأَثِير: البُشَارةُ، بالضمِّ: ما يُعْطَى البَشِيرُ، كالعُمَالَةِ للعاملِ، وبالكسر، الاسْمُ؛ لأَنها تُظْهِرُ طَلَاقَةَ الإِنسانِ.

  وهم يَتَبَاشَرُون بذلك الأَمرِ، أَي يُبَشِّرُ بعضُهُم بعضاً.

  وقولُه تعالى: {يا بُشْرَايَ هذا غُلامٌ}⁣(⁣١) كقولك: عَصَايَ، وتقولُ في التَّثْنِيَةِ: يا بُشْرَيَيَّ⁣(⁣٢).

  والبِشَارَةُ المُطْلَقَةُ لا تكونُ إِلّا بالخَيْر، وإِنّمَا تكونُ بالشَّرِّ إِذا كانت مُقَيَّدَةً، كقوله تعالَى: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ}⁣(⁣٣) والتِّبْشِيرُ يكونُ بالخيرِ والشَّرِّ، كقولِه تعالَى {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ} وقد يكونُ هذا على قولِهم: تَحيَّتُكَ الضَّرْبُ، وعِتابُكَ السَّيْفُ.

  وقال الفَخْرُ الرّازِيُّ أَثناءَ تفسيرِ قولِه تعالَى: {وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى}⁣(⁣٤): التَّبْشِيرُ في عُرْفِ اللُّغَة مُختصٌّ بالخَبَرِ الذي يُفيدُ السُّرُورَ، إِلّا أَنه بِحَسَبِ أَصْلِ اللُّغَةِ عبارةٌ عن الخَبَرِ الذي يُؤَثِّر⁣(⁣٥) في البَشَرةِ تَغَيُّراً، وهذا يكونُ للحُزْن أَيضاً⁣(⁣٥)، فوَجَبَ أَن يكونَ لفظُ التَّبْشِيرِ حقيقةً في القِسْمَيْن.

  وفي المِصْباح: بَشِرَ بكذا كفَرِحَ وَزْناً ومعنًى، وهو الاستبشارُ أَيضاً. ويَتعدَّى بالحركةِ فيقال: بَشَرْتُه⁣(⁣٦) وأَبْشَرْتُه، كنَصرْتُه في لُغَةِ تهامةَ وما وَالاها، والتَّعْدِيَةُ بالتَّثْقِيل لغةُ عامَّةِ العربِ، وقرأَ السَّبْعَةَ باللُّغَتَيْن⁣(⁣٧). والفاعِلُ من المخفَّف بَشِيرٌ، ويكون البَشِيرُ في الخَيْرِ أَكثرَ منه في الشَّرِّ.

  والبِشَارةُ، بالكسر، والضمُّ لغةٌ، وإِذا أُطلِقتْ اختَصَّتْ بالخَيْرِ، وفي الأَساس: وتَتَابَعَتِ البِشَارَاتُ والبَشَائِرُ.

  والبَشَارَةُ بالفَتْح: الجَمَالُ والحُسْنُ، قال الأَعْشَى:

  ورَأَتْ بأَنَّ الشَّيْبَ جا ... نَبَه البَشَاشَةُ والبَشَارَهْ

  ويقال: هو أَبْشَرُ منه، أَي أَحْسَنُ وأَجْمَلُ وأَسْمَنُ، وفي الحديث: «ما مِن رَجُلٍ له إِبِلٌ وبَقَرٌ لا يُؤَدِّي حَقَّهَا، إِلّا بُطِحَ لها يومَ القِيَامَةِ بقَاع قَرْقَرٍ، كأَكْثَرِ مَا كَانَتْ، وأَبْشَرِه» أَي أَحْسَنِه، ويُرْوَى: «وآشَرِه»؛ من النّشاط⁣(⁣٨) والبَطَر.

  والبِشْرُ، بالكسر: الطَّلاقَةُ والبَشَاشَةُ، يقال: بَشَرَنِي فلانٌ بوَجهٍ حَسَنٍ، أَي لَقِيَنِي وهو حَسَنُ البِشْرِ، أَي طَلْقُ الوَجْهِ.

  والبِشْرُ: ع: وقيل: جَبَلٌ بالجَزِيرة في عَيْنِ الفُراتِ الغَربيِّ، وله يَومٌ، وفيه يقول الأَخطلُ:

  لقد أَوْقَعَ الجَحَّافُ بالبِشْرِ وَقْعَةً ... إِلى اللهِ منها المُشْتَكَى والمُعَوَّلُ

  وتَفصيله في كتاب البلاذريّ.

  وقيل: ماءٌ لِتَغْلِبَ بنِ وائلٍ، قال الشاعر:

  فلَنْ تَشْرَبِي إِلَّا بِرَنْقٍ ولَنْ تَرَيْ ... سَوَاماً وحَيًّا في القُصَيْبَةِ فالبِشْرِ

  أَو البِشْرُ: اسمُ وادٍ يُنْبِتُ أَحْرَارَ البُقُولِ وذُكُورَهَا.

  والمُسَمَّى ببِشْر سبعةٌ وعشرون صَحابيَّا، وهم: بِشْرُ بنُ البَرَاءِ الخَزْرَجِيُّ، وبِشْرٌ الثَّقَفِيُّ، ويقال: بَشِير؛ وبِشْرُ بنُ الحارث الأَوْسِيُّ، وبِشْرُ بنُ الحارث القُرَشِيّ، وبِشْرُ بن حَنْظَلَةَ الجُعْفِيّ، وبِشْرٌ أَبو خليفةَ، وبِشْرٌ أَبو رافعٍ⁣(⁣٩)، وبِشْرُ بنُ سُحَيْمٍ الغِفَاريُّ، وبِشْرُ بنُ صُحَار، وبِشْرُ بنُ عاصمٍ الثَّقَفِيُّ، وبِشْرُ⁣(⁣١٠) بنُ عبد الله الأَنصاريُّ، وبِشْرُ بنُ عَبْدٍ، نَزَلَ البصرة، وبِشْرُ بنُ عُرْفَطَةَ الجُهَنيُّ، وبِشْرُ بن


(١) سورة يوسف الآية ١٩

(٢) في الصحاح: يا بُشْرَتِيَّ.

(٣) سورة آل عمران الآية ٢١.

(٤) سورة النحل الآية ٥٨.

(٥) عبارة الرازي في التفسير الكبير ٢٠/ ٥٤ الذي يؤثر في تغير بشرة الوجه، ومعلوم أن السرور كما يوجب تغير البشرة فكذلك الحزن يوجبه.

(٦) في المصباح: فيقال: بشرته أبْشُرُه بَشْراً من باب قتل في لغة تهامة ...

(٧) بهامش المصباح: قال ابن مجاهد: قرأ ابن كثير وأبو عمر: «يبشرك» في كل القرآن مشدداً إلا في الشورى: {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ} فإنهما قرآ بضم الشين مخففاً، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم «يُبَشِّرُكَ» مشدداً في جميع القرآن. وقرأ حمزة «يبشر» مما لم يقع خفيفاً في كل القرآن إلا قوله: «فَبِمَ تُبَشِّرُونَ» الحجر: ٥٤ وقرأ الكسائي: «ويبشر» مخففة في خمسة مواضع: آل عمران وفي الإسراء والكهف وفي الشورى.

(٨) الأصل واللسان وبهامشه: «... والأحسن من الأشر وهو النشاط».

(٩) في أسد الغابة: بشر أبو رافع وقيل بشير وقيل بسر.

(١٠) قال أبو عمر: بشير. كما في أسد الغابة.